وفي الصِّحاحِ : كلُّ شجرٍ يَعْظُمُ وله شَوْكٌ ، وهو على ضَرْبَيْن : خالِصٌ وغيرُ خالِصٍ ؛ فالخالِصُ الغَرْفُ والعُرْفُطُ والطَّلْحُ والسَّلَم والسِّدْرُ والسَّيَالُ والسَّمُر واليَنْبُوتُ والقَتادُ الأعْظَمُ والكَنَهْبُلُ والغَرَبُ والعَوْسَجُ (١) ؛ وما ليسَ بخالِصٍ فالشَّوْحَطُ والنَّبْعُ والشِّرْيانُ والسَّرَاءُ والنَّشَمُ والعُجْرَمُ والتَّأْلَبُ ، فهذه تُدْعَى عِضاهَ القِياسِ جَمْعُ قَوْسٍ ، وما صَغُرَ من شجَرِ الشَّوْكِ فهو العِضُّ ، وما ليسَ بعِضِّ ولا عِضاهٍ من شجَرِ الشَّوْكِ فالشُّكَاعَى والحُلاوَى والحاذُ والكُبُّ والسُّلَّجُ.
كالعِضَهِ ، كعِنَبٍ ، بحذْفِ الهاءِ الأصْلِيَّة كما حذفَ من الشَّفَةِ ؛ وأَنْشَدَ الجوْهرِيُّ ؛
إذا ماتَ منهم مَيِّتٌ سُرِقَ ابْنُه |
|
ومن عِضَةٍ ما يَنْبُتَنَّ شَكِيرُها (٢) |
* قُلْتُ : هو مِن الأَمْثالِ السَّائِرَةِ ، ومِثْلُه قوْلُهم : العَصا مِنَ العُصَيَّةِ ، يريدُ أَنَّ الابنَ يُشْبِهُ الأبَ ، فمنْ رأَى هذا ظنَّه هذا ، فكأَنَّ الابنَ مَسْرُوقٌ ؛ والشَّكيرُ ما يَنْبُتُ في أَصْلِ الشجَرَةِ.
والعِضَهَةِ ، كعِنَبَةٍ ، هو أَصْلُ عِضَة كالشَّفَةِ أَصْلُها شَفَهَةٌ ، فاسْتَثْقلُوا الجَمْعَ بينَ الهاءَيْن.
وقالَ الجوْهرِيُّ : ونُقْصانُ العِضَه الهاء لأنَّها ج على عِضَاهٍ ، مِثْل شِفَاهٍ ، فتُرَدُّ الهاءُ في الجَمْعِ وتُصَغَّرُ على عُضَيْهَةٍ.
وقالَ ابنُ سِيدَه : وأمَّا عِضاهٌ فيُحْتَملُ أَنْ يكونَ مِنَ الجَمْعِ الذي يُفارِقُ واحدَه بالهاءِ كقَتادَةٍ وقَتادٍ ، ويحْتَملُ أَنْ يكونَ مُكَسَّراً كأَنَّ واحِدَتَه عِضَهَةٌ.
وقالوا في القَلِيلِ عِضُونَ ، بالكسْرِ وعِضَواتٌ ، بكسْرٍ ففتحٍ ، فأَبْدَلُوا مَكانَ الهاءِ الواوَ ، هذا تَعْليلُ أَبي حَنيفَةَ.
قالَ ابنُ سِيدَه : وليسَ بذلكَ القَوْل ، قالَ : فأَمَّا الذي ذَهَبَ إليه الفارِسِيُّ (٣) فإنَّ عِضَةً المحْذوفَة يَصْلُح أَنْ تكونَ مِنَ الهاءِ فيما نَراهُ مِن تَصارِيفِ هذه الكَلِمَةِ كقَوْلِهم عِضاهٌ وإِبِلٌ عاضِهَةٌ ، وأَمَّا اسْتِدْلالُه على كوْنِها مِن الواوِ فبقَوْلِهم عِضَواتٌ ؛ قالَ : وأَنْشَدَ سِيْبَوَيْه :
هذا طريقٌ يَأْزِمُ المَآزِما |
|
وعِضَواتٌ تَقْطَعُ اللهازِما (٤) |
قالَ : ونظِيرُهُ سَنَة ، تكونُ مَرَّةً من الهاءِ لقوْلِهم سانَهْتُ ، ومَرَّةً من الواوِ لقوْلهِم : سَنَوات ، وأَسْنَتُوا لأنَّ التاءَ في أَسْنَتُوا وإن كانتْ بَدَلاً مِن الياءِ فأَصْلُها الواوُ ، وإنَّما انْقَلَبَتْ ياءٍ للمجاوَرَةِ (٥) وبه تَعْلَم أَنَّ ما نَسَبَه شيْخُنا إلى المصنِّفِ مِنَ التَّخْليطِ في غيرِ محلِّهِ. وكذا قَوْلُه في العِضَة أنها الهاء الأصْلِية وليسَ كَذلِكَ ، بل هي بحذْفِ الهاءِ الأصْلِية كما صَرَّحَ به الجوْهرِيّ ، ومن راجَعَ الأصُولَ اسْتَغْنى عن خَبطِ العُقُولِ.
ويقالُ : بَعيرٌ عَضَويٌّ وإبلٌ عَضَويَّةٌ ، بفتْحِ العَيْنِ على غيرِ قِياسٍ عنْدَ مَنْ يقولُ نقصانُها الواوُ ؛ كما في الصِّحاحِ.
وعِضَهِيٌّ وعِضاهِيٌّ ، بالكسْرِ فيهما. أَمَّا عِضَهِيٌّ فظاهِرٌ وهو الذي يَرْعاها ، وأَمَّا العِضاهِيُّ والعِضاهِيَّةُ فإمَّا أَنْ يكونَ مَنْسوباً إلى عِضَةٍ فهُو مِن شاذِّ النَّسَبِ ، وإن كان مَنْسوباً إلى العِضاهِ فهو مَرْدودٌ إلى واحِدِها ، وواحِدُها عِضاهَةٌ ، ولا يكونُ مَنْسوبا إلى العِضاهِ الذي هو الجَمْعُ ، لأَنَّ هذا الجَمْعَ وإن أَشْبَهَ الواحِدَ فهو في مَعْناه جَمْعٌ ، أَلا تَرى أَنّ مَنْ أَضافَ إلى تَمْرٍ فقالَ تَمْرِيٌّ لم يَنْسُبْ إلى تَمْرٍ إنَّما نَسَبَ إلى تَمْرةٍ ، وحذَفَ الهاءَ لأنَّ ياءَ النّسَبِ وهاءَ التَّأْنِيثِ يَتَعاقَبَانِ.
وناقَةٌ عاضِهَةٌ وعاضِهٌ : تَرْعاها ، وجِمالٌ عَواضِهُ ؛ وقد عَضِهَتْ عَضَهاً.
ورَوَى ابنُ بَرِّي عن عليِّ بنِ حَمْزة قالَ : لا يقالُ بَعيرٌ عاضِهٌ للذي يَرْعى العِضاهَ ، وإنّما يقالُ له عَضهٌ ، وأَمَّا العاضِهُ فهو الذي يَشْتَكي عن أَكْلِ العِضاهِ.
__________________
(١) زيد في الصحاح : والغَرْقَد.
(٢) اللسان وفيه : «سيد» بدل : «ميت» ، والصحاح والتهذيب.
(٣) في المحكم : ذهب إليه سيبويه عن هامش اللسان.
(٤) اللسان والصحاح.
(٥) في اللسان : للمجاوزة.