أَرى الناسَ اتَّفقُوا على الحرْفِ الذي في سُورَةِ البَقَرةِ خاصَّةً إِلَّا أَنَّه اسمٌ ، وبَقِيَّة القُرْآنِ مَصادِرُ.
أَو بالضَّمِّ : ما أَكْرَهْتَ نَفْسَكَ عليه. وبالفتْحِ : ما أَكْرَهَكَ غيرُكَ عليه. تقولُ : جِئْتُكَ كُرْهاً ، وأَدْخَلْتَنِي كَرْهاً ؛ هذا قَوْلُ الفرَّاء.
قالَ الأَزْهرِيُّ : وقد أجْمَعَ كثيرٌ مِن أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّ الكَرْهَ والكُرْهَ لُغتانِ ، فبأَيِّ لُغَةٍ وَقَعَ فجائِزٌ ، إِلَّا الفرَّاء فإِنَّه فَرَّقَ بَيْنَهما بما تقدَّمَ.
وقالَ ابنُ سِيدَه : الكَرْهُ الإِباءُ والمشَقَّةُ تُكَلَّفُها فَتَحْتَمِلُها ؛ وبالضمِّ : المشَقَّةُ تَحْتَمِلُها من غيرِ أَن تُكَلَّفَها ؛ يقالُ : فَعَلَ ذلكَ كُرْهاً وعلى كُرْهٍ.
قالَ ابنُ بَرِّي : ويدلُّ لصحَّةِ قَوْل الفرَّاء قوْلُ اللهِ ، عزوجل : (وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً) (١) ؛ ولم يَقْرأْ أَحَدٌ بضمِّ الكافِ ؛ وقالَ سبحانه : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ) (٢) ، ولم يَقْرَأْ أَحَدٌ بفتْحِ الكافِ فيَصِيرَ الكَرْه بالفتْحِ فعْلَ المُضْطَرّ ، والكُرْه بالضمِّ فعْلُ المُخْتارِ.
وقالَ الراغِبُ : الكَرْهُ ، بالفتْحِ ، المشَقَّةُ التي تنالُ الإِنْسانَ مِن خارجٍ ممَّا يَحْملُ عليه بإكْراهِ ، وبالضمِّ ما ينالُهُ مِن ذاتِهِ ، وهي ما يعافه وذلكَ إِمَّا مِن حيْثُ العَقْلِ أَو الشَّرْعِ ، ولهذا يقولُ الإِنْسانُ في شيءٍ واحِدٍ أُريدُه وأَكْرَهَهُ ، بمعْنَى أُرِيدُه مِن حيثُ الطَّبْعِ وأَكْرَهُه من حيثُ العَقْل أَو الشَّرْعِ (٣).
كَرِهَهُ ، كسَمِعَهُ ، كَرْهاً ، بالفتْح ويُضَمُّ ، وكَراهَةً وكَراهِيَةً ، بالتّخْفِيفِ ويُشَدَّدُ ، ومَكْرَهَةً ، كمَرْحَلَةٍ وتُضَمُّ رَاؤُه كمَكْرُمَةً ، وتَكَرَّهَهُ بمعْنَى واحِدٍ.
وشيءٌ كَرْهٌ ، بالفَتحِ ، وكَرِهٌ كخَجِلٍ وأَميرٍ : أَي مَكْروهٌ. وكَرَّهَهُ إِليه تَكْريهاً : صَيَّرَهُ كَرِيهاً إِليه ، نَقِيضُ حَبَّبَهُ إِليه ؛ وما كانَ كَرِيهاً فَكَرُهَ ، ككَرُمَ ، كَراهَةً.
وأَتَيْتُكَ كَراهِينَ أَنْ تَغْضَبَ : أَي كراهة (٤) أَنْ تَغْضَبَ ، عن اللّحْيانيِّ ، قالَ الحُطَيْئة :
مُصاحِبَةٍ على الكَراهينِ فارِكِ (٥)
أَي على الكَراهَةِ ، وهي لُغَةٌ نَقَلَها اللّحيانيُّ.
والكَرْهُ : الجَمَلُ الشَّديدُ الرأْسِ ؛ نَقَلَهُ الجَوْهرِيُّ ؛ قالَ الرَّاجزُ :
كَرْه الحَجاجَيْنِ شَدِيدُ الأرْآد (٦)
والكَراهَةُ ، كسَحابَةٍ : الأرضُ الغَليظَةُ الصُّلْبَةُ ، مثْل القفِّ وما قارَبَهُ.
والذي في التهْذِيبِ : هي الكَرْهَةُ ، وهو الصَّوابُ ، ومثْلُه بخطِّ الصَّاغانيّ.
والكَرِيهُ : الأسَدُ لأنَّه يُكْرَهُ.
ومِن المجازِ : شَهِدَ الكَرِيهَةَ ، أَي الحَرْبَ أَو الشِّدَّةَ في الحَرْبِ.
وأَيْضاً : النَّازِلَةَ. وكَرائِهُ الدَّهْرِ : نَوازِلُهُ.
ومِن المجازِ : ضَرَبْتُه بذي الكَرِيهَةِ. ذُو الكَرِيهَةِ : السَّيفُ الصَّارِمُ الذي يمضِي على الضَّرائبِ الشِّدادِ لا يَنْبُو عن شيءٍ منها.
وقالَ الأصْمعيُّ : مِن أَسْماءِ السُّيوفِ ذُو الكَرِيهَةِ ، وهو الذي يمضِي في الضَّرائبِ.
قالَ الزَّمَخْشريُّ : وكَرِيهَتُه بادِرَتُه التي تُكْرَهُ منه.
والكَرْهاءُ بالمدِّ ويُضَمُّ مَقْصوراً ، وهذه عن الصَّاغانيّ ؛ قالَ شيْخُنا : فالقَصْرُ خاصٌّ بالضمِّ ، لأنَّ الضمَّ والمدَّ لا قائِل به مع قلَّةِ نَظِيرِه في الكَلامِ ؛ أَعْلَى النُّقْرَةِ ؛ هُذَليَّةٌّ ؛ أَرادَ نُقْرَةَ القَفَا.
__________________
(١) آل عمران ، الآية ٨٣.
(٢) البقرة ، الآية ٢١٦.
(٣) عبارة الراغب في المفردات : وهو يعافه وذلك على ضربين والذي ذكره أحدهما ، وأما الثاني فهو : ما يُعافُ من حيث الطبع.
(٤) في القاموس : كَراهيةَ.
(٥) ديوانه ط بيروت ص ١٣٤ وصدره :
وبكر فلاها عن نعيم غريرةِ
والبيت في التكملة وعجزه في اللسان والتهذيب.
(٦) اللسان والتهذيب بدون نسبة.