* وممَّا يُسْتدركُ عليه :
[أما] : أَما بالتَّخْفيفِ مِن حُروف التَّنْبِيه ولا تَدْخُل إِلَّا على الجُمْلةِ كألا. تقولُ أَما إنَّك خارِجٌ ؛ ومنه قولُ الشاعرِ :
أَما والذي أَبْكَى وأضْحَكَ والذي |
|
أَماتَ وأَحْيَى والذي أَمْره الأَمْرُ |
لقد تَرَكْتني أَحْسِد الوحش أنْ أَرَى |
|
أليفَيْنِ منها لا يروعُهما الذّعْرُ (١) |
وقد تبدلُ الهَمْزة هاءً وعَيْناً فيُقالُ : هما والله وعما والله.
وأَمَّا ، بالتّشْديدِ (٢) : وقد تقدَّمَ الكَلامُ عليهما في حرفِ المِيم.
[أَنَّى] : أَنَّى ، كحَتَّى : تكونُ بمعْنَى أيْنَ ، تقولُ : أنَّى لكَ هذا ، أَي مِن أَيْنَ لكَ هذا ؛ ومنه قوله تعالى : (أَنّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) (٣) ؛ وقوله تعالى : (يا مَرْيَمُ أَنّى لَكِ هذا) (٤) ؛ وقد جَمَعَهُما الشاعرُ تأكيداً فقال :
أنّى ومِن أَيْنَ آتكَ الطَّرَبُ
وبمعْنَى مَتَى ، ومنه قوله تعالى : (قُلْتُمْ أَنّى) (٥) (هذا) ، أَي مَتَى هذا ؛ نقلَهُ الأزْهري.
وبمعْنَى كَيْفَ ، تقولُ : أَنَّى لكَ أَنْ تَفْتَحَ الحِصْنَ ، أَي كيْفَ لكَ ذلكَ ؛ نقلَهُ الجَوْهرِي.
وقال اللّيْثُ في قولِ عَلْقمة :
ومُطْعَمُ الغُنْمِ يَوْمَ الغُنْمِ مُطْعَمُهُ |
|
أَنَّى تَوَجَّه والمَحْرُومُ مَحْرومُ (٦) |
أَرادَ أَيْنَما تَوَجَّه وكَيْفَما تَوَجَّه.
قال الجَوْهرِي : وَهي مِن الظُّروفِ التي يُجازَى بها ، تقولُ : أَنَّى تأْتِنِي آتِكَ ، مَعْناه مِنْ أَيِّ جهَةٍ تأْتِنِي آتِكَ.
وقال ابنُ الأنْبارِي : قرأَ بعضُهم أَنَّى صَبَبْنا الماءَ صَبّاً (٧) بفَتْحِ الهَمْزةِ ، قالَ : مَنْ قَرأَ بهذه القراءَةِ قالَ الوَقْف على (طَعامِهِ) تامٌّ ، ومعْنَى أنَّى أيْنَ إلَّا أَنَّ فيها كِنايَة عن الوُجُوهِ وتأْوِيلُها : مِن أَيّ وَجْه صَبَبْنا الماءَ.
وقولهُ تعالى : (أَنّى شِئْتُمْ) (٨) يحتملُ المَعانيَ الثَّلاثَةَ.
وأَمَّا أَنا : فقد ذَكَرْناه في بابِ النُّونِ ، مَرَّتْ أَحْكامُه مُفَصَّلة ، فراجِعْه.
[أَيَا] : أَيَا ، بالفتح والتَّخْفيفِ : حَرْفٌ لنِداءِ البَعِيدِ لا القَريبِ ؛ ووَهِمَ الجَوْهرِي ، لم أرَه في الصِّحاح فليُنْظَر ذلكَ ؛ وتُبْدَلُ هَمْزَتُه هاءً فيقالُ : هَيَا ، وقد تقدَّمَ في موضِعِه.
قال ابنُ الحاجِبِ في الكفايةِ في بيانِ حُروفِ النِّداءِ ما نَصّه يا أَعَمّ الحُرُوفِ تُسْتَعْمل في القَرِيبِ والبَعِيدِ والمُتَوسِط ، وَيَا وهَيَا للبَعِيدِ ، وأي والهَمْزةُ للقَرِيبِ.
وقال الفخْرُ الجاربردي مُوافِقاً لصاحِبِ المُفَصّل : أنَّ أَيَا وهَيَا للبَعِيدِ ، أَو مَنْ هو بمنْزِلَتِه من نائِمٍ وسَاهٍ ، وإذا نُودِي بهذه الحُروفِ الثَّلاثةِ من عَدا البَعِيد والنَّائِم والسَّاهِي فلحرْصِ المُنادَى على إقْبالِ المَدْعوِّ عليه.
وإيًّا ، بالكسر مع تشْديدِ الياءِ ، وعليه اقْتَصَرَ الجَوْهرِي ؛ والفَتْح ، رَواهُ قُطْرب عن بعضِهم ومنه قَراءَةُ الفَضْل الرّقاشي : أَياكَ نَعْبُدُ وأَياكَ نَسْتَعِين بفَتْح الهَمْزتَيْن نقلَهُ الصَّاغاني ؛ زادَ قُطْرب ثم تُبَدْلُ الهَمْزةُ هاءً مَفْتوحةً أَيْضاً فيقولون هَيَّاكَ.
قال الجَوْهري : اسْمٌ مُبْهَمٌ تَتَّصِلُ به جَميعُ المُضْمَراتِ المُتَّصِلَةِ التي للنَّصْبِ ، تقولُ : إيَّاكَ وإيَّاهُ وإيَّايَ وإيَّانا ، وجُعِلت الكافُ والهاءُ والياءُ والنونُ بَياناً عن المَقْصودِ
__________________
(١) البيتان لأبي صخر الهذلي ، شرح أشعار الهذليين ٢ / ٩٥٧ وفي الثاني «أغبط الوحش» بدل «أحسد الوحش».
(٢) انظر في «أما» و «أمّا» مغني اللبيب ط دار الفكر بيروت ص ٧٨ ـ ٧٩.
(٣) سورة سبأ ، الآية ٥٢.
(٤) سورة آل عمران ، الآية ٣٧.
(٥) سورة آل عمران ، الآية ١٦٥.
(٦) المفضلية ١٢٠ البيت ٣٥ واللسان.
(٧) سورة عبس ، الآية ٢٥.
(٨) سورة البقرة ، الآية ٢٢٣.