مَفْتوحَة ، وقالوا : الذالُ وَحْدُها هي الاسْمُ المُشارُ إليه ، وهو اسمٌ مُبْهمٌ لا يُعرَف ما هو حتى يُفَسِّره ما بعْدَه كقولك : ذَا الرَّجُلُ ، وذا الفرسُ.
وتُزادُ لاماً للتَّأْكيدِ فيُقالُ : ذلِكَ ، والكافُ للخِطابِ ؛ وفيها دَليلٌ على أنَّ المُشارَ إليه : بَعِيدٌ ، ولا مَوْضِع لَها مِن الإعْرابِ. وقولهُ تعالى : (ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ) (١) ، قال الزجَّاج : مَعْناه هذا الكِتابُ.
* قُلْت : وقال غيرُه إنَّما قالَ ذلكَ لبُعْدِ مَنْزلتِه في الشَّرَفِ والتّعْظيمِ.
أَو هَمْزاً (٢) فيُقالُ : ذائِكَ ، هذه الهَمْزةُ بدلٌ من اللامِ ، وكِلاهُما زائِدتَانِ ويُصَغَّرُ فيُقالُ : ذَيَّاكَ ، هو تَصْغيرُ ذاكَ ، وأَمَّا تَصْغيرُ ذلِكَ : ذَيَّالِكَ ؛ وأَنْشَدَ الجَوْهرِي لبعضِ الرجَّاز :
أَو تَحْلِفي بِرَبِّكِ العَلِيِّ |
|
أنِّي أَبو ذَيَّالِكَ الصَّبِيِّ (٣) |
قُلْت : هو لبعضِ العَرَبِ وقَدِمَ من سَفَرِه فوجَدَ امْرأَتَه قد وَلَدَتْ غُلاماً فأنْكَره فقالَ لها :
لَتَقْعُدِنَّ مَقْعَدَ القَصِيِّ |
|
مِنِّي ذا القاذُورَةِ المَقْلِيِّ |
أَو تَحْلِفي برِبِّكِ العَلِيِّ |
|
أنِّي أَبو ذَيَّالِكَ الصَّبِيِّ |
قدْ رابَني بالنَّظَر الركيِّ (٤) |
|
ومُقْلةٍ كمُقْلَةِ الكُرْكِيِّ |
فقالت :
لا والذي رَدَّكَ يا صَفِيِّ |
|
ما مَسَّنِي بَعْدَكَ مِن إنْسِيِّ |
غيرِ غُلامٍ واحدٍ قَيْسِيِّ |
|
بَعْدَ امرَأَيْنِ مِنْ بَني عَدِيِّ |
وآخَرَيْنِ مِنْ بَني بَلِيِّ |
|
وخَمْسة كانوا على الطَّوِيِّ |
وسِتَّةٍ جاؤُوا مع العَشِيِّ |
|
وغيرِ تُرْكِيٍّ وبَصْرَوِيِّ |
وقد تَدْخُلُ ها التَّنْبِيه على ذا فتقولُ : هذا زَيْدٌ ، فها حَرْفُ تَنْبيهٍ ، وذا : اسْمُ المُشارِ إليه ، وزيْدٌ هو الخَبَرُ.
وذِي ، بالكسْر ، وإنْ وَقفْتَ عليه قُلْتَ : ذِهْ بهاءٍ مَوْقُوفَةٍ ، وهي بدلٌ مِن الياءِ وليسَتْ للتّأْنِيثِ وإنَّما هي صِلَةٌ ، كما أَبْدلُوا في هُنَيَّةٍ فقالوا هُنَيْهة ، وكِلاهُما للمُؤَنَّثِ ، تقولُ : ذِي أَمَةُ الله ، وذِهْ أَمَةُ الله ؛ وأَنْشَدَ المبرِّدُ :
أَمِنْ زَيْنَبَ ذِي النارُ |
|
قُبَيْلَ الصُّبْحِ ما تَخْبُو |
إذا ما خَمَدَتْ يُلْقى |
|
عَلَيها المَنْدَلُ الرَّطْبُ (٥) |
قال ثَعْلَب : ذِي مَعْناهُ ذِهْ ، ولا تَدْخُلُ الكافُ على ذِي للمُؤَنَّثِ ، وإنَّما تُدْخَلُها على تا ، تقولُ : تِيكَ وتِلْكَ ولا تَقُلْ ذِيكَ ، فإنَّه خَطَأٌ.
* وممَّا يُسْتدركُ عليه :
تَصْغِيرُ ذَا ذَيَّا ، لأنَّك تَقْلِبُ أَلفَ ذَا ياءَ لمَكانِ الياءِ قَبْلها فتُدْغِمُها في الثانيةِ وتُزِيدُ في آخرِه أَلِفاً لِتَفْرُقَ بينَ تَصْغير المُبْهَم والمُعْرَب ، وذَيَّان في التَّثْنيةِ ، وتَصْغيرُ هذا هَذَيَّا ، ولا يُصَغَّرُ ذِي للمُؤَنَّثِ وإنَّما يُصَغَّرُ تا ، وقد اكْتفُوا به ، وإن ثَّنيْتَ ، ذَا قلْتَ ذانِ لأنَّه لا يصحُّ اجْتِماعُهما لسكونِهما فتَسْقُط إحْدَى الألِفَيْن ، فمَنْ أَسَقَطَ أَلفَ ذَا قرَأَ : إنَّ هذَيْنِ لَساحِرانِ (٦) فأَعْرَبَ ، ومَنْ أَسْقَط أَلِفَ
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية ٢.
(٢) في القاموس : هَمْزَةً.
(٣) اللسان والصحاح.
(٤) في اللسان : التركي.
(٥) البيتان لعمر بن أبي ربيعة ، ديوانه ط بيروت ص ٣٣ برواية :
لمن نار قبيل الصب |
|
ح عند البيت ما تخبو |
إذا ما أوقدت يلقى |
|
عليها المندل الرطب |
وفي الكالم للمبرد ٣ / ١٠٢١ واللسان والتهذيب.
(٦) سورة طه ، الآية ٦٣.