وقال الفرَّاء : وقد يَذْهَبُ بعضُ النَّحويِّين إلى أَنَّها كَلِمتانِ يُريدُونَ وَيْكَ كأَنَّهم ، أَرادُوا وَيْلَكَ فحذَفُوا اللامَ ، ويَجْعَلُ أَن مَفْتوحة بفِعْل مُضْمَر.
وقيلَ : اعْلَمْ ، حكَاهُ ثَعْلَب أيْضاً عن بعضِهم.
وقال الفرَّاء : تَقْديرُه وَيْلَكَ أعْلَمُ أَنَّه فأضْمَر اعْلَم.
قال الفرَّاء : ولم نَجِدِ العَرَب تُعْمِلُ الظنَّ مُضْمراً ولا العِلْم ولا أشْبَاهه في ذلكَ ، وأَمَّا حَذْف اللام مِن وَيْلَكَ حتى يَصِيرَ وَيْكَ فقد تَقولهُ العَرَبُ لكثْرتِها.
قال أَبو إِسْحق : الصَّحيحُ في هذا ما ذَكَرَه سِيبَوَيْه عن الخليلِ ويونس ، قالَ. سأَلْتُ الخَليلَ عنها فزَعَمَ أَنَّ وَيْ مَفْصولة مِن كأَنَّ ، وأَنَّ القوْمَ تَنَبَّهُوا فقالوا : وَيْ مُتَندِّمِين على ما سَلَفَ منهم ، وكُلُّ مَن تَنَدَّم أَو نَدِمَ فإظْهارُ نَدامَتِه أَو تَنَدُّمُه أَنْ يقولُ وَيْ ، كما يُعاتَب الرَّجُل على ما سَلَفَ فيقول : كأنَّك قَصَدْت مَكْر وهي ، فحقِيقَة الوُقُوف عليها وَيْ وهو أَجْوَد وفي كلامِ العَرَبِ : وَيْ مَعْناه التَّنْبِيه والتَّندُّمُ ، قالَ : وتَفْسيرُ الخَليلِ مُشاكِلٌ لمَا جاءَ في التَّفْسيرِ لأنَّ قولَ المُفَسِّرين أَما تَرى هو تَنْبِيه.
فصل الهاء مع الواو والياء
[هبو] : والهَبْوَةُ : الغَبَرَةُ ؛ نقلَهُ الجَوْهرِي وابنُ سِيدَه.
والجَمْعُ هَبْواتٌ ؛ وأَنْشَدَ الجَوْهري لرُؤْبة :
تَبْدُو لنا أَعْلامُه بعدَ الغَرَقْ |
|
في قِطَعِ الآلِ وهَبْواتِ الدُّقَقْ (١) |
قالَ ابنُ برِّي : الدُّقَقُ ما دَقَّ مِن التُّرابِ ، والواحِدُ منه الدُّقَّي كما تقولُ الجُلَّى والجُلَلِ.
وفي حديثِ الصَّوْم : «وإن حالَ بَيْنَكم وبَيْنه سَحابٌ أَو هَبْوَةٌ فأَكْمِلُوا العِدَّة» أَي دون الهِلالِ.
والهَباءُ ، كسَماءٍ : الغُبارُ مُطْلقاً ، أَو غُبارٌ يُشْبِهُ الدُّخَانَ ساطِعٌ في الهَواءِ. وقيلَ : هو دُقاقُ التُّراب ساطِعةً ومَنْثُورَةً على وَجهِ الأرضِ.
وقال ابنُ شُمَيْل : هو التُّرابُ الذي تُطَيِّرُه الرِّيح فتَراهُ على وُجُوهِ الناسِ وجُلُودِهم وثيابهم يَلْزَقُ لُزوقاً ، وقالَ : أَقولُ أَرَى في السَّماءِ هَباءً ، ولا يقالُ يَوْمُنا ذُو هَباءٍ ولا ذُو هَبْوةٍ.
وفي الصِّحاح : هو الشَّيءُ المُنْبَثُّ الذي تَراهُ في البَيْتِ مِن ضَوءِ الشمْسِ ، ومنه قولهُ تعالى : (فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً) (٢) ، أَي صارَتْ أَعْمالُهم بمنْزلَةِ الهَباءِ المَنْثور.
ونقل الأزْهري عن أَبي إسْحق : مَعْناه أَنَّ الجِبالَ صارَتْ غُباراً ، وقيلَ الهَباءُ هو ما تُثِيرُه الخَيْلُ بحوافِرِها مِن دُقاقِ الغُبارِ ؛ وقيلَ لمَا يَظْهَر في الكُوَى مِن ضَوْءِ الشمْسِ ومِن المجازِ : الهَباءُ : القَلِيلُو العُقولِ من النَّاسِ ؛ وبه فُسِّر حديثُ الحَسَن : «ثم اتَّبَعه من النَّاسِ هَباءٌ رَعاعٌ».
قال ابنُ سِيدَه : هُم الذين لا عُقولَ لهم.
وقال ابنُ الأثير : هو في الأصْلِ ما ارْتَفَعَ مِن تَحْت سَنابِكِ الخَيْل ، والشيءُ المُنْبَثُّ الذي تَراهُ في الشمسِ فشَبّه بها أَتْباعَه. ج أَهْباءٌ على غيرِ قِياسٍ ، ومنه أهْباءُ الزَّوْبَعةِ لمَا يَرْتفِعُ في الجوِّ.
ويقالُ للغُبارِ إذا ارْتَفَعَ : هَبَا يَهْبُو هُبُواً ، كعُلُوٍّ ، أي سَطَعَ.
وهَبَا أَيْضاً : فَرَّ ، عن ابنِ الأعْرابي.
وأَيْضاً : ماتَ ؛ عنه أَيْضاً.
وأَهْبَى الفَرَسُ إهباءً : أَثارَ الهَباءَ ؛ عن ابنِ جنِّي.
والهابِي : تُرابُ القَبْرِ ؛ وأَنْشد الأصْمعي :
وهابٍ كجُثْمانِ الحَمامةِ أَجْفَلَتْ |
|
به رِيحُ تَرْجٍ والصَّبا كلّ مُجْفَلِ (٣) |
وفي الحديثِ : أنَّ سُهَيْلَ بنَ عَمْرو جاءَ يَتَهَبَّى كأنَّه
__________________
(١) اللسان والصحاح والثاني في التهذيب.
(٢) سورة الفرقان ، الآية ٢٣.
(٣) اللسان والصحاح.