جَمَلٌ آدَم أَي جاءَ فارِعاً يَنْفُضُ يَدَيْهِ ؛ قالَهُ الأصْمعي : وهذا كما يقالُ : جاءَ يَضْرِبُ أَصْدَرَيْه.
ونُجومٌ هُبَّى ، كرُبَّى : أَي هابِيَةٌ قد اسْتَتَرَتْ بالهَباءِ ، واحِدُها هابٍ ؛ وبه فُسِّر قولُ الشاعرِ ، وهو أبو حَيَّة النميري أَنْشَدَه أَبو الهَيْثم :
يكونُ بها دَليلَ القَومِ نَجْماً |
|
كعَينِ الكَلْبِ في هُبًّى قِباعِ (١) |
قِباعٌ بكسْر القافِ : القَنافِذُ ، الواحِدُ قباع (٢).
قالَ ابنُ قتيبَةَ في تَفْسِيرِه : شبّه النّجْم بعَيْنِ الكَلْبِ لكثْرةِ نعاسِ الكَلْبِ لأنَّه يَفْتَح عَيْنَيْه تارَةً ثم يَغْفَى (٣) ، فكذلكَ النَّجمْمِ يَظْهَر ساعَةً ثم يَخْفَى بالهَباءِ ، وقِباعٌ : قابعة في الهَباءِ أَي داخِلَةٌ فيه.
وفي التَّهذيبِ : وَصَفَ النَّجْمَ الهابي الذي في الهَباءِ فشَبَّهه بعَيْنِ الكَلْبِ نهاراً ، وذلكَ أَنَّ الكلْبَ بالليْلِ حارِسٌ ، وبالنهارِ ناعِسٌ ، وعَيْنُ الناعِسِ مُغْمِضة ، ويَبْدو من عَيْنَيْه الخَفاءُ ، فكذلكَ النَّجْم الذي يُهْتَدى به هو هابٍ كعَيْنِ الكلْبِ في خَفائِه ، وقالَ في هُبًّى : هو جَمْعُ هابٍ كغَزًّى جَمْع غازٍ ، والمَعْنى أنَّ دَليلَ القَوْمِ نَجْمٌ هابٍ ، في (٤) هُبًّى تَخْفى فيه إلَّا قليلاً منه ، يَعْرفُ منه الناظِرُ أيَّ نَجْمِ هو ، وفي أَيِّ ناحِيَةٍ هو فيَهْتدِي به ، وهو في نُجومٍ هُبًّى أَي هابِيَةٍ إلَّا أَنَّها قِباعٌ كالقَنافِذِ إذا قَبَعَتْ فلا يُهْتَدَى بهذه القِباع. إنَّما يُهْتَدَى بهذا النَجْمِ الواحِدِ الذي هو هابٍ غَيْر قابعٍ في نُجومٍ هابِيَةٍ قابِعَةٍ ، وجمعَ القابعَ على قِباعٍ كصاحِبٍ وصِحابٍ.
والمُتَهَبِّي : الرَّجُلُ الضَّعيفُ البَصَرِ ، كأنَّه غطى بَصَره بالهَباءِ. والهَبْوُ ، بالفتح : حَيٌّ مِن العَرَبِ ؛ ومَرَّ له في الهَمْز بِعَيْنِه.
والهَباءَةُ ، كسَحابَةٍ : أرْضٌ لغَطَفانَ ولها يَوْمٌ.
قال الجَوْهرِي : يَوْمُ الهَباءَة لِقَيْسِ بنِ زهيرٍ العَبْسي على حُذيفَةَ بنِ بَدْرٍ الفَزَاري قَتَلَه في جفرِ الهَباءَةِ ، وهو مُسْتَنْقع بها.
وقال ياقوتُ : قُتِلَ بها حذيفَةُ وأَخُوه بَدْر (٥).
وقالَ عرَّام : الجَفْر (٦) جَبَلٌ في بلادِ بَني سُلَيْم فَوْق السّوارقيةِ وفيه ماءٌ يقالُ له الهَباءَةُ ، وهي أَفْواهُ آبارٍ كَثِيرة مُخَرَّقة الأسافِلِ يفرغُ بعضُها في بعضٍ الماءَ العَذْبَ الطيِّبَ ، ويُزْرَعُ عليها الحِنْطَةُ والشَّعيرُ وما أَشْبَهه ؛ وقرأْتُ في الحَماسَةِ لقيسِ بنِ زهيرٍ (٧) :
تعلّم أَنَّ خَيْرَ الناسِ مَيتٌ |
|
على جَفْرِ الهَباءَةِ لا يريمُ |
ولَوْلا ظُلْمه ما زِلْتُ أَبْكِي |
|
عليه الدّهْر ما طَلَعَ النّجُومُ |
ولكِنَّ الفَتَى حَمْل بن بَدْر |
|
بَغَى والبَغْيُ مَصْرعُه (٨) وَخِيمُ |
أَظنُّ الحلْمَ دلَّ عليَّ قَوْمِي |
|
وقد يُسْتَجْهل الرَّجُلُ الحَلِيمُ |
ومارَسْتُ الرِّجالَ ومارَسُوني |
|
فَمُعْوَجٌّ عليَّ ومُسْتَقِيم |
وهَبِي ، بكسْر الموحَّدَةِ المُخَفَّفة : زَجْرٌ للفَرَسِ ، أَي تَوسَّعِي وتَباعَدِي ، قال الكُمَيْت :
__________________
(١) اللسان والتهذيب بدون نسبة ، وفي التكملة لأبي حية النميري ، وبالأصل «النيمري» والتصحيح عن التكملة ، وفي المصادر : «نجم» بدل «نجماً».
(٢) في التهذيب «قابع» كما جمعوا صاحباً على صحاب ، وقامحاً على قماح.
(٣) في اللسان : يُغضي.
(٤) في التهذيب : أي في هباء يخفى فيه.
(٥) كذا بالأصل ، وفي معجم البلدان «حمل» ، حذيفة وحمل ابنا بدر الفزاري.
(٦) في معجم البلدان : «الصحن».
(٧) شرح ديوان الحماسة ١ / ٢٢١ ومعجم البلدان «الهباءة».
(٨) الأصل ومعجم البلدان وفي ديوان الحماسة : «مرتعه».