وقالَ ابنُ الأثيرِ : هو مِن أَلْفاظِ الكِنايَةِ ، ومَعْناه مِثْل ذَا ، ويُكْنَى به عن المَجْهُولِ وعمَّا لا يُرادُ التَّصْريح به.
قال شيْخُنا : التفاته إلى كَوْنِهِ مُرَكباً من كافِ الجرِّ وذا الإشارِيَّةِ لا التفات إليه وإن قالَ به طائفَةٌ ، لأنَّه لم يَبْقَ لذلك رائِحةٌ بل سُلِبَتِ الكَلِمةُ ذلكَ وصارَتْ كِنايةً ، كما قالَ : وسيَعودُ إِلى ذِكْرِه في الحُروفِ الليِّنَةِ.
والكاذِيُّ : دُهْنٌ مَعْروفٌ ، وهو بتَشْديدِ الياءِ (١) كما في التكْمِلَةِ.
وقيلَ : نَبْتٌ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ منه يُصْنَعُ الدُّهْنُ ، والمَعروفُ أنَّ الكاذِيَّ شَجَرٌ شِبْه النخْلِ في أَقْصَى بِلادِ اليَمَنِ ، وَطَلْعُه هو الذي يُصْنع منه الدُّهْن ويُوضَعُ في الثِّيابِ فتَطِيبُ رائِحَتُها ؛ ذَكَرَه غيرُ واحِدٍ.
وفي التكملةِ : الكاذِيُّ نَخْلَةٌ ولها طَلْعٌ فيُقْلع طَلْعُها قَبْلَ أن يَنْشقَّ فيُلْقَى في الدُّهْن ويُتْرَك حتى يَأْخَذَ الدُّهْن رِيحَهُ ويطيَّب ، وله خُوصٌ على طَرَفَيْهِ شَوْكٌ.
والكاذِيُّ : الأَحْمَرُ. يقالُ : رَأَيْته كاذِياً كَرِكاً ، أَي أحْمَر ؛ عن ابنِ الأعْرابي.
* وممَّا يُسْتدركُ عليه :
أَكْذَى الشيءُ احْمَرَّ.
وأَكْذَى الرَّجلُ : احْمَرَّ لَوْنُه مِن خَجَلٍ أَو فَزَعٍ.
والكاذِي والجِرْيالُ البَقْم ؛ كلُّ ذلكَ عن ابنِ الأعْرابي.
[كرى] : ي كَرِيَ الرَّجُلُ ، كرَضِيَ يَكْرَى كَرًى : نامَ ؛ وأَنْشَدَ الجَوْهرِي لجميلٍ :
لا تُسْتَمَلُّ ولا يَكْرَى مُجالِسُها |
|
ولا يَمَلُّ من النَّجْوى مُناجيها (٢) |
وقال القالِي : الكَرَى ، مَقْصورٌ ، النَّوْمُ ؛ يُكْتَب بالياءِ ؛ وأَنْشَدَ الأصْمعي :
وأَطْرَقَ إطْراقَ الكَرَى مَن أُحارِبُهْ
وقالَ : له مَذْهبانِ يَجوزُ أَن يكونَ المَصْدَر ، ويَجوزُ أن يكونَ الاسْمَ ، أَي كما يَطْرِقُ النَّوْمُ بصاحِبِهِ ؛ وقالَ الحُطَيْئة :
ألا هَبَّتْ أمامَةُ بَعْدَ هدءٍ |
|
على لَوْمي وما قَضَّتْ كَرَاها (٣) |
وقالَ بِشْرٌ :
فَلاةٌ قد سَرَيْتُ بِها هدواً |
|
إذا ما العَيْنُ طافَ بها كَراها |
فهو كرٍ ، مَنْقصوصٌ ، وكَرْيانٌ وكَرِيٌّ ، كغَنِيٍّ : يقالُ : أَصْبَحَ فلانٌ كَرْيانَ الغَداةِ : أَي ناعِساً ؛ وقال الشاعرُ :
مَتى تَبِتْ ببَطْنِ وادٍ أَو تَقِلْ |
|
تَتْرُكْ بِهِ مِثْلَ الكَرِيِّ المُنْجَدِلْ |
أَي مَتى تَبِتُ هذه الإِبلُ في مكانٍ أَو تَقِل به نهاراً تَتْرُك به زقًّا مَمْلوءً لَبَناً كأَنَّه رجلٌ نَائِمٌ يَصِفُ إِبِلاً بكَثْرةِ الحَلْبِ.
وهي كَرِيَةٌ ، مُخَفَّفَةٌ ، أَي على فَعِلَةٍ ؛ نقلَهُ الجَوْهرِي.
نَعِسَ تَفْسِيرٌ لكَرِيَ.
وكَرِيَ الرَّجُلُ : عَدا عَدْواً شَدِيداً ، صَرِيحُه أنَّه كرَضِيَ وليسَ كذلكَ بل هو من حَدِّ رَمَى. قالَ ابنُ دُرَيْدٍ في الجَمْهرةِ : كَرَى كَرْياً ؛ قالَ : وليسَ باللغَةِ العالِيَةِ.
وكَرَى (٤) النَّهْرَ كَرْياً ، وهذا أيْضاً مِن حَدِّ رَمَى : اسْتَحْدَثَ حَفْرَهُ.
وفي الصِّحاح : كَرَيْت النَّهْرَ ، بالفَتْح ، كَرْياً : حَفَرْته.
وكَرَتِ النَّاقَةُ بِرِجْلَيْها كَرْياً : قَلَبَتْهُما في العَدْوِ ؛ وكَذلِكَ كَرَى الرَّجلُ بقَدَمَيْه ، وهذا أَيْضاً من حَدِّ رَمَى.
قالَ ابنُ سِيدَه : وهذه الكلِماتُ يائِيَّةٌ لأنَّ ياءَها لامٌ ، وانْقِلاب الألِفِ ياء عن اللامِ أَكْثَرِ مِن انْقِلابِها عن الواوِ.
__________________
(١) وفي القاموس واللسان أهملت الياء ، فالمرجوح تخفيفها فيهما. ووردت «كادى» بالدال المهملة في تذكرة الأنطاكي.
(٢) اللسان والصحاح.
(٣) ديوانه ط بيروت ص ٦٣ وعنه ضبط.
(٤) سياق القاموس يقتضي أنه معطوف على ما قبله ، يعني كري كرضي. والمثبت كعبارة التهذيب.