وقالَ أبو الهَيْثَم : سُمِّيَ الكَرَوانُ كَرَواناً بضدِّه لأنَّه لا ينامُ بالليْلِ ، وقيل : هو طائِرٌ يُشْبِهُ البَطَّ.
وقيلَ : طائِرٌ طَوِيلُ الرِّجْلَيْن أَغْبَر دُونَ الدَّجَاجَةِ في الخَلْقِ ، وله صَوْتٌ حَسَنٌ يكونُ بمِصْر مع الطّيورِ الدَّاجِنَةِ ، وهي من طيورِ الرِّيف والقُرَى لا تكونُ في البادِيَةِ.
* قُلْت : وهذا القولُ الأخيرُ هو الصَّحيحُ.
ج كَرَاوِينُ ، قالوا ذلك كما قالوا وَرَاشِينَ ، وهو قَليلٌ ؛ ويُنْشَدُ في صفَةِ صَقْر لأبي زغبٍ دلم العَبْشَميّ :
عَنَّ له أَعْرَفُ ضافي العُنْثُونْ |
|
داهِيَةً صِلَّ صَفاً دُرَخْمِيْنْ |
حَتْفَ الحُبارَيَاتِ والكَراوِينْ (١)
قال ابنُ سِيدَه : ولم يَعْرِفْ سِيْبَوَيْه في جَمْعِ الكَرَوانِ إلَّا كِرْوان ، بالكسْر ، فوَجْهه على أنَّهم جَمَعُوا كَراً.
وقال الجَوْهرِي : هو على غيرِ قِياسٍ كما إذا جَمَعْتَ الوَرشانَ قُلْت : وِرْشانٌ ، وهو جَمْعٌ بحذْفِ الزَّوائِدِ ، كأنَّهم جَمَعُوا كَراً مِثل أخٍ وإخْوان.
ويقالُ للذَّكَرِ الكَرَا ، وهو يُكْتَبُ بالألِفِ ؛ قالَهُ القالِي ؛ وأَنْشَدَ للراجِزِ :
أَطْرِقْ كَرَا أَطْرِقْ كَرا |
|
إِنَّ النَّعامَ فِي القُرَى (٢) |
يقالُ ذلكَ له إذا صيدَ ؛ كما في الصِّحاح.
وفي الأساس : يقالُ للكَرَوانِ : «أَطْرِقْ كَرا إنَّك لَنْ تُرَى» ، فإذا سَمِعَها لَبَدَ بالأرضِ فيُلْقى عليه ثَوْبٌ فيُصادُ.
وفي المُحْكم : أَطْرِقْ كَرا أَطْرِق كَرَا.
* إنَّ النَّعَامَ في القُرَى : مَثَلٌ يُضْرَبُ لمَنْ يُخْدَعُ بِكَلامٍ يُلَطَّفُ له ويُرادُ به الغائِلَةُ ؛ وقيلَ : يُضْرَبُ لمَنْ يُتَكلَّم عِنْدَه بكَلامٍ فيَظِنُّ أنَّه هو المُرادُ بالكَلامِ ، أي اسْكُتْ فإنِّي أُريدُ مَنْ هو أَنْبَلُ منْكَ وأَرْفَع مَنْزِلَةً.
وقالَ أحمدُ بنُ عبيدٍ : يُضْرَبُ للرَّجُلِ الحَقِيرِ إذا تكلَّمَ في الموْضِعِ الذي لا يُشْبهُهُ وأَمْثالَه الكَلامُ فيه ، فيُقالُ له : اسْكتْ يا حَقِير فإنَّ الأجلَّاءَ أَوْلَى بهذا الكَلامِ مِنْك ؛ والكَرَا هو الكَرَوانُ ، وهو طائِرٌ صَغِيرٌ فخُوطِبَ الكَروانُ والمَعْنى لغيرِهِ ، ويُشَبَّه الكَرَوانُ بالذَّلِيلِ ، والنَّعامُ بالأعِزَّةِ ، ومَعْنى أَطْرِقْ ، أَي غُضَّ ما دامَ عَزِيزٌ في القُرَى فإيَّاك أن تَنْطقَ أيُّها الذَّليلُ ، ولا تَتَشرَّف للذي لسَتْ له بنَدِّ ؛ نقلَهُ ابنُ سِيدَه والقالِي. وقد جَعَلَه محمدُ بنُ يزيدٍ تَرْخِيمَ الكَرَوانِ فغَلِطَ.
وقالَ ابنُ هانِىءٍ في قوْلِهِم : أَطْرِق كَرَا ، رُخِّم الكَرَوانُ وهو نَكرَةٌ ، كما قال بعضُهم يا قُنْفُ ، يُريدُ يا قُنْفُذ ، قالَ : وإنَّما يُرَخَّم في الدّعاءِ المَعارِف نَحْو مالِكٍ وعَامِرٍ ، ولا تُرَخَّم النَّكِرَةُ نَحْو غُلامٍ ، فرُخِّم كَروانٌ وهو نَكِرَةٌ ، وجُعِل الواوُ أَلفاً ، فصارَ نادِراً.
وقالَ الرستمي : الكَرَا هو الكَرَوانُ ، حَرْفٌ مَقْصورٌ ، والصَّوابُ الأوَّل لأنَّ التَّرْخِيمَ لا يُسْتَعْمل إلَّا في النِّداءِ.
والكُرَةُ ، كثُبَةٍ : مَعْروفَةٌ وهي ما أَدَرْتَ من شيءٍ.
وفي الصِّحاح : هي التي تُضْرَب بالصَّوْلجانِ ، وأَصْلُها كُرَوٌ ، والهاءُ عِوَضٌ ؛ ج كُرِينَ ، بالضَّمِّ ، وكِرِينَ ، بالكسْرِ ، وكُرًى وكُراتٌ ، بضمِّهِما ؛ الثَّالِثَةُ عن الزَّمَخْشري. شاهِدُ الكُرَةِ قولُ بعضِهم :
كرة طرحت بصوالجة |
|
فتلقفها رجل رجل |
وشاهِدُ الكُرِيْن قولُ الآخَرِ :
يُدَهْدِين الرُّؤوسَ كما يُدَهْدي |
|
حَزاوِرةٌ بأيْدِيها الكُرينا (٣) |
وشاهِدُ كُراتٍ قولُ لَيْلى الأخْيَلِية تصِفُ قَطاةً تَدلَّت على فِراخِها :
__________________
(١) اللسان والأخير في الصحاح.
(٢) الصحاح والمقاييس ٥ / ١٧٥ وفيها «إن النعامة».
(٣) اللسان وبهامش المطبوعة المصرية : «قوله : بأيديها ، أنشده في اللسان في مادة دهده : بأبطحها».