المُجْمل نقلَهُ صاحِب المِصْباح ؛ على هذا القَوْلِ وكذا قَوْل الزجَّاج السَّابق هي يائيَّةٌ لا واوِيَّةٌ. وقيلَ : هي مِن الصَّلْي ، ومَعْنى صَلَّى الرَّجُل أَزَالَ عن نَفْسِه ، بهذه العِبادَةِ ، الصَّلى (١) الذي هو نارُ اللهِ المُوَقَدَةُ ، وبناءُ صَلّى كبِناءِ مَرَّض وقَرَّد لإزالَةِ المَرَضِ والقرادِ ؛ وهذا القَوْلُ ذَكَرَه الرَّاغبُ في المُفْرداتِ لبعضِهم ، وعلى هذا القَوْل أَيْضاً فهي يائيَّةٌ. وقالَ الفَخْرُ الرَّازي : اخْتُلِفَ في وَجْه تَسْمِيتِها على أَقْوالٍ والأَقْربُ أنَّها مأَخوذَةٌ مِن الدُّعاءِ ، إذ لا صَلاةَ إلَّا وفيها الدُّعاء وما يَجْرِي مجراهُ.
*فائدة*
قَوْلُنا : اللهُمَّ صَلِّ على محمدٍ ، مَعْناه عَظِّمْه في الدُّنيا بإعْلاءِ ذِكْره وإظْهار دَعْوتِه وإبْقاءِ شَرِيعَتِه ، وفي الآخِرَةِ بتَشْفِيعِه في أُمَّتِه وتَضْعيفِ أَجْرِه ومَثُوبتِه ؛ وقيلَ : المَعْنى لمَّا أَمَّرَنا اللهُ عزوجل ، بالصَّلاةِ عليه ولم نَبْلغْ قَدْرَ الواجِبِ من ذلكَ أَحَلْناه على اللهِ : اللهُمَّ صَلِّ أَنْت على محمدٍ لأنَّكَ أَعْلَم بما يليقُ به. وقالَ بعضُ العارِفِين : الصَّلاةُ عليه صَلَّى الله عليه وسلّم ، جُعِلَتْ وَسِيلَة للتَّقرُّبِ منه ، كما جُعِلَتْ هَدايا الفُقراءِ إلى الأُمراء وَسائِل ليَتَقرَّبوا بها إليهم وليَعُودَ نَفْعُها إليهم ، إذ هو صَلَّى الله عليه وسلّم ، بَعْد صَلاةِ اللهِ عليه لا يَحْتاجُ إلى أَحَدٍ ، وإنَّما شُرِّعَتْ تعبُّداً للهِ وقرْبةً إليه ووَسِيلةً للتَّقرُّبِ إلى الجنابِ المَنِيعِ ومَقامِه الرَّفِيعِ ، وحَقِيقَتها منه إليه إذ ما صَلَّى على محمدٍ إلَّا محمدٌ صَلَّى الله عليه وسلّم ، لأنَّها صَدَرَتْ منهم بأَمْرِهِ مِن صُورَةِ اسْمِه ، انتَهَى.
وقد اخْتُلِفَ في هذا الدُّعاءِ هل يَجوزُ إطْلاقُه على غَيْر النبيِّ أَمْ لا؟ والصَّحِيحُ أنَّه خاص به ، فلا يقالُ لغيرِهِ.
وقالَ الخطابي : الصَّلاةُ التي بمَعْنى التَّعْظِيم والتَّكْريمِ لا تقالُ لغيرِهِ ؛ ومنه : اللهُمَّ صَلِّ على آلِ أَبي أَوفى ؛ وقيلَ فيه : إنَّه خاصٌّ به ، ولكنَّه هو آثَرَ به غَيْرَه ، فأَمَّا سِواهُ فلا يَجوزُ له أنْ يخصَّ به أَحَداً.
* وممَّا يُسْتدركُ عليه :
المُصَلَّى ، كمعَلَّى : يُطْلَقُ على موضِعِ الصَّلاةِ وعلى الدُّعاءِ وعلى الصَّلاةِ ، وقوْلُه تعالى : (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى) (٢) ، يَحْتَمِلُ أَحَدَ هذه المَعانِي.
وأَيْضاً : موضِعٌ بالمدينَةِ.
وبَنُو المُصَلى ، على صيغَةِ اسْم الفاعِل : بُطَيْنٌ بمِصْر.
وأَبو بكْرٍ محمدُ بنُ محمدِ بنِ عبدِ الحميدِ البَلخيُّ كانَ يقالُ له الصلواتي ، لأنَّ أَحَدَ أَجْدادِهِ كانَ يُكْثرُ الصَّلاةَ ، أَو الصَّلاةَ على النبيِّ صَلَى الله عليه وسلّم ، رَوَى عنه ابنُ السّمعاني.
وجِئْتُ في أَصلائِهم : أَي أَدْبارِهم.
وصَلَتِ الفَرَسُ : اسْتَرْخَى صَلَواها ، مثْلُ أَصْلَتْ وصَليَتْ ؛ عن الزجَّاج.
[صمي] : ى الصَّمَيان ، محرَّكةً : التَّقَلُّبُ والوَثْبُ ؛ نقلَهُ الجوهريُّ وابنُ سِيدَه.
وقالَ أَبو إسْحاق : أَصْلُ الصَّمَيان ، لُغَةٌ ؛ السُّرْعَةُ والخِفَّةُ ؛ وقد صَمَى وأَصْمَى إذا أَسْرَعَ.
والصَّمِيان : الشُّجاعُ الصَّادِقُ الحَمْلَةِ ، جَمْعُه صِمْيان ، عن كُراعٍ.
وقالَ الزَّمَخْشريُّ : هو الرَّجُلُ التمضاء (٣) على الأُمُورِ.
وفي التَّهْذيبِ : ذو التّوَثبِ على الناسِ.
وأَصْمَى الصَّيْدَ : رَماهُ فقَتَلَهُ مَكانَهُ ، أَي وهو يَراهُ ؛ ومنه حديثُ الصَّيْد : «كُلْ ما أَصْمَيْت ودَعْ ما أَنْمَيْت».
قالَ أَبو إسْحاق : الإصْماءُ أنْ تَرْمِيه فيَموتَ بينَ يَدَيْك لم يَغبْ عنْك ، والإنْماءُ أن يَغِيبَ فيُوجدَ مَيِّتاً. وقيلَ : مَعْناه كُلْ ما أَصابَهُ السَّهْمُ وأَنْتَ تَراهُ فأَسْرَع في الموْتِ فرَأَيْتَه ، ولا مَحالَة أنَّه ماتَ برَمْيكَ.
واقْتَصَرَ الأزهري في التَّفْسيرِ على الكَلْب فقالَ : المَعْنى كُلْ ما قَتَله كَلبُك وأَنتَ تَراهُ ، وإنَّما هو على سَبِيلِ التَّمْثيلِ ، والسَّهْم مُلْحَقٌ به. وظاهِرُ الحديثِ عامٌّ فيما ، نبَّه عليه صاحِبُ المِصْباحِ.
__________________
(١) في المفردات : «الصِّلاء».
(٢) سورة البقرة ، الآية ١٢٥.
(٣) في الأساس : مضّاء.