وقولُه تعالى : (يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ) (١) ، أَي بجِدِّ وعَوْنٍ من اللهِ تعالى ؛ كالقِوايَةِ ، بالكسْر. يقالُ ذلكَ في الحَزْمِ ، ولا يقالُ في البَدَنِ ، وهو نادِرٌ ، وإنَّما حُكْمُه القِواوَةُ أَو القِواءَةُ ؛ قالَ الشاعِرُ :
ومالَ بأعْناقِ الكَرَى غالِباتُها |
|
وإنِّي على أَمْرِ القِوايَةِ حازِمُ (٢) |
وقَوِيَ الضَّعيفُ ، كرَضِيَ ، قُوَّةً فهو قَوِيٌّ ، والجَمْعُ أَقْوياءُ ؛ وتَقَوَّى مِثْلُه ، كما في الصِّحاح ؛ واقْتَوَى كَذلكَ ؛ قالَ رُؤْبَة :
وقُوَّةَ اللهِ بها اقْتَوَيْنا
وقيلَ : اقْتَوَى جادَتْ قُوَّتُه.
وقَوَّاهُ اللهُ تعالى تَقْوِيَةً.
وفي المُحْكم : قَوَّى اللهُ ضَعْفَك ، أَي أَبْدَلَكَ مَكانَ الضَّعْفِ قوَّةً ؛ وقد جاءَ كَذلكَ في الدُّعاءِ للمَرِيضِ ، ومَنَعَه الإمامُ الشَّافِعِيّ ؛ ذَكَره ابنُ السَّبْكيّ في الطَّبقاتِ.
وحَكَى سِيْبَوَيْه : فلانٌ* يُقَوَّى ، بالتَّشْدِيدِ ، أَي يُرْمَى بذلك.
وفَرَس مُقْوٍ ، كمُعْطٍ : أَي قَوِيٌّ.
ورجُلٌ مُقْوٍ : ذُو دَابَّةٍ قَوِيَّةٍ.
وفلانٌ قَوِيٌّ مُقْوٍ : أَي قَوِيٌّ في نَفْسِه ، ومُقْوٍ في دابَّتِه.
وفي حديثِ غَزْوةِ تَبُوك : «لا يَخْرُجَنَّ مَعَنَا إلَّا رجُلٌ مُقْوٍ» ، أَي ذُو دابَّةٍ قَوِيَّةٍ ومنه قولُ الأسْوَد بنِ يَزِيد في تَفْسِيرِ قولِه ، عَزَّ وجلَّ : (وَإِنّا لَجَمِيعٌ حاذِرُونَ) (٣) ؛ قالَ : مُقْوُون مُؤْدُون ، أَي أَصْحاب دَوابِّ قَوِيَّةٍ كامِلُو أَدَاةِ الحرْبِ.
والقُوَى ، بالضَّمِّ : العَقْلُ ؛ أَنْشَدَ ثَعْلَب :
وصاحِبَيْنِ حازِمٍ قُواهُما
نَبَّهْتُ والرُّقادُ قد عَلاهُما |
|
إلى أَمُونَيْنِ فَعَدَّياهُما |
والقُوَى : طاقاتُ الحَبْلِ ، جَمْعُ قُوَّة للطَّاقَةِ من طَاقاتِ الحَبْلِ أَو الوَتَرِ ، ويقالُ في جَمْعِه القِوَى ، بالكسْرِ أيْضاً ؛ وأَنْشَدَ أَبُو زَيدٍ :
وقيلى (٤) لها إنَّ القُوَى قد تَقَطَّعَتْ |
|
وما للقُوَى ما لم يَجِدَّ بَقاء |
وحَبْلٌ قَوٍ ووَتَرٌ قَوٍ : وكِلاهُما مُخْتَلِفُ القُوَى. وفي حديثِ ابنِ الدَّيْلمي (٥) : «يُنْقَضُ الإسْلامُ عُرْوَةً عُرْوَةً كما يُنْقَضُ الحبْلُ قُوَّةً قُوَّةً».
وأَقْوَى : إذا اسْتَغْنَى ؛ وأَيْضاً : إذا افْتَقَرَ ، كِلاهُما عن ابنِ الأعْرابيِ ؛ ضِدٌّ ، فالأوَّلُ بِمَعْنَى صارَ ذَا قُوَّةٍ وغِنًى ، والثاني : بمعْنَى زالَتْ قُوَّتُه ، والهَمْزَةُ للسَّلْب.
وأَقْوَى الحَبْلَ والوَتَرَ جَعَلَ بَعْضَه ، أَي بَعْضَ قُواهُ ، أَغْلَظَ من بَعْضٍ ، وهو حَبْلٌ مُقْوًى ، وهو أن تُرْخِي قُوَّة وتُغَيّر قُوَّة فلا يَلْبَثُ الحَبْل أنْ يَتَقَطَّعَ.
وأَقْوَى الشِّعْرَ : خالَفَ قَوافِيَهُ برَفْعِ بَيْتٍ وجَرِّ آخَرَ.
قالَ أَبو عَمْرِو بنُ العَلاء : الإِقْواءُ أنْ تَخْتلفَ (٦) حَرَكاتُ الرَّوِيِّ فبَعْضُه مَرْفوعٌ وبَعْضُهُ مَنْصوبٌ أَو مَجْرورٌ.
وقالَ أبو عُبيدَةَ : الإِقْواءُ في عيوبِ الشِّعْرِ نُقْصانُ الحَرْفِ مِن الفاصِلَةِ يَعْنِي مِن عرُوضِ البَيْتِ ، وهو مُشْتَقٌّ من قُوَّةِ الحَبْلِ ، كأَنَّه نَقض قُوَّة مِن قُواهُ ، وهو مِثْلُ القَطْع في عَرُوضِ الكامِلِ ، وهو كقولِ الرَّبيعِ بنِ زِيادٍ :
أَفَبَعْدَ مَقْتَلِ مالِكِ بنِ زُهَيْرٍ |
|
تَرْجُو النِّساءُ عَواقِبَ الأَطْهارِ؟ (٧) |
فنَقَص من عَرُوضِه قُوَّة ، والعَرُوضُ : وَسَطُ البَيْتِ.
وقالَ أبو عَمْرٍو : الإِقْواءُ اخْتِلافُ إعْرابِ القَوافِي ، وكانَ يَرْوِي بيتَ الأَعْشى :
__________________
(١) سورة مريم ، الآية ١٢.
(٢) اللسان والتهذيب.
(*) كذا ، وبالقاموس : «وهو» بدل : وفلان.
(٣) سورة الشعراء ، الآية ٥٦.
(٤) كذا بالأصل ، ولم أجده.
(٥) الأصل والنهاية ، وفي اللسان : ابن الديلمي! تحريف.
(٦) بالأصل : يختلف ، والتصحيح عن اللسان.
(٧) اللسان والتهذيب والصحاح.