وتَوالَى عليه شَهْرانِ : تَتابَعَ ؛ نقلَهُ الجَوْهرِي.
ومنه تَوالَتْ إليَّ كُتُبُ فلانٍ : أَي تَتابَعَتْ ، وقَد وَالاها الكاتِبُ : أَي تابَعَها.
وتَوالَى الرُّطَبُ : أَي أَخَذَ في الهَيْجِ ، كوَلَّى تَوْلِيةً ؛ كذا في النسخِ.
والذي في المُحْكم وغيرِه : يقالُ للرُّطَبِ إذا أَخَذَ في الهَيْجِ : قد وَلَّى وتَولّى وتَوَلِّيه شهيته (١) ، فتأَمَّل ذلكَ.
ووَلَّى هارِباً تَوْلِيَةً : أَدْبَرَ وذَهَبَ مُولِّياً ؛ كتَوَلَّى.
ووَلَّى الشَّيءَ (٢) تَوْليةً ، وولَّى عنه : أَي أَعْرَضَ أَو نَأَى ، وكَذلكَ تَوَلَّى عنه ؛ وقولُ الشاعرِ :
إذا ما امْرُؤٌ وَلَّى عليَّ بودِّه |
|
وأَدْبَرَ لم يَصْدُرْ بإدْبارِه وُدِّي |
فإنَّه أَرادَ وَلَّى عنِّي ، ووجهُ تَعْدِيتِه وُلَّى بعلَى أنَّه لما كانَ إذا وَلَّى عنه بوِدِّه تغيَّر عليه ، جَعَلَ وَلَّى بمعْنَى تَغَيَّر فعَدَّاه بعلَى ، وجازَ أَن يَسْتَعْمِل هنا علَى لأنَّه أَمْرٌ عليه لا له ؛ وقولُ الأعْشى :
إذا حاجَةٌ ولَّتْكَ لا تَسْتَطِيعُها |
|
فَخُذْ طَرَفاً من غَيْرها حينَ تَسْبِقُ (٣) |
فإنَّه أَرادَ : وَلَّتْ عنْكَ ، فحذفَ وأَوْصَل ، وقد يكونُ وَلَّيْتُ الشيءَ ووَلَّيْتُ عنه بمعْنًى.
والتَّوْلِيةُ قد تكونُ إقْبالاً ، وتكونُ انْصِرافاً ، فمِنَ الأَوَّل : قولهُ تعالى : (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) (٤) ، أَي وَجِّهْ وَجْهَكَ نَحْوَه وتِلْقاءَهُ ؛ وكَذلكَ قولْهُ تعالى : (وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها) (٥) ؛ قالَ الفرَّاء : هو مُسْتَقْبِلُها ، والتَّوْلِيةُ في هذا المَوْضِع اسْتِقْبالٌ ، وقد قُرِىءَ : هو مُوّلَّاها ، أَي الله تعالَى يُوَلِّي أَهْلَ كلِّ مِلَّةٍ القِبْلَة التي تُريدُ. ومِن الانْصِرافِ : قولهُ تعالى : (ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ) (٦) ؛ وكذلكَ قوْلُه تعالَى : (يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبارَ) (٧) ؛ وقولهُ تعالى : (ما وَلّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ) (٨) ، أَي ما عَدَلَهُم وصَرَفَهُم.
والوَلِيَّةُ ، كغَنِيَّةٍ : البَرْذَعةُ ، وإنَّما تُسَمَّى بذلكَ إذا كانتْ على ظَهْرِ البَعيرِ لأنَّها حينَئِذٍ تَلِيه ؛ أَو ما تَحْتَها ؛ نقلَهُ الجَوْهرِي عن أَبي عبيدٍ.
وقيلَ : كلُّ ما وَليَ الظّهْرَ مِن كِساءٍ أَو غيرِهِ فهو وَلِيَّةٌ.
وفي حديثِ ابنِ الزُّبَيْر : «أَنَّه باتَ بقَفْر فلمَّا قامَ ليَرْحَلَ وَجَدَ رَجلاً طُوله شِبْران عَظِيمَ اللّحْية على الوَلِيَّةِ فَنَفَضَها فَوَقَعَ» ، والجَمْعُ الوَلايا ؛ ومنه قولُ أَبي زبيدٍ :
كالبَلايا رُؤُوسُها في الوَلايا |
|
مانِحاتِ السَّمُومِ حُرَّ الخُدُودِ (٩) |
قال الجَوْهرِي : يَعْني الناقَةَ التي كانتُ تُعْكَسُ على قبْرِ صاحِبِها ، ثم تطرح الوَلِيَّةُ على رأْسِها إلى أَنْ تموتَ.
وفي الحديثِ : «نَهَى أنْ يَجْلِسَ الرَّجلُ على الوَلايا» ، هي ما تَحْت البَراذِع ، أَي لأنَّها إذا بُسِطَتْ وفُرِشَتْ تَعَلَّق بها الشَّوْكُ والتُّرابُ وغَيْر ذلكَ ممَّا يَضرُّ الدَّوابَّ ، ولأنَّ الجالِسَ عليها رُبَّما أَصابَه مِن وَسَخِها ونَتْنِها ودَمِ عَقْرِها.
أَو الوَلِيَّةُ : ما تَخْبَؤُه المرأَةُ من زادٍ لضَيْفٍ يَنْزِلُ ؛ عن كُراعٍ ؛ والأصْلُ لَوِيَّةٌ فقُلِبَ ، ج وَلايَا ، ثَبَتَ القَلْب في الجَمْعِ أَيْضاً.
ومِن المجازِ : اسْتَوْلَى على الأَمْرِ ؛ كذا في النسخِ والصَّوابُ : على الأمَدِ ، كما في الصِّحاحِ وغيرِه ؛ أَي بَلَغَ الغايَةَ ؛ ومنه قولُ الذبياني :
__________________
(١) في اللسان والتهذيب : «وتوليه : شهبته» وفي التكملة : وتوليته : شهبته.
(٢) في اللسان : وولّى الشيءُ ، بالرفع.
(٣) ديوانه ط بيروت ص ١١٩ واللسان.
(٤) سورة البقرة ، الآية ١٤٤ و ١٤٩ و ١٥٠.
(٥) سورة البقرة ، الآية ١٤٨.
(٦) سورة التوبة ، الآية ٢٥.
(٧) سورة آل عمران ، الآية ١١١.
(٨) سورة البقرة ، الآية ١٤٢.
(٩) شعراء إسلاميون ، شعر أبي زبيد ص ٦٠٤ وانظر تخريجه فيه ، ونسبه في التهذيب لأبي ذؤيب. وفي اللسان بدون نسبة وصدره في الصحاح بدون نسبة ، ونسبه في الأساس لأبي زبيد.