كسُقُوطِ السَّهْمِ وغيرِهِ ، كانْهَوَى ؛ وهذا قد تقدَّمَ قرِيباً ففيهِ تِكْرارٌ.
وهَوَى الرَّجُلُ يَهْوِي هُوَّةً ، بالضم صَعِدَ وارْتَفَعَ. أَو الهَوِيُّ ، بالفتح أَي كغَنِيٍّ ، للإصْعادِ ؛ والهُوِيُّ ، بالضم أَي كصُلِيٍّ ، للإنْحِدارِ ؛ قالَهُ أَبو زيْدٍ.
وفي صفَتِه ، صلىاللهعليهوسلم : «كأَنّما يَهْوِي مِن صَبَبٍ ، أي يَنْحَطُّ ، وذلك مِشْيَة القَوِيِّ مِن الرِّجالِ. وهذا الذي ذَكَرَه مِن الفَرْقِ هو سِياقُ ابنِ الأعْرابي في النوادِرِ.
قال ابنُ برِّي : وذكَرَ الرّياشي عن أبي زيْدٍ أنَّ الهَوِيَّ ، بالفَتْح ، إلى أَسْفَل ، وبضمِّها إلى فَوْق ، وأنْشَدَ :
والدَّلْوُ في إصْعادِها عَجْلَى الهُوِيّ (١)
وأَنْشَدَ :
هَوِيَّ الدَّلْو أَسْلَمَها الرِّشاء (٢)
فهذا إلى أَسْفَل.
وهَوِيَهُ ، كرَضِيَهُ ، يَهْوَى هَوًى فهو هَوٍ ، كعَمٍ : أَحَبَّهُ.
وفي حديثِ بَيْعِ الخِيارِ : «يأْخُذُ كلُّ واحِدٍ مِن البَيْعِ ما هَويَ». أَي ما أَحَبَّ.
وقولهُ تعالى : فأجْعَلْ أَفْئِدَةً مِن الناسِ تَهْوَى (٣) إليهم ، فيمَنْ قَرَأَ هكذا ، إنَّما عَدَّاهُ بإلى لأَنَّ فيه مَعْنى تمِيلُ ، والقِراءَةُ المَشْهورَة : تَهْوِي ، بكسْر الواوِ ، أَي تَرْتفِعُ إليهم.
وقالَ الفرَّاء : أَي تُرِيدُهم. ومَنْ فَتَح الواو قالَ المَعْنى تَهْوَاهُم ، كما قال : (رَدِفَ لَكُمْ) ورَدِفَكم ؛ وقالَ الأخْفَش : تَهْوى إليهم زَعَمُوا أنَّه في التَّفْسِيرِ تَهْواهم.
وقولهُ تعالى : (كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ) الشَّياطِينُ (فِي الْأَرْضِ حَيْرانَ) (٤) ، أَي ذَهَبَتْ بهَواهُ وعَقْلِهِ. وقالَ القتيبيُّ : أَي هَوَتْ به وأَذْهَبَتْه ، جَعَلَه مِن هَوَى يَهْوِي.
أَو اسْتَهَامَتْه وحَيَّرَتْه ، أَو زَيَّنَتْ له هَواهُ ؛ وهذا قولُ الزجَّاج جَعَلَهُ مِن هَوِيَ يَهْوَى.
وقالوا إذا أَجْدَبَ الناسُ : أَتَى الهاوي والعاوِي ، فالهاوِي : الجَرادُ ، والعاوِي : الذئْبُ.
وقال ابنُ الأعْرابي : إنّما هو الغاوِي ، بالغَيْنِ مُعْجمة ، وهو الجَرادُ ، وهو الغَوْغاءُ ، والهاوِي : الذئْبُ لأنَّ الذِّئابَ تَهْوِي إلى الخِصْب ؛ قالَ : وقالوا إذا أَخْصَبَ الزَّمانُ جاءَ الغاوِي والهاوِي : قال : وقالوا : إذا جاءَت السَّنَةُ جاءَ معها أعْوانُها ، يَعْني الجَرادَ والذِّئابَ والأمْراضَ ، وتقدَّمَ له في عوي على ما ذَكَرَه ابنُ الأعْرابي.
وهاوِيَةُ ، بِلا لامٍ مَعْرفةٌ ، وعليه اقْتَصَرَ الجَوْهرِي ؛ والهاوِيَةُ أَيْضاً بِلام ، نقلَهُ ابنُ سِيدَه ؛ اسْمٌ مِن أَسْماءِ جَهَنَّمَ ، أَعاذَنا الله منها آمِين.
وفي الصِّحاح : اسْمٌ مِن أَسْماءِ النَّارِ ، وهي مَعْرفَةٌ ، بغير أَلفٍ ولامٍ.
قال ابنُ برِّي : لو كانتْ هاوِيَةُ اسْماً عَلَماً للنارِ لم يَنْصرِفْ في الآيةِ ؛ وقولهُ تعالى : (فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ) (٥) ، أَي مَسْكَنُه جَهَنَّم ، وقيلَ مَعْناهُ : أُمُّ رأْسِه تَهْوي في النارِ ؛ وهذا قد تقدَّمَ في الميمِ.
وقال الفرَّاء عن بعضِهم : هو دُعاءٌ عليه كما يقولون هَوَتْ أُمُّه ؛ وأنْشَدَ لكَعْبِ بنِ سعْدٍ الغَنَويَّ يَرْثي أخاهُ :
هَوَتْ أُمُّه ما يَبْعَثُ الصُّبْحُ غادِياً |
|
وماذا يُؤَدِّي الليلُ حينَ يَؤُوبُ (٦) |
أَي هَلَكَتْ أُمُّه حتى لا تأْتي بمثْلِه ؛ نقلَهُ الجَوْهرِي عن ثَعْلب.
__________________
(١) اللسان والتهذيب.
(٢) البيت لزهير كما في المقاييس ٦ / ١٦ وصدره :
فشج بها الأماعز فهي تهوي
كما في ديوانه ص ١٠ والتهذيب وفي المقاييس «يشق بها» وعجزه في اللسان.
(٣) سورة إبراهيم ، الآية ٣٧.
(٤) سورة الأنعام ، الآية ٧١.
(٥) سورة القارعة ، الآية ١١.
(٦) اللسان والصحاح والتهذيب والتكملة قال الصاغاني : الرواية : «هوت عرسه» وأما «هوت أمه» فهو في بيت قبله ، وهو :
هوت أمه ماذا تضمن قبره |
|
من الجود والمعروف حين يتوب |