سَبْقَ الجَوادِ إذا اسْتَوْلَى على الأمَدِ (١)
واسْتِيلَاؤُه على الأمَدِ أن يَغْلِبَ عليه بسَبْقِه إليه ، ومِن هذا يقالُ : اسْتَوْلَى فلانٌ على مالِي أَي غَلَبَني عليه.
ويقالُ : اسْتَبَقَ الفارِسانِ على فَرَسَيْهما إلى غايَةٍ : تَسابَقَا إليها فاسْتَوْلَى أَحَدُهما على الغايَةِ إذا سَبَقَ الآخَر.
وقولُهم : أَوْلَى لَكَ : تَهَدُّدٌ ووَعِيدٌ ؛ وأَنْشَدَ الجَوْهرِي :
فأَوْلى ثم أَوْلى ثم أَوْلى |
|
وهَلْ للدَّرِّ يُحْلَبُ مِنْ مَرَدِّ؟ (٢) |
قالَ الأَصْمعي : أَي قارَبَهُ ما يُهْلِكُه ، أَي نَزَلَ به ؛ وأَنْشَدَ :
فعَادَى بَينَ هادِيَتَيْنِ منها |
|
وأَوْلَى أَنْ يَزِيدَ على الثَّلاثِ (٣) |
ومنه قولهُ تعالى : (أَوْلى لَكَ فَأَوْلى) (٤) ؛ مَعْناهُ التَّوعُّد والتَّهَدُّدُ ، أَي الشَّرُّ أَقْرَبُ إليكَ.
وقال ثَعْلَب : دَنَوْتُ مِن الهَلَكةِ ؛ وكذلكَ قَوْله تعالى : (فَأَوْلى لَهُمْ) (٥) ؛ أَي وَلِيَهم المَكْرُوه ، وهو اسْمُ لِدَنَوْتُ أَو قارَبْتُ.
قالَ ثَعْلَب : ولم يَقُل أَحَدٌ في (أَوْلى لَكَ) أَحْسَن ممَّا قالَ الأصْمعي.
وقالَ غيرُهما : أَوْلَى يقولُها الرَّجُلُ لآخر يُحَسِّره على ما فاتَه ، ويقولُ له : يا مَحْرُوم أَيّ شيء فاتَكَ؟.
وفي مَقامَات الحرِيرِي : أَوْلَى لَكَ يا مَلْعُون أنسيت يَوْمَ جبرون ، وقيلَ هي كلمةُ تَلَهُّف يقولُها الرَّجُلُ إذا أفْلَت من عَظِيمةٍ.
وفي حديثِ أنَس : قام عبدُ الله بنُ حُذافَةَ فقالَ : مَنْ أَبي؟ فقالَ رَسُولُ الله صلىاللهعليهوسلم : أَبُوكَ حُذافَة ، وسكَتَ رَسُولُ الله صلىاللهعليهوسلم ، ثم قالَ : أَوْلَى لكُم والذي نَفْسِي بيدِه أَي قَرُبَ منْكُم ما تَكْرَهُون ؛ وقولُ الشاعر :
فلَوْ كانَ أَوْلى يُطْعِمُ القَوْمَ صِدْتُهُمْ |
|
ولكِنَّ أَوْلى يَتْرُكُ القَوْمَ جُوَّعا (٦) |
أَوْلَى في البيتِ حِكَايَة ، وذلكَ أنَّه كانَ لا يحسن الرَّمْي ، وَأَحبَّ أَن يتبدحَ (٧) عنْدَ أَصْحابِه فقالَ أَوْلَى ، وضَرَبَ بيدِهِ على الأُخْرى فقالَ أَوْلَى ، فحكَى ذلكَ.
ويقالُ : هو أَوْلَى بكذا ، أَي أَحْرَى به وأَجْدَرُ.
ويقالُ : هُمُ الأَوْلَى ، كذا في النسخ ، ووَقَعَ كَذلكَ في بعضِ نسخٍ الصِّحاح ، والصَّوابُ هو الأَوْلَى ؛ وهُمُ الأَوالِي والأوْلَوْنَ ، مِثْال الأعْلَى والأَعالِي والأَعْلَوْنَ ؛ وقولُه تعالى : (مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ) (٨) ، هي قِراءَةُ عليِّ ، رضِيَ الله تعالى عنه ، وبها قَرَأَ أَبو عَمْرٍو ونافِع وكثير ؛ وقال الزجَّاجُ : الْأَوْلَيانِ في قوْلِ أَكْثَر البَصْرِيِّين ، يرْتَفِعان على البَدَلِ ممَّا في (يَقُومانِ) ، المَعْنى : فليَقُم الأَوْلَيانِ بالميِّتِ مَقامَ هذين الجانِبَيْن (٩) ، ومَنْ قَرَأَ الأَوَّلِين رَدَّه على (الَّذِينَ) ، وكأنَّ المَعْنى من الذين اسْتَحَقَّ عليهم أَيْضاً الأَولون (١٠) ؛ قالَ : وهي قِراءَةُ ابنِ عبَّاس ، وبها قَرَأَ الكُوفِيّون (١١) ، واحْتَجوا بأن قالَ ابنُ عبَّاس : أَرَأَيت إن كانَ الأَوْلَيانِ صَغِيرينِ.
وتقولُ في المُؤَنَّثِ : هي الوُلْيا ، وهُما الوُلْيَيانِ ، وهُنَّ الوُلَى ، وإنْ شِئْتَ الوُلْيَياتِ ، مِثْلُ الكُبْرى والكُبْرَيانِ والكُبَرُ والكُبْرَيات.
والتَّوْلِيَةُ في البَيْعِ : هي نَقْلُ ما مَلَكَهُ بالعَقْدِ الأَوَّلِ ، وبالثَّمَنِ الأَوَّلِ من غَيرِ زِيادَةٍ ، أَي تَشْترِي سلْعَةً بثَمَنٍ مَعْلومٍ ثم تُوْلِيها رَجُلاً آخَرَ بذلكَ الثّمَنِ ؛ ونَصّ التكملةِ :
__________________
(١) ديوان النابغة الذبياني ط بيروت ص ٣٣ وصدره :
إلّا لمثلك أو من أنت سابقه
وعجزه في اللسان والتهذيب.
(٢) اللسان والصحاح والمقاييس ٦ / ١٤١ بدون نسبة.
(٣) اللسان والتهذيب والمقاييس ٦ / ١٤١ والصحاح بدون نسبة.
(٤) سورة القيامة ، الآية ٣٤.
(٥) سورة محمد ، الآية ٢٠.
(٦) اللسان والتهذيب : بدون نسبة.
(٧) اللسان والتهذيب : يُمتدح.
(٨) سورة المائدة ، الآية ١٠٧.
(٩) في اللسان والتهذيب : الجائيين.
(١٠) اللسان والتهذيب : الأولين.
(١١) عبارة الخطيب : وبها قرأ حمزة وشعبة ، كتبه مصحح اللسان.