ونَشِيَ مِن الشَّرابِ ، كعَلِمَ ، نَشْواً ، بالفتح ، ونُشْوَةً ، مَثَلَّثَةً ؛ الكَسْرُ عن اللّحْياني ؛ سَكِرَ ؛ أَنْشَدَ ابنُ الأعْرابي :
إني نَشِيتُ فما أَسْطِيعُ مِن فَلَتٍ |
|
حتى أُشَقِّقَ أَثْوابي وأَبْرادِي |
كانْتَشَى وتَنَشَّى ؛ قال ، سِنانِ بنُ الفحلِ الطَّائِي :
وقالوا : قد جُنِنْتَ فقلت : كَلَّا |
|
ورَبي ما جُنَنْتُ ولا انْتَشَيْتُ (١) |
ويُرْوَى : ما بَكَيْتُ ولا انْتَشَيْتُ : وأَنْشَدَ الجَوْهرِي وقالَ : يريدُ ولا بَكَيْتُ مِن سكْرٍ.
ويقالُ : الانْتِشاءُ أَوَّل السُّكْر ومُقدِّماته.
ونَشِيَ بالشَّىءٍ نَشاً : عاوَدَهُ مَرَّةً بعْدَ أُخْرَى ؛ وأنْشَدَ أَبو عَمْرو لشوال بن نعيم :
وأَنْت نَشٍ بالفاضِحاتِ الغَوائِل
أَي مُعاوِدٌ لها.
ونَشِيَ المالُ نَشاً : أَخَذَه داءٌ مِن نَشْوَةِ العِضاهِ ، وهي أَوَّل ما يَخْرجُ.
وأَنْشاهُ : وَجَدَ نَشْوَتُه ، نقلَهُ ابن القطَّاعِ عن اللّحْياني.
والنَّشِيَّةُ ، كغَنِيَّةٍ : الرَّائِحَةُ ، كالنَّشْوَةِ ، هكذا في النسخِ ، وهو غيْرُ محرَّرٍ مِن وَجْهَيْن : الأوَّل : الصَّوابُ في النّشْيَة كسْر النونِ وتَخْفيفِ الياءِ وهو المَنْقولُ عن ابنِ الأعْرابي (٢) وفَسَّره بالرَّائِحَةِ ؛ وثَانِياً : قولهُ كالنَّشْوة مُسْتدركٌ لا حاجَةَ إلى ذِكْرهِ ، وسِياقُ المُحْكم في ذلكَ أَتَم فقالَ : وهو طَيِّبُ النَّشْوَةِ والنِّشْوَةِ والنَّشْيَةِ الأخيرَةُ عن ابنِ الأعرابي ، فتأَمَّل ذلكَ ؛ ولم يَذْكَر أَحَدٌ النَّشِيَّة كغَنِيَّةٍ ، وإنَّما هو تَصْحيفٌ وَقَعَ فيه المصنِّفُ.
ورجُلٌ نَشْوانُ ونَشْيانُ (٣) ؛ على المُعاقَبَةِ ، بَيِّنُ النَّشْوَةِ ، بالفتح ؛ إنما ذكر الفَتْح ولو أنَّ الإطْلاقَ يَكْفِيه مُراعاةً لِمَا يأْتي بعْدَه مِن قوْلهِ بالكَسْر يقالُ اسْتَبَانَتْ نِشْوَته.
قالَ الجَوْهرِي : وزَعَمَ يونس أنَّه سَمِعَ فيه نِشْوة ، بالكَسْر.
ورجُلٌ نَشْيانُ بالأَخْبارِ ؛ وفي الصِّحاح : للأَخْبارِ وهو الصَّوابُ ، قالَ : وإنَّما قالوا بالياءِ للفَرْقِ بَيْنه وبَيْنَ النَّشْوانِ مِن الشَّرابِ ، وأَصْلُ الياءِ في نَشِيت واو قُلِبَت ياءً للكَسْرةِ انتَهَى. وقالَ غَيْرُه هذا على الشّذوذِ وإنَّما حكْمُه نَشْوان ، ولكنَّه مِن بابِ جَبَوْت الماءَ جبايَةً ؛ وقال شمِرٌ : رجُلٌ نَشْيانُ للخَبَرِ ونَشْوانُ مِن السّكْرِ ، وأَصْلُهما الواو ففَرَّقُوا بَيْنهما ؛ وقالَ الكِسائي : رجُلٌ نَشْيانُ للخَبَرِ ونَشْوانُ ، وهو الكَلامُ المُعْتَمَدُ ؛ بَيِّنُ النِّشْوةِ ، بالكَسْر ، هكذا فَصَّلَه شمِرٌ وفَرَّق بَيْنه وبَيْنَ نَشْوةِ الخَمْرِ ؛.
[أي] : * يَتَخَبَّرُ الأَخْبارَ أَوَّلَ وُرُودِها.
والنَّشا ، مَقْصورٌ وقد يُمَدُّ ، ظاهِرُه الإطْلاق والصَّحيحُ أنَّه يُمَدُّ عنْدَ النِّسْبَةِ إليه ؛ شيءٌ يُعْمَلُ به الفَالَوذ ، يقالُ له النَّشاسْتَج ، فارِسيٌّ مُعَرَّبٌ ؛ قال الجَوْهرِي : حُذِفَ شَطْرُه تَخْفيفاً ، كما قالوا للمَنازِلِ مَنَا (٤) كَوْنه مُعَرَّباً هو الذي يَقْتَضِيه سِياقُ الأئِمّة في كُتُبِهم ، وبه صَرَّحَ الجَوْهرِي وابنُ سِيدَه في المُحْكم وفي المُخَصَّص أَيْضاً ، وابنُ الجَوالِيقي في المُعَرَّب ، إلَّا أَنَّه قالَ : مُعَرَّبُ نشاسته (٥) ، وفي المُخَصَّص سُمِّي بذلكَ لخموم رائِحَتهِ.
وقالَ أبو زيْدٍ : النَّشاحِدَّةُ الرَّائِحَةِ طَيِّبَةً كانتْ أَو خَبِيثَةً ، فمن الطّيبِ قولُ الشاعرِ :
__________________
(١) اللسان ، والصحاح.
(٢) ضبطت في اللسان ، عن ابن الأعرابي ، ضبط حركات «النَّشْية وكتب مصححه بعد نقله عبارة الشارح : «لكن الذي عن ابن الأعرابي كما في غير نسخة عتيقة من المحكم يوثق بها نشية كغنية».
(٣) بعدها في القاموس زيادة. سقطت من الشارح. ونصها : «سَكْرانُ».
(*) ما بين معكوفتين : ساقطة من الأصل.
(٤) في مثل قول لبيد :
درس المنا بمتالع فأبان |
|
فتفادمت بالحبس فالسوبان |
(٥) قال الأنطاكي في تذكرته : وهو ما يستخرج من الحنطة إذا أنقعت حتى تلين ومرست حتى تخالط الماء وصفيت من منخل ثم جففت ولو في الشمس. وقيل النشا : النشاستج هو مادة عضوية لا متبلورة بيضاء اللون عادمة الطعم والرائحة ناعمة الملمس. وهو ينتمي كيماوياً إلى فئة مركبات هيدرات الكربون.