وظاهِرُ سِياقِه أنَّ العَجْوةَ هنا بهذا المَعْنى مَفْتوحُ العَيْنِ ؛ ونصُّ المُحْكم بضمِّها (١) ، وهو اسْمٌ من المُعاجاةِ ، وفيه أنَّ المُعَاجاة أنْ لا يكونَ للأُمِّ لَبَنٌ يُرْوِي صَبِيَّها فتُعاجِيه بشيءٍ تعلِّلُه به ساعةٍ ، وكذا إنْ وَلِيَ منه ذلكَ غيرُها.
وقيلَ : عاجَيْتُه إذا أَرْضَعْته بلبنِ غَيْر أُمِّه أَو مَنَعْتَه اللَّبَنَ وغَذَّيْتَه بالطَّعامِ ؛ وأَنْشَدَ الجوهرِيُّ للجَعْدي :
إذَا شِئتَ أَبْصَرْتَ من عَقْبِهِمْ |
|
يَتامَى يُعاجَوْنَ كالأَذْؤُبِ (٢) |
وأَنْشَدَ الليْثُ في صفَةِ أَوْلادِ الجرادِ :
إذا ارْتَحَلَتْ من مَنْزِلٍ خَلَّفَتْ بهِ |
|
عَجايا يُحاثي بالتُّرابِ صغيرُها (٣) |
وقد عَجَتْه أُمُّه : سَقَتْه اللَّبَن ؛ كما في الصِّحاح ، تَعْجُوه عَجْواً.
وفي المُحْكم : أَخَّرَتْ رَضاعَهُ عن مَواقِيتِه.
وقيلَ : عَجَتْه دَاوَتْه بالغِذاءِ حتى نَهَضَ ، فهو عُجِيٌّ ، كصُلِيِّ ، أَصْلُه عجوى ، وهي عُجِيَّةٌ ؛ ولم يَقُلْ : وهي بهاءٍ وكأنَّه نَسِيَ اصْطِلاحَه ؛ وقيلَ : الذكَرُ والأُنْثَى بِلا هاءٍ ؛ ج عُجايا ، بالضَّمِّ والفَتْح ، والفَتْح أَقْيَس.
والعَجِيُّ ، كغَنِيِّ : فاقِدُ أُمِّهِ من الإِبِلِ ومِنَّا ، والجَمْعُ عُجايا.
وفي الحديثِ : «كنتُ يَتِيماً ولم أَكُنْ عَجِيًّا».
قالَ الجوهرِيُّ : العَجِيُّ هو الذي تموتُ أُمُّه فيُرَبِّيه صاحِبُه بلَبَنِ غيرِها.
وفي النهايَةِ : هو الذي لا لَبَنَ لأُمِّه ، أَو ماتَتْ أُمُّه فعُلِّلَ بلبَنِ غيرِها ، أَو بشيءٍ آخَر فأَوْرَثَه ذلكَ وَهْناً.
وفي المُحْكم : وذلكَ الوَلَدُ الذي يُغَذَّى بغيرِ لَبَنِ أُمِّه عَجِيُّ ؛ فهؤلاء أَقْوالُهم كُلُّها مُتَّفِقَة على مَعْنى العَجِيِّ مِنَّا ؛ وأَنْشَدَ الجوهرِيُّ :
عَداني أنْ أَزُورَكَ أَنَّ بَهْمِي |
|
عَجايا كلُّها إلَّا قَلِيلاً (٤) |
فقد اسْتَعْمَلَه الشاعِرُ في البهمِ ، ولم أَرَ مَنْ فَرَّقَ بينَ العَجِيِّ والعُجِيّ إلَّا المصنِّف وهو غَريبٌ فتأمَّل.
وعَجا البَعيرُ يَعْجُو عَجْواً : رَغَا.
وعَجا فَاهُ : إذا فَتَحَهُ.
وعَجا وَجْهَه : زَواهُ وأَمالَهُ.
وفي التهْذِيبِ : عَجا شِدْقَه : لَواهُ ، وقيلَ : فَتَحَهُ وأَمالَهُ ؛ كَعَجَّاهُ بالتَّشْديدِ.
وعَجا البَعيرُ : شَرِسَ خُلُقُهُ.
وقالَ الأصْمعي : العُجاوَةُ والعُجايَةُ (٥) لُغَتانِ وهُما قدْرَ مُضْغةٍ من لَحْمٍ تكونُ مَوْصولةً بعَصْبة تَنْحدِرُ من رُكْبةِ البَعيرِ إلى الفرْسِنِ.
والعَجْوَةُ بالحِجازِ : التَّمْرُ المَخْشِيُّ ، وهي أُمُّ التَّمْرِ الذي إليه المَرْجِعُ كالشِّهْرِيزِ بالبَصْرَةِ ، والتَّيِّيّ بالبَحْرَيْن ، والجُذامِيِّ باليَمامَةِ.
وأَيْضاً : تمْرٌ بالمَدِينَةِ. يقالُ : هو ممَّا غَرَسَهُ النبيُّ صَلَى الله عليه وسلم ، بيدِهِ.
قالَ ابنُ الأثيرِ : هي أكْبَرُ مِن الصُّيْحانيّ يَضْربُ إلى السَّوادِ.
وقالَ الأزْهري : العَجْوَةُ التي بالمدينَةِ هي الصَّيْحانِيَّةُ ، وبها ضروبٌ من العَجْوةِ ليسَ لها عُذُوبة الصَّيْحانِيَّة ولا رِيُّها وامْتِلاؤُها ؛ وقيلَ : نَخْلَتُها تسمَّى لِينَةً.
وقيلَ لأُحَيْحة بنِ الجُلاحِ : ما أَعْدَدْتَ للشِّتاءِ؟ فقالَ : ثلثَمائةٍ وسِتِّينَ صاعاً من عَجْوةٍ تُعْطِي الصبيَّ منها خَمْساً فيردُّ عليك ثلاثاً.
والعُجَى ، كهُدَى : الجُلُودُ اليابسَةُ تُطْبَخُ وتُؤْكَلُ الواحِدَةُ عُجْيَةٌ ، بالضَّمِّ ؛ وأَنْشَدَ الجَوْهرِيُّ للبرَّاءِ بنِ ربعي الأسدِي :
__________________
(١) ومثله في التهذيب واللسان.
(٢) اللسان والصحاح منسوباً للجعدي ، وبدون نسبة في التهذيب وفي المقاييس ٤ / ٢٤٣ نسبه لذي الإصبع.
(٣) اللسان والتهذيب والمقاييس ٤ / ٢٤٣ بدون نسبة.
(٤) اللسان والصحاح بدون نسبة.
(٥) في القاموس : «والعُجايةُ» وفي نسخة مؤسسة الرسالة : «العجاية» بدون واو ، كالأصل.