ويُرْوى : وعلى الخَيْل ؛ قالَ سِيْبَوَيْه : أَلِفُها مُنْقَلبةٌ من واوٍ ، إلَّا أَنَّها تُقْلَب مع المُضْمِر ياءً ، تقولُ عَلَيكَ ، وبعضُ العَرَبِ يَتْركُها على حالِها ، قال الراجِزُ :
طارُوا عَلاهُنَّ فَطِرْ عَلاها (١)
ويقالُ : هي لُغَةُ بالحارِثِ بنِ كعبٍ ، انتَهَى.
وقالَ السَّبكي : الأصَحُّ أَنَّها قد تكونُ اسْماً بمعْنَى فَوْق أي بقلَّةٍ ، وتكونُ حَرْفاً بكثرةِ للاسْتِعلاءِ حسًّا نحْو : (كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ) (٢) ؛ أَو مَعْنًى نَحْو : فضلنا بَعْضَهم على بعضٍ.
والمُصاحِبَةِ كَمَعْ نَحْو قولِه تعالى : وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ (٣) أَي مع حُبِّه.
* قُلْت : وبه فُسِّر الحديثُ : «زكاةُ الفطْرِ عَلَى كلِّ حُرِّ وعَبْدٍ صاعٌ» ، قالَ ابنُ الأثير : قيلَ : عَلَى هنا بمعنى مع لأنَّ العَبْدَ لا تجبُ عليه الفطْرَةُ وإنَّما تجبُ على سيِّدِه.
والمُجاوَزَةِ كعَنْ ، كقوْلِ القحيفِ العُقَيْلِي :
إِذا رَضِيَتْ عليَّ بَنُو قُشَيْرٍ |
|
لَعَمْر اللهِ أَعْجَبَنِي رِضَاها (٤) |
أَي عَنِّي ، وإنَّما عدَّاهُ بعَلَى لأنَّه إذا رَضِيَت عنه أَحَبَّته أَقْبَلَتْ عليه ، فلذا اسْتعملَ على بمعْنَى عن.
قالَ ابنُ جنِّي : وكانَ أَبو عليِّ يَسْتَحْسن قولَ الكِسائي في هذا لأنَّه قالَ : لمَّا كانَ رَضِيَت ضِدّ سَخَطَتْ عدَّاهُ بعَلَى حَمْلاً للشيءِ على نَقِيضِه كما يحْملُ على نظِيرِه ، وقد سَلَكَ سِيْبَوَيْه هذه الطَّريق ، في المَصادِرِ كَثِيراً فقال : وقالوا كذا كما قالوا كذا وأَحَدُهما ضِدٌّ للآخَر.
* قُلْت : ومنه أَيْضاً الحديثُ : «مَنْ صامَ الدَّهْرَ ضُيِّقَتْ عليهِ جَهنَّمُ» ، أَي عنه فلا يَدْخلُها ، ولا يجوزُ حَمْله على حَقِيقَتهِ لأنَّ صَوْمَ الدَّهْر بالجمْلةِ قرْبَةٌ ؛ وكذا حديثُ أَبي سُفْيان : «لولا أَنْ يَأْثُروا عليَّ الكَذِبَ لكَذَبْتُ» ، أَي يَرْوُوا عَنِّي. والتَّعْليلِ ، كاللَّامِ نحْو قوْلِه تعالى : وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ (٥) ، أَي لِمَا هَدَاكُم.
والظَّرْفِيَّةِ : كفى نَحْو قَوْلِه تعالى : وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ (٦) ، أَي في حِين غَفْلَةٍ.
وبمعْنَى من كقَوْله تعالى : إِذَا اكْتالُوا عَلَى النّاسِ يَسْتَوْفُونَ (٧) ، أَي مِن الناسِ ؛ نقلَهُ الجوهريُّ.
وفي التَّهذيبِ : عن الناسِ.
وتكونُ بمعْنَى الباءِ كقَوْلهِ تعالى : عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ (٨). أَي بأَنْ لا ، ومنه أَيْضاً قولُ أَبي ذُؤَيْبٍ الهُذَلي :
... يَفِيضُ على القِداحِ (٩) ...
إلى آخِرِه ، أَي بالقِدَاح.
والاسْتِدْراكِ مِثْل لكنَّ نَحْو قوْلِهم : فلانٌ جَهَنَّمِيٌّ ، ونَصُّ السّبكي : فلانٌ لا يَدْخلُ الجنَّة ، على أَنَّه لا يَيْأَسُ من رحمةِ اللهِ ، أَي لكنَّه.
وتكونُ زائِدَةً للتَّعْوِيضِ ، كقوْلِه :
إنَّ الكَرِيمَ وأَبِيكَ يَعْتَمِلْ |
|
إن لم يجِدْ يوماً عَلى مَنْ يَتَّكِل (١٠) |
أَي من يَتَّكِلُ عليه ، فحَذَفَ عليه وزَادَ على قَبْلِ المَوْصولِ عِوَضاً.
وقالَ السّبكي : وتكونُ للزِّيادَةِ كقوْلِه : لا أَحْلِف على يَمِينٍ ، أَي يَمِيناً.
وتكونُ اسْماً بمعْنَى فُوَيْقٍ (١١) ، كقولِ الشاعرِ ، وهو مزاحِمٌ العُقَيْليّ يَصِفُ قَطاةً :
__________________
(١) اللسان والصحاح.
(٢) سورة الرحمن ، الآية ٢٦.
(٣) سورة البقرة ، الآية ١٧٧.
(٤) صدره من شواهد القاموس ، والبيت في المغني ص ١٩١.
(٥) سورة البقرة ، الآية ١٨٥.
(٦) سورة القصص ، الآية ١٥.
(٧) سورة المطففون ، الآية ٢.
(٨) سورة الأعراف ، الآية ١٠٥.
(٩) اللسان وتمامه :
وكأنهن ربابة وكأنه |
|
يَسَرُ يفيض على القِداح ويصدعُ |
(١٠) من شواهد القاموس والمغني ص ١٩٢.
(١١) فوق : هكذا رأيته في نسخة المؤلف ، ا ه. شنقيطي (هامش القاموس) ، وفي المغني ص ١٩٢ : فوق.