قد أَقْسَمُوا لا يَمْنَحُونَكَ نَفْعَه |
|
حتَّى تَمُدَّ إليهم كَفَّ اليَدَا |
قال ابنُ برِّي : ويُرْوَى لا يَمْنَحُونَكَ بَيْعَة ؛ قالَ : ووَجْه ذلكَ أنَّه ردّ لام الكَلِمةِ إليها لضَرُورَةِ الشِّعْر كما رَدَّ الآخَرُ لامَ دَم إليهِ عِنْدَ الضَّرورَةِ ، وذلكَ في قولهِ :
فإذا هي بعِظامٍ ودَمَا
* قُلْتُ : وهكذا حَقّقه ابنُ جنِّي في أَوَّلِ كتابِه المُحْتَسب.
وقيلَ في قولهِ تعالى : (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ) (١) أنها على الأصْل لأنَّها لغةٌ في اليَدِ ، أَو هي الأصْلُ وحذفَ أَلِفه ، أَو هي تَثْنِيَة اليَدِ كما هو المَشْهورُ.
كاليَدَةِ ؛ هكذا في النسخِ والصَّوابُ كاليَدَهِ بالهاءِ كما في التكْملةِ ؛ واليَدِّ ، مُشدَّدةً ، فهي أَرْبَعُ لُغاتٍ.
وقال ابنُ بُزُرْج : العَرَبُ تُشَدِّدُ القَوافِي وإن كانتْ مِن غيرِ المُضاعَفِ ما كانَ مِن الياءِ وغيرِهِ ؛ وأَنْشَدَ :
فجازُوهُمْ بما فَعَلُوا إلَيْكُمْ |
|
مُجازاةَ القُرُومِ يَداً بيَدِّ |
تَعالَوْا يا حَنِيفَ بَني لُجَيْمٍ |
|
إلى مَنْ فَلَّ حَدَّكُمُ وحَدِّي (٢) |
وهُما يَدانِ (٣) ، على اللغَةِ الأُوْلى ؛ ومنه قولهُ تعالى : (بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ) (٤) ، وأَمَّا على اللُّغَةِ الثانيةِ فيَدَيانِ كما قيلَ في تَثْنيةِ عَصاً ورَحًى ومَناً عَصَيانِ ورَحَيانِ ومَنَوانِ ؛ وأَنْشَدَ الجَوْهرِي :
يَدَيانِ بَيْضاوانِ عنْدَ مُحَرِّقٍ |
|
قَدْ يَمْنَعانِك منهما أَنْ تَهْضَما (٥) |
ويُرْوَى : عنْدَ مُحَلِّمٍ. قال ابنُ بَرِّي صوابُه كما أنْشَدَه السِّيرافي :
قد تَمْنَعانِك أَن تُضامَ وتُضْهَدا
ومِن المجازِ : اليَدُ : الجَاهُ ؛ وأَيْضاً : الوَقارُ ؛ وأَيْضاً : الحَجْرُ على مَنْ يَسْتَحِقُّهُ ، أَي المَنْع عليه : وأَيْضاً : مَنْعُ الظُّلْم ؛ عن ابنِ الأعْرابي.
وأَيْضاً : الطَّرِيقُ. يقالُ : أَخَذَ فلانٌ يَدَ بَحْرٍ ، أَي طَرِيقَه ؛ وبه فُسِّر قولُهم : تَفَرَّقُوا أَيادِي سَبَأ ، لأنَّ أَهْلَ سَبَأ لمَّا مَزَّقهم الله تعالى أَخَذُوا طُرُقاتٍ شَتَّى ؛ ويقالُ أَيْضاً : أَيْدِي سَبَا. وفي حديثِ الهُجْرةِ : «فأخَذَ بهم يَدَ البَحْرِ» ، أَي طَرِيقَ الساحِلِ.
وأيْضاً : بِلادُ اليَمَنِ ؛ وبه فَسَّر بعضٌ : أَيادِي سَبَا ، لأنَّ مَساكِنَ أهْلَ سَبَا كانت بها ، ولا يَخْفَى ما في تَعْبيرِ الواحِدِ بالجَمْعِ ، على هذا الوَجْهِ ، من مُخالَفَةٍ.
وأيْضاً : القُوَّةُ ؛ عن ابنِ الأعرابي. يقولونَ : ما لي به يَدٌ ، أَي قُوَّةٌ ؛ وبه فُسِّر قولهُ تعالى : (أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ) (٦) ، مَعْناهُ أْولي القُوَّةِ والعُقُولِ ؛ وكذا قولُه تعالى : (يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) (٧) ، أَي قُوَّتُه فَوْقَ قُواهُم.
وأَيْضاً : القُدْرَةُ ؛ عن ابنِ الأعرابي. يقولون : لي عليه يَدٌ ، أَي قُدْرَةٌ.
وأَيْضاً : السُّلْطانُ ؛ عن ابنِ الأعرابي ؛ ومنه يَدُ الرِّيحِ : سُلْطانُها ؛ قال لبيدٌ :
لِطافٌ أَمْرُها بيَدِ الشّمالِ (٨)
لمَّا مَلَكَتِ الرِّيحُ تَصْريفَ السَّحاب جُعِل لها سُلْطانٌ عليه.
وأَيْضاً : المِلْكُ ، بِكسرِ المِيمِ ؛ عن ابنِ الأعْرابي : يقالُ : هذه الصَّنْعةُ في يَدِ فلانٍ ، أَي في مِلْكِه ، ولا يقالُ في يَدَيْ فلانٍ.
__________________
(١) الآية الأولى من سورة المسد.
(٢) اللسان والتهذيب.
(٣) على هامش القاموس عن نسخة «يَدَيانِ».
(٤) سورة المائدة ، الآية ٦٤.
(٥) الصحاح ، وفي اللسان والتهذيب : «عقد محلم قد تمنعانك بينهم».
(٦) سورة ص ، الآية ٤٥.
(٧) سورة الفتح ، الآية ١٠.
(٨) ديوانه ط بيروت ص ١٠٥ وتمامه :
أضل صواره وتضيفته |
|
نطوف أمرها بيد الشمال |
والبيت في الأساس.