بدلٌ مِن الألفِ المُنْقلِبَةِ مِن الواوِ الواقِعَةِ بعْدَ أَلِفِ هَنا (١) ، إذ أَصْله هَناوٌ ، ثم صارَ هَناءً ، ثم قُلِبَتِ الألفُ الأخيرَةُ هاءً ، فقالوا هَناهُ ، لكانَ قَوِيًّا.
وقال أبو عليٍّ : ذهَبَ أَحدُ عُلمائِنا إلى (٢) أنَّ الهاءَ مِن هَناهُ إنَّما أُلْحقت (٣) لحقاً للألفِ كما تُلْحق بعْدَ أَلفِ النَّدْبة نَحْو وا زَيْداهُ ، ثم شُبِّهت بالهاءِ الأصْلِيَّة فحرِّكَتْ.
وقد يُجْمَعُ هَنٌ على هَنِين جَمْع سَلامَةٍ ككُرَةٍ وكُرِينَ ؛ ومنه حديثُ الجنِّ : «فإذا هو بهَنِينٍ كأنَّهم الزُّطُّ» ، أَرادَ الكِنايَةَ عن أَشْخاصِهم ؛ قالَهُ أَبو موسَى المَدِيني. ووَقَعَ في مُسْندِ أَحْمدَ مَضْبوطاً مقيَّداً عن ابنِ مَسْعودٍ : «ثم إنَّ هَنِيناً أَتَوْا عليهم ثِيابٌ بيضٌ طِوالٌ».
وفي الحديثِ : «وذَكَرَ هَنةً مِن جِيرانِه» ، أَي حاجَةً ، ويعبَّر بها عن كلِّ شيءٍ.
وفي حديثِ الإفْكِ : «قلتُ لها يا هَنْتاهُ» ، أَي يا هذه ، تُفْتَحُ النونُ وتُسَكَّن ، وتضمُّ الهاءُ الأخيرَةُ وتُسَكَّن ، وقيل : مَعْنى يا هَنْتاه يا بَلْهاءُ ، كأنَّها نُسِبَتْ إلى قلَّةِ المَعْرفةِ بمكَايدِ الناسِ وشُرُورِهم.
وقولُهم : هاهنا وهنا ، ذَكَرَه المصنِّفُ في آخر الكتابِ.
وهُناً بالضمِّ : موضِعٌ في شِعْر امرىءِ القَيْسِ :
وحديثُ القَوْمِ يوم هُناً |
|
وحديث ما على قِصَرِهْ (٤) |
وقالَ المهلبي : يوم هُناً اليوم الأول ؛ وأَنْشَدَ :
إنَّ ابنَ عائِشَةَ المَقْتُول يَوْم هُناً |
|
خلّى عليّ فجاجاً كان يحميها (٥) |
وهُنَيٌّ ، كسُمَيٍّ : موضِعٌ دونَ مَعْدِنِ اللفْطِ (٦) ؛ قالَ ابنُ مُقْبل :
يسوفان من قاعِ الهُنَيِّ كرامةً |
|
أَدامَ بها شهر الخريف وسَيّلا (٧) |
والهَنَواتُ والهُنَيَّاتُ الخِصالُ السّوء ، ولا يقالُ في الخَيْر.
[هني] : ي هَنَيْتُ ؛ هكذا هو في النسخِ بالأحْمرِ وقد ذَكَرَه الجَوْهرِي في آخرِ تَرْكيبِ هنا ؛ كِنايَةٌ عن فَعَلْتُ.
ونَصُّ الجَوهرِي : قال الفرَّاء : يقالُ : ذَهَبْتُ ، كِنايَة عن فَعَلْتُ مِن قوْلِكَ هَنٌ ، فتأَمَّل ذلكَ.
[هوو] : والهُوَّةُ ، كقُوَّةٍ : ما انْهَبَطَ مِن الأرضِ ؛ أَو الوَهْدَةُ الغامِضَةُ منها ؛ كذا في المُحْكم.
وحكَى ثَعْلب : اللهُمَّ أَعِذْنا مِن هُوَّةِ الكُفْر ودَواعِي النفاق ؛ قالَ : ضَرَبَه مَثَلاً للكُفْر.
وفي الصِّحاح : الهُوَّةُ الوَهْدَةُ العَمِيقَةُ ؛ ومنه قولُ الشاعرِ :
كأَنَّه في هُوَّةٍ تَقَحْذَما (٨)
وقال ابنُ شُمَيْل : الهُوَّةُ ذاهبةٌ في الأرضِ بَعِيدَةُ القَعْرِ مثْل الدَّحْلِ غَيْر أنَّ له أَلجافاً ، ورأْسُها مثْلُ رأْسِ الدَّحْل.
وقال غيرُهُ : هي الحُفْرَةُ البَعِيدَةُ القَعْرِ كالمِهْواةِ ؛ وقيلَ : هي المُطْمَئِنُّ مِن الأَرْضِ ، كالهُوَّاءَةِ ، كرُمَّانَةٍ ، أصْلُها هواية.
وقيلَ : هو المَهْواةُ بينَ الجَبَلَيْن.
والهَوُّ ، بالفتح : الجانِبُ من الأرضِ ؛ كذا في النوادِرِ لابنِ الأعْرابي.
والهَوَّةُ (٩) : الكَوَّةُ ؛ ظاهِرُه أنَّه بِضم الهاءِ كما يَقْتَضِيه سِياقُه والصَّوابُ أنَّه بالفَتْح كالكَوَّةِ زِنَةً ومَعْنًى ؛ نقلَهُ ابنُ شُمَيْلٍ عن أبي الهُذَيْل وضَبَطَه.
وممَّا يُسْتدركُ عليه : جَمْعُ الهُوَّةِ هُوًى ، كقُوَّةٍ وقُوًى ؛ عن الأصْمعي.
__________________
(١) اللسان : هناه.
(٢) زيادة عن اللسان.
(٣) في اللسان : لخفاء.
(٤) ديوانه ط بيروت ص ١٠٣ برواية : «وحديث الركب» والمثبت كرواية ياقوت ، والمقاييس ٦ / ٦٨.
(٥) معجم البلدان «هُنا».
(٦) في معجم البلدان : معدن النفط.
(٧) معجم البلدان ، وبالأصل «سيوفان» والتصحيح عن ياقوت.
(٨) التهذيب واللسان ، وقبله :
كم من عدوٍ زال أو تدحلما
(٩) كذا بالأصل ، وسياق القاموس يقتضي «والهَوّ» والمثبت كعبارة التهذيب.