قيلَ : أَرادَ قَصْدَها وأَنَّثَ على قوْلِكَ ذَهَبَتْ بعضُ أَصابِعِهِ ؛ ويقالُ : إنَّه أَرادَ مَنازِلَها فحذَفَ ؛ ومِثْلُه قولُ لبيدٍ :
دَرَسَ المَنا بمُتَالِعٍ فأَبَانِ (١)
قالَ الجَوْهرِي : وهي ضَرُورَةٌ قَبِيحَةٌ.
* قُلْت : وقد فَسَّر الشَّيْباني في الجيمِ قوْلَ الأخْطَل بمعْنًى آخَر سَيَأْتِي قرِيباً.
ومُنِيَ بكذا ، كعُنِيَ : ابْتُلِيَ به ، كأَنَّما قُدِّرَ له وقُدِّرَ لها.
ومُنِيَ لكذا : وُفِّقَ له.
والمَنِيُّ ، كغَنِيٍّ ، وهو مُشَدَّد : والمَذْيُ والوَدْيُ مُخَفَّفان (٢) ، وقد يُخَفَّفُ في الشِّعْرِ ، وقولُه : كإلَى ، غَلَطٌ صوابُه به ويُخَفَّفُ ، والمَنْيَةُ ، كرَمْيَةٍ للمَرَّةِ من الرَّمْي وضَبَطَه الصَّاغاني في التكملةِ بضم الميمِ وهو الصَّوابُ ؛ ماءُ الرَّجُلِ والمرأَةِ ؛ اقْتَصَرَ الجَوْهرِي وجماعَةٌ على ماءِ الرَّجُلِ ؛ وشاهِدُ التَّشْديدِ قولُه تعالى : (أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى) (٣) ؛ أَي يُقَدَّرُ بالعِدَّةِ الإلهيَّةِ ما تكوّن منه ؛ وقُرِىءَ تُمْنَى بالتاءِ على النّطْفةِ.
وسُمِّي المَنِيّ لأنَّه يُقَدَّرُ منه الحَيَوانُ ؛ وأَنْشَدَ ابنُ برِّي للأخْطَل يَهْجُو جريراً :
مَنِيُّ العَبْدِ عَبْدِ أَبي سُواجٍ |
|
أَحَقُّ مِنَ المُدامةِ أَنْ يُعابا (٤) |
وشاهِدُ التَّخْفِيفِ قولُ رُشَيْدِ بنِ رُمَيْضِ ؛ أَنْشَدَهُ ابنُ برِّي :
أَتَحْلِفُ لا تَذُوقُ لنا طَعاماً |
|
وتَشْرَبُ مَنْيَ عَبْدِ أَبي سُواجِ؟ |
ج مُنْيٌ ، كقُفْلٍ ؛ حَكَاهُ ابنُ جنِّي وأَنْشَدَ :
أَسْلَمْتُمُوها فباتَتْ غيرَ طاهِرةٍ |
|
مَنْيُ الرِّجالِ على الفَخْذَيْنِ كالمُومِ |
ومَنَى الرَّجُلُ يمني مَنْياً وأَمْنَى إِمْناءً ومَنَّى تَمْنِيَةً ، كلُّ ذلكَ بمعْنًى ؛ وعلى الأوَّلَيْن اقْتَصَر الجَوْهرِي والجماعَةُ.
واسْتَمْنَى : طَلَبَ خُرُوجَهُ واسْتَدْعاهُ.
ومِنَى ، كإلَى. ة بمكَّةَ ، تُكْتَبُ بالياءِ ، وتُصْرَفُ ولا تُصْرَفُ. وفي الصِّحاح : مَوْضِعٌ بمكَّة ، مُذَكَّرٌ يُصْرَفُ.
وفي كتابِ ياقوت : مِنًى ، بالكسْرِ والتَّنْوينِ في الدَّرجِ (٥).
سُمِّيَتْ بذلكَ لِما يُمْنَى بها من الدِّماءِ ؛ أَي يُراقُ.
وقالَ ثَعْلب : هو مِن قوْلِهم : مَنَى اللهُ عليه المَوْتَ ، أَي قَدَّرَهُ لأنَّ الهَدْيَ يُنْحَرُ هُنالِكَ.
وقالَ ابنُ شُمَيْل : لأنَّ الكبْشَ مُنِيَ به أَي ذُبحَ.
وقالَ ابنُ عُيَيْنَة : أُخِذَ مِن المَنايا ، أَو لأنَّ العَرَبَ تُسَمَّى كلَّ محلِّ يُجْتَمَع فيه مِنًى ، أَو لِبُلُوغِ الناسِ فيه مُناهُم ؛ نقلَهُ شيْخُنا.
ورُوِي عن ابنِ (٦) عبَّاسِ رضِيَ اللهُ تعالى عنهما ، أَنَّه قالَ : سُمِّيَتْ بذلكَ لأنَّ جِبْريلَ ، عليهالسلام ، لمَّا أَرادَ أَنْ يُفارِقَ آدَمَ ، عليهالسلام ، قال له : تَمَنَّ ، قالَ : أَتَمَنَّى الجَنَّةَ ، فسُمِّيَتْ مِنًى لأُمْنِيَّةِ آدَمَ ، عليهالسلام ؛ وهذا القولُ نقلَهُ ياقوتٌ غَيْر مَعْزُوِّ.
قالَ شيْخُنا : مكَّةَ نَفْسُها قَرْيَةٌ ، ومِنَى قَرْيةٌ أُخْرَى بَيْنها وبينَ مَكَّة أَمْيالٌ ، ففي كَلامِ المصنِّفِ نَظَرٌ ، انتَهَى.
وقالَ ياقوتٌ : مِنَى بُلَيْدَةٌ على فَرْسَخ من مكَّةَ طُولُها مِيلان تعمرُ أَيامَ المَوْسِم وتَخْلُو بَقِيَّة السَّنَةِ إلَّا ممَّنْ يَحْفَظُها ، وقَلَّ أَن يكونَ في الإسْلامِ بَلَدٌ مَذْكورٌ إِلَّا ولأهْلِه بمِنَى مضْرَبٌ.
ومِنَى : شعبان بَيْنهما أَزِقَّةٌ ، والمسْجِدُ في الشارعِ الأيْمَن ، ومَسْجِد الكَبْشِ بقُرْبِ العَقَبَةِ التي تُرْمَى عليها
__________________
(١) ديوانه ص ٢٠٦ وعجزه :
وتقادمت بالحبس فالسوبان
وصدره في اللسان والصحاح والتهذيب.
(٢) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله مخففان ، هذا قول لبعض اللغويين ، وإلا فقد ذكر المصنف فيهما التشديد أيضاً».
(٣) سورة القيامة ، الآية ٣٧.
(٤) في اللسان : «أن تعيبا».
(٥) في معجم البلدان : في درج الوادي الذي ينزله الحاج.
(٦) في القاموس : بالرفع ، والكسر ظاهر.