فتَنْقَلِبُ أَلِفُها هاءً نحو : مَهْما على الأَصحِّ مِن القَوْلَيْن ، وقد يُسْتَعْمل للظَّرْف نحو :
مهما تُصِبْ أفقاً من بارقٍ تشمِ (١)
الثَّالِثُ : الاسْتِفْهامُ ، نحو قولِ الشَّاعرِ :
مَهْما لِيَ اللَّيْلَةَ مَهْما لِيَهْ |
|
أَوْدَى بنَعْلَيَّ وسِرْبالِيَه (٢) |
قال ابنُ فارِس : قالوا هي ما التي للاسْتِفْهامِ أُبْدِلَتْ أَلِفُها هاءً كما ذُكِرَ آنِفاً ، وقالوا مَعْناهُ أَي اكْفُفْ ، ثم قالَ مالِيَ اللَّيْلَةَ.
[متى] مَتَى : وتُضَمُّ ، واقْتَصَرَ الجَوْهرِي وغيرُهُ على الفَتْح.
وقَضَى ابنُ سِيدَه عليها بالياءِ قال : لأنَّ بعضَهم حَكَى الإمالَةَ فيها مع أنَّ أَلَفها لامٌ ، قال : وانْقِلابُ الألِفِ عن الياءِ لاماً أَكْثَر.
وقال ابنُ الأنْبارِي : مَتَى حَرْفُ اسْتِفْهامٍ يُكْتَبُ بالياءِ.
وقال الفرَّاء : ويَجوزُ أنْ يُكْتَبَ بالألِفِ لأنَّا لا نَعْرفُ فيها فِعْلاً.
قال الجَوْهرِي : مَتَى ظَرْفٌ غيرُ مُتَمَكِّن وهو سُؤالٌ عن زَمانٍ كقولهِ تعالى : مَتى نَصْرُ اللهِ (٣) ، أَي في أَيِّ زَمانٍ ؛ ويُجازَى به.
وفي التّهْذِيبِ : مَتَى مِن حُرُوفِ المَعاني ولَها وُجُوهٌ شَتَّى : أَحَدُها : أنَّه سُؤالٌ عن وَقْتِ فِعْلٍ فُعِلَ أَو يُفْعَلُ كقولِكَ : مَتَى فَعَلْتَ ومَتَى تَفْعَلُ ، أَي في أَيِّ وَقْتٍ ، والعربُ تُجازِي بها كما تُجازِي بأيِّ فَتَجْزِمُ الفِعْلَيْن تقولُ : مَتَى تأْتِني آتِكَ ، وكَذلكَ إذا أَدْخلْت عليها ما كقولِكَ : مَتَى ما يأْتِني أَخُوكَ أُرْضِه.
وفي المُحْكم : مَتَى كلمةُ اسْتِفْهامٍ عن وقْتِ أَمْرٍ ، وهو اسْمٌ مُغْنٍ عن الكَلامِ الكَثيرِ المُتناهِي في البُعْدِ والطُّولِ ، وذلكَ أنَّك إذا قلْت مَتَى تَقُومُ أَغْناكَ ذلكَ عن ذِكْرِ الأَزْمِنَةِ على بُعْدها.
وفي المِصْباح : مَتَى ظَرْفٌ يكونُ اسْتِفْهاماً عن زَمَانٍ فُعِلَ فيه أَو يُفْعَل ، ويُسْتَعْمل في المُمْكِنِ فيقالُ مَتَى القِتالُ ، أَي مَتَى زَمانه لا في المُحَقَّقِ فلا يقالُ : مَتَى طَلَعَتِ الشمسُ ، وتكونُ شَرْطاً فلا تَقْتِضي التَّكْرارَ لأنَّه واقِعٌ مَوْقِع إنْ وهي لا تَقْتَضِيهِ ، أَو يقالُ : مَتَى ظَرفٌ لا يَقْتَضِي التِّكْرارَ في الاسْتِفْهامِ فلا يَقْتَضِيه في الشَّرْطِ قِياساً عليه ، وبه صرَّحَ الفرَّاءُ وغيرُهُ فقالوا : إذا قال مَتَى دَخَلْت الدَّارَ كان كذا ، فمعْناهُ أَي وقْتٍ ، وهو على مرَّةٍ ، وفرَّقُوا بَيْنه وبينَ كلَّما ، فقالوا : كلّما تَقَعُ على الفِعْلِ والفِعْل جائِزٌ تِكْرَاره ، ومَتَى تَقَعُ على الزَّمانِ والزَّمانُ لا يَقْبَل التِّكْرارَ فإذا قال كلّما دَخَلْت فمعْناه كلُّ دَخْلةٍ دَخَلْتها.
وقال بعضُ العلماءِ : إذا وَقَعَتْ مَتَى في اليَمِين كانتْ للتِّكْرارِ فقوله : مَتَى دَخَلْت بمنْزَلةِ كلَّما دَخَلْت ، والسماعُ لا يُساعِدُه. وقال بعضُ النُّحاةِ : إذا زِيدَ عليها ما كانتْ للتِّكْرارِ ، فإذا قالَ : مَتَا ما سأْلَتَني أَجَبْتُكَ ، وَجَبَ الجَوابُ ولو أَلْف مَرَّة ، وهو ضَعِيفٌ لأنَّ الزائِدَ لا يُفِيدُ غَيْر التَّأْكِيد ؛ وهو عنْدَ بعضِ النَّحاةِ لا يُغَيِّرُ ، المعنى ويقول : قولُهم إنَّما زَيْدٌ قائِمٌ بمنْزِلَةِ أنّ الشّأْن زَيْدٌ قائِمٌ فهو يَحْتَمِلُ العُمُومَ كما يَحْتَمِله إنَّ زيْداً قائِمٌ وعنْدَ الأكْثَرين يَنْقُلُ المَعْنى مِن احْتِمالِ العُمُومِ إلى مَعْنى الحَصْر ، فإذا قيل : إنَّما زَيْدٌ قائِمٌ ، فالمَعْنى لا قائِم إلَّا زَيْد (٤) ، قال : وإذا وَقَعَتْ شَرْطاً كانتْ للحالِ في النَّفْي ، وللحالِ والاسْتِقْبالِ في الإثْباتِ ، انتَهَى.
قال الأصْمعي : وقد تكونُ مَتَى بمعْنَى مِن في لغةَ هُذَيْل ، يقولون أَخْرَجَها مَتَى كُمِّهْ ، أَي مِن كُمِّهْ ؛ وأَنْشَدَ الأصْمعي لأبي ذُؤَيْب :
__________________
(١) البيت لساعدة بن جؤية الهذلي ، شعره في ديوان الهذليين ١ / ١٩٨ وصدره :
قد أوبيتْ كل ماءٍ فهي ضاويةٌ
(٢) البيت لعمرو بن ملقط ، وهو من شواهد القاموس والشاهد ٦١٨ في المغني.
(٣) سورة البقرة ، الآية ٢١٤.
(٤) كذا بالأصل والمصباح وكتب مصححه : هذا مخالف للمعنى المتفق عليه لهذا الأسلوب فإن معناه المتفق عليه : ما زيد إلا قائم.