في الجَمْهرةِ : كأَنَّ مَتْنَيَّ ، قالَ : وهو الصّحِيحُ لقولهِ بَعْده :
لطُولِ إشْرافي على الطَّويِّ
قالَ الأزْهري : هذا ساقٍ كانَ أَسْوَدَ الجِلْدةِ فاسْتَقَى مِن بئْر مِلْح ، وكانَ يَبْيَضُّ نَفِيُّ الماءِ على ظَهْرِه إذا تَرَشّش لأنَّه كانَ مِلْحاً ونَفِيُّ الماءِ : ما انْتَضَحَ منه إذا نُزِعَ مِن البِئْرِ.
والنَّفِيُّ أَيْضاً : ما نَفَتْهُ الحوافِرُ من حَصًى وغيرِها في السَّيْرِ.
وأَيْضاً : تُرْسٌ يُعْمَلُ مِن خُوصٍ.
وأَيْضاً : ما تَنْفِيه الرِّيحُ في أُصُولِ الشَّجرِ من التُّرابِ مِن أُصولِ الحِيطانِ ونحوِه ، كالنَّفَيانِ ، محرَّكةً ؛ نقلَهُ الجَوْهرِي.
قالَ : ويُشَبَّهُ به ما يَتَطَرَّفُ من مُعْظَمِ الجَيْشِ ؛ وأنْشَدَ للعامِرِيَّة :
وحَرْبٍ يَضِجُّ القومُ من نَفَيانِها |
|
ضَجِيجَ الجِمالِ الجِلَّةِ الدَّبِراتِ (١) |
ويقالُ : أَتَانَا نَفِيُّكُم : أَي وَعِيدُكُم الذي تُوعدُونَنا ؛ نقلَهُ الجَوْهرِي.
ونَفايَةُ الشَّيءِ ، كسَحابَةٍ ويُضَمُّ وهي اللّغَةُ المَشْهورَةُ ، ونَفاتُهُ ونَفْوَتُه ونَفِيُّهُ ، كغَنِيٍّ ، ونَفاؤُهُ ، بفَتْحِهِنَّ ، إلَّا أَنَّ الصَّاغاني ضَبَطَ النِّفْوَة بالكَسْر خاصَّةً ؛ ونَفَاتُهُ ، بالضَّمِّ ، رَدِيئُهُ (٢) وبَقِيَّتُهُ ؛ وخَصَّ ابنُ الأعْرابي به رَدِيءَ الطَّعام.
قالَ ابنُ سِيدَه : وذَكَرْنا النَّفَوَةَ والنَّفاوَةَ في هذا الحَرْفِ لأنَّه ليسَ في الكَلامِ نفو وَضْعاً.
والنَّفْيَةُ ، بالفتح ، والنَّفِيَّةُ ، كغَنِيَّةٍ : سُفْرَةٌ مِن خُوصٍ شِبْه الطَّبَقِ عَرِيض مُدَوَّر واسِع يُشَرُّ عليها الأَقِطُ.
قُلْتُ : هذه اللَّفْظَةُ قد اخْتَلَفُوا في ضَبْطِها اخْتِلافاً واسِعاً. وقد جاءَ ذِكْرُها في حديثِ زيْدِ بنِ أسْلَم : «أَرْسَلَني أَبي إلى ابنِ عُمَر فقلت له : إنَّ أَبي أَرْسَلَني إليك تَكْتُبُ إلى عامِلِكَ بخَيْبَر يَصْنَعُ لنا نَفِيَّتَيْنِ نُشَرِّرُ عليهما الأقِطَ ، فأَمَر قَيِّمَهُ لنا بذلكَ».
قالَ أَبو الهَيْثم : أَرادَ بِنَفِيَّتَيْنِ سُفْرَتَيْنِ مِن خُوصٍ.
قال ابنُ الأثير : يُرْوَى نَفِيين (٣) بوزن بَعِيرَيْن ، وإنَّما هو نَفِيَّتَيْنِ على وَزْن شَقِيَّتَيْن (٤) واحِدَتُهما نَفِيَّةٌ كَطَوِيَّة ؛ قالَهُ أَبو موسَى.
وقالَ الزَّمَخْشري (٥) : قالَ النَّضْر : هي النُّفْته بوَزْنِ الظُّلْمةِ وعوض الياء تاء فَوْقَها نُقْطتانِ ؛ وقال غيرُهُ : هي النُّفْية بالياءِ وجَمْعُها نُفىً كنُهْيَةٍ ونُهًى ومَعْنَى الكلِّ واحِدٌ.
قُلْتُ : ورُوِي عن ابنِ الأَعْرابي : النُّفْيَةُ ، بالضم أَيْضاً ، وكغَنِيَّةٍ ، وقالَ : يُسَمِّيها الناسُ النَّثِيَّة (٦) وهي النَّفِيَّة. وذَكَرَه المصنِّفُ في نبا ، وجَعلَه فارِسِيًّا مُعَرَّباً ، وليسَ كما ذَكَرَ وإنَّما هو النَّثِيَّةُ بالثاءِ لُغَةٌ في النَّفِيَّة ، وظَهَرَ بما تقدَّمَ أَنَّه بالضم لا الفَتْح ، وغَلِطَ المصنِّفُ ، وأَنَّه عَرَبيٌّ لا مُعَرَّبٌ ، ووَهِمَ المصنِّفُ وقد تَرَكَ مِن لُغاتِه النُّفْية المَرْوِيَّة عن النَّضْر ، فتأَمَّل ذلك ، وأنصف.
وممَّا يُسْتدركُ عليه :
انْتَفَى شَعَرُ الإِنْسانِ : إذا تَساقَطَ.
ونَفَيانُ السَّيْل ، بالتَّحْريكِ : ما فاضَ مِن مُجْتَمَعِه كأَن يَجْتَمِعَ في الأنْهارِ الإخاذاتُ ثم تَفِيضُ إذا مَلأَها ، فذلكَ نَفَيانُه.
انْتَفَى منه : تَبَرَّأَ وأَيْضاً رَغِبَ عنه أَنفاً واسْتِنْكافاً.
ويقالُ ، هذا يُنافي ذلكَ ، وهُما يَتَنافَيَانِ.
والمَنْفِيُّ. المَطْرُودُ ، والجَمْعُ المَنافِي.
__________________
(١) اللسان والصحاح.
(٢) في القاموس : «رِديُّهُ» بدون همز.
(٣) نَفِيتَيْن.
(٤) عن النهاية وبالأصل «سقيتين».
(٥) انظر الفائق ٣ / ١١٨.
(٦) في اللسان والتهذيب : «النَّبِيّة» عن عوام الناس بالحجاز كما في التهذيب.