وشُرُوحِه ؛ وكَلامُ المصنِّفِ غايَةٌ في القُصُورِ والتَّقْصيرِ وعَدَمُ التَّحريرِ فلا يُعْتَدُّ بهِ ، انتَهَى.
للتَّرَجِّي في المحْبُوبِ والإشْفاقِ في المَكْرُوهِ ، واجْتَمَعا في قَوْلِهِ تعالى : (عَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً) (١) الآيَةَ.
قالَ الجَوْهريُّ : وعَسَى من أَفْعالِ المُقارَبةِ ، وفيه طَمَعٌ وإشْفاقٌ ، ولا يَتَصرَّفُ لأنَّه وَقَعَ بلفْظِ الماضِي لمَا جاءَ في الحالِ ، تقولُ : عَسَى زيدٌ أَنْ يَخْرُجَ ، فَزَيْدٌ فاعِلُ عَسَى وأَنْ يَخْرُجَ مَفْعولُها ، وهو بمعْنَى الخُرُوجِ إلَّا أَنَّ خبرَهُ لا يكونُ اسْماً ، لا يقالُ : عَسَى زيْدٌ مُنْطَلِقاً ، انتَهَى.
وقال الراغبُ : عَسَى طَمَعٌ وتَرَجِّ ، وكثيرٌ مِن المُفَسِّرين فسَّرُوا عَسَى ولعلَّ في القُرْآن باللازِمِ وقالوا : إنَّ الطَّمَعَ والرَّجاءَ لا يصحُّ من اللهِ تعالى ، وهو قُصُورٌ ، وذلك أنَّ اللهَ تعالى إذا ذَكَرَ ذلكَ فذَكَرَه ليكونَ الإنْسانُ منه على رَجاءٍ ، لا أَن يكونَ هو تعالى راجِياً ، قالَ الله تعالى : (عَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) (٢) الآيَة.
وتَأْتِي للشَّكِّ واليَقينِ ؛ شاهِدُ اليَقِين قولُ ابنِ مُقْبل :
ظَنِّي بهم كعَسى وهم بِتَنُوفَةٍ |
|
يَتَنازَعُونَ جوائِزَ الأمْثالِ (٣) |
وقد تُشَبَّهُ بكادَ ، ويُسْتَعْملُ الفعل بَعْده بغَيْر أَنْ ، قالوا : عَسَى زَيْدٌ يَنْطَلقُ ؛ قال الشاعرُ :
عَسَى اللهُ يُغْني عن بلادِ ابنِ قارِبٍ |
|
بمُنْهَمِرٍ جَوْنِ الرَّبابِ سَكُوب (٤) |
وعَسَى مِنَ اللهِ إيجابٌ في جمِيعِ القُرْآن إلَّا قَوْله تعالى : (عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً) (٥) ؛ وقالَ أَبو عبيدَةَ جاءَ على إحْدى لُغَتَي العَرَبِ لأنَّ عَسَى في كلامِهم رَجاءٌ ويقِينٌ ، كما في الصِّحاح.
وتكونُ بمَنْزِلَةِ كانَ في المَثَلِ السَّائِرِ : عَسَى الغُوَيْرُ أَبْؤُساً ، لم تُسْتَعْمل إلَّا فيه.
قالَ الجوهريُّ : وهو شاذٌّ نادِرٌ ، وَضَعَ أَبْؤُساً مَوْضِعَ الخَبرِ ، وقد يأتي في الأَمْثالِ ما لا يأتي في غَيرِها.
وعَسِيَ النَّباتُ ، كَرَضِيَ عَسَى : يَبِسَ واشْتَدَّ ، لُغَةٌ في عَسَا يَعْسُو ، نقلَهُ الجوهريُّ عن الخليلِ.
والعاسِي : النَّخْلُ.
وقالَ أَبو عبيدٍ : شَمْراخُ النَّخْلِ ؛ نقلَهُ الجوهريُّ ، وهي لُغَةُ بالحارِثِ بنِ كعْبٍ.
والغَسا : للبَلَحِ ، بالغَيْنِ. وغَلِطَ الجوهريُّ في ذِكْرِه هنا ، نبَّه على ذلك أَبو سَهْلٍ الهَرَويّ ، كما وُجِدَ بخطِّ أَبي زكريا وقد ذكَرَه سِيْبَوَيْه في كتابِ النَّخْلِ ، وأبو حنيفَةَ في كتابِ النّباتِ بالعَيْن والغَيْن.
والمُعْسِيَةُ ، كمُحْسِنَةٍ : النَّاقَةُ التي يُشَكُّ أبِها لَبَنٌ أَم لا ؛ عن ابن الأعْرابي ؛ وأَنْشَدَ :
إذ المُعْسِياتُ مَنَعْنَ الصَّبُو |
|
حَ خَبَّ جَرِيُّكَ بالمُحْصَنِ (٦) |
قَالَ : جَرِيُّهُ وكِيلُه ، والمُحْصَنُ ما ادُّخِرَ مِن الطَّعامِ.
وقال الراغبُ : المُعْسِياتُ من الإِبِلِ ما انْقَطَعَ لَبَنُه فيُرْجَى أَن يعودَ.
وإنَّهُ لمَعْسَاةُ بكذا : أَي مَخْلَقَةٌ ، يكونُ للمُذكَّرِ والمُؤَنَّثِ والاثْنَيْن والجَمْعِ بلفْظٍ واحِدٍ.
وأَعْسِ به : أَي أخْلِقْ به ، كأَحْرِبه ؛ عن اللّحْياني.
وهو عَسِيٌّ به ، كغَنِيِّ ، وعَسٍ ، مَنْقُوصٌ ؛ ولا يقالُ عَساً ، أَي : خَلِيقٌ.
وبالعَسَى أَنْ تَفْعَلَ أَي : بالحَرَى.
والمِعْساءُ ، كمِكْسالٍ : الجارِيَةُ المُراهِقَةُ التي يُظَنُّ أَنَّها قد بَلَغَتْ عن اللحْياني ؛ وأَنْشَدَ :
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية ٢١٦.
(٢) سورة البقرة ، الآية ٢١٦.
(٣) ديوانه ص ٢٦١ واللسان والصحاح والتهذيب والتكملة ، قال الصاغاني : والرواية جوائب بالباء. والبيت بعينه موجود في شعر النابغة الجعدي ، والرواية فيه : جوائز. وروى التيمي : غرائب.
(٤) اللسان منسوباً لسماعة بن أسول النعامي ، وفي الصحاح : «ابن قادر» وصوب ابن بري رواية الأصل.
(٥) سورة التحريم ، الآية ٥.
(٦) اللسان والتهذيب.