قالَ ابنُ سِيدَه : وأَمَّا فُرْهَةٌ فاسمٌ للجَمْعِ ، عِنْدَ سِيبَوَيْهِ ، ولَيْسَ بِجَمْعٍ لِأَنَّ فاعلاً لَيْسَ مِمَّا يُكَسَّرُ عَلى فُعْلَةٍ.
وقال الأَزْهَرِيُّ : يُقال بِرْذَوْنٌ فارِهٌ ، وَحِمَارٌ فَارِهٌ إِذا كانا سَيُورَيْنِ ، ولا يقالُ للفَرَسِ إِلَّا جَوادٌ ، ويقالُ له رائِعٌ.
وفي حديثِ جريجٍ : «دابَّةٌ فَارِهَةٌ» ، أَيْ نَشِيطَةٌ حَادَّةٌ قَوِيَّةٌ. فَأَمَّا قَوْلُ عَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ في الفَرَسِ :
فَصَافَ يُفَرِّي جُلَّه عَنْ سَرَاتِهِ |
|
يَبُذُّ الجِيَادَ فَارِهاً مُتَتَايِعا (١) |
فَزَعَمَ أَبو حاتِم أَنَّ عَدِيًّا لم يَكُنْ لَهُ بَصَرٌ بالخَيْلِ ، وقد خُطِّئَ عَدِيٌّ في ذَلِكَ ، والأُنْثَى فَارِهَةٌ.
وفي الصِّحَاحِ : كَانَ الأَصْمَعِيُّ : يُخَطِّئُ عَدِيّ بْنِ زَيْدٍ في قَوْلِهِ :
فَنَقَلْنَا صَنْعَهُ حتى شَتَا |
|
فَارِهَ البَالِ لَجُوجاً في السَّنَنْ (٢) |
قَالَ : وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عِلْمٌ بالخَيْلِ.
قالَ ابنُ بِرِّي : بَيْتُ عَدِيِّ الذي كانَ الأَصْمَعِيُّ يُخَطِّئه فيه هو قَوْلُهُ :
يَبُذُّ الجِيَادَ فَارِهاً مِتَتَايِعَا
والفَارِهةُ : الجَارِيَةُ الحَسَنَةُ المَلِيحَةُ ، نَقَلَهُ الْجَوْهَرِيُّ.
وأَيْضاً : الفَتِيَّةُ ، وبِهِ فَسَّر ابنُ سِيدَه قَوْلَ النَّابِغَةِ :
أَعْطَى لِفَارِهَةٍ حُلْوٍ تَوَابِعُهَا |
|
مِنَ المَوَاهِبِ لا تُعْطَى عَلى حَسَدِ (٣) |
وأَيْضاً : الشَّدِيدَةُ الأَكْلِ.
وَقَالَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ : رَجُلٌ فَارِهٌ شَدِيدُ الأَكْلِ.
قَالَ : وَقَالَ عَبْدُ لِرَجُلٍ أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَهُ : لَا تَشْتَرِنِي ، آكُلُ فَارِهاً ، وأَمْشِي كَارِهاً. وأَفْرَهَتِ النَّاقَةُ فَهِي مُفْرِهٌ وَمُفْرِهَةٌ : إِذا كَانَتْ تُنْتِجُ الفُرَّهَ. وأَنْشَدَ الْجَوْهَرِيُّ لِأَبِي ذُؤَيْبٍ :
ومُفْرِهَةٍ عَنْسٍ قَدَرَتُ لِسَاقِهَا |
|
فَخَرَّتْ كَمَا تَتَايَعَ الرِّيحُ بالقَفْلِ (٤). |
كَفَرَّهَتْ تَفْرِيهاً فَهِيَ مُفَرِّهَةٌ ، وأَنْشَدَ الْجَوْهَرِيُّ لِمَالِكِ ابْنِ جِعْدَةَ التَّغْلِبِيِّ :
تَحِلُّ عَلَى مُفَرِّهَةٍ سِنَادٍ |
|
على أَخْفَافِهَا عَلَقٌ يَمُورُ (٥) |
وأَفْرَهَ فُلانٌ : اتَّخَذَ غُلاماً فَارِهاً ، أَي : حَسَنُ الوَجْهِ ، عن ابنِ الأَعْرَابِيِّ.
وَفَرِهَ ، كَفَرِحَ : أَشِرَ وَبَطِرَ. قَالَ الفَرَّاءُ : أُقِيمَت الهَاءُ هنا مَقَامَ الحَاءِ في فَرِحَ ، والفَرَحُ في كَلَامِ العَرَبِ الأَشِرُ البَطِرُ. يقالُ : لا تَفْرَحْ أَيْ لَا تَأْشَر.
وفي الصِّحَاحِ : قَولَه تَعَالى : بيوتاً فرِهِين (٦) ، فَمَنْ قَرَأَهُ كَذَلِكَ فَهُو مِنْ هَذَا ، وَمَنْ قَرَأَهُ فارِهِينَ فَهُوَ من فَرُه ، بالضِّمِ ، انتَهَى.
فعلى الأُولى أَي أَشِرِين بَطِرِينَ ، وعلى الثانِيَةِ حَاذِقِينَ ، قَالَه الفَرَّاءُ.
وَهُوَ يَسْتَفْرِهُ الأَفْرَاسَ : أَيْ يَسْتَكْرِمُهَا.
والذي في الأَسَاسِ : فُلَانٌ يَسْتَفْرِهُ الدّوابَّ.
وابنُ فِيرُّه ، بِكَسْرِ الفَاءِ وضمِّ الرَّاءِ المُشَدَّدَةِ أَبُو القاسِمِ وأَبو محمدٍ القاسِمُ ابنُ فِيرُّه بنِ خَلَفِ بنِ أَحمدَ الشَّاطِبِيُّ ناظِمُ القَصِيدَةِ الشَّاطِبِيَّة ، رَحِمَهُ اللهُ تَعَالى ، تُوفي بِمِصْرَ سَنَة ٥٩٠ عن خَمْسٍ وَخَمْسِينَ سَنَة ، وَمَعْنَاهُ الجَدِيدَةُ* بالمَغْرِبِيَّةِ ، وَفِي فَتحِ المواهب للشَّهَابِ القَسْطَلاني : مَعْنَاهُ الحَدِيدُ ، هكذا هو بالحاءِ المُهْمَلَةِ ، ومِثْلُهُ نَصُّ التَّكْمِلَةِ.
وَفَرَاهَةُ : كَسَحَابَةِ : ة بِسِحِسْتَانَ ، مِنْهَا الإِمَامُ اللُّغَوِيُّ أَبُو
__________________
(١) اللسان وجزء من عجزه في التهذيب.
(٢) اللسان والصحاح.
(٣) ديوان النابغة الذبياني صنعة ابن السكيت ، ط بيروت ص ١٦ واللسان.
(٤) ديوان الهذليين ١ / ٣٨ برواية : «تتابع» بالباء الموحدة ومثله في اللسان ، والمثبت بالياء المثناة كرواية الصحاح.
(٥) اللسان والصحاح.
(٦) الشعراء ، الآية ١٤٩ والقراءة : (فارِهِينَ).
(*) وفي نسخة ثانية عن هامش القاموس : الحديد كما في : فتح المواهب للشهاب القسطلاني ، ومثله : نص التكملة «ا ه. ش».