وأَمَّا السّماعُ فأَنْشَدُوا من الشِّعْر القديم :
تَرَكْتُ المدامَ وعَزْف القيان |
|
وأَدْمَنْتُ تَصْلِية وابْتِهالا |
وقد وَسَّع الكَلام في ذلكَ الشَّهاب في مَواضِعَ مِن شَرْح الشفاءِ والعنِايَةِ ، وهذا خُلاصَةُ ما هناكَ ، انتَهَى.
وصَلَّى الفَرَسُ تَصْلِيةً : تَلا السَّابِقَ.
وفي الصِّحاحِ : إذا جاءَ مُصَلِّياً ، وهو الذي يَتْلو السابِقَ لأنَّ رأْسَه عنْدَ صَلا الفَرَسِ السابِقِ ، انتَهَى.
وفي الحديثِ : «سَبَقَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عليه وسلّم ، وصَلَّى أَبو بكْرٍ وثَلَّثَ عُمَر وخَبَطَتْنا فِتْنةٌ فما شاءَ اللهُ» ، وأَصْلُه في الخَيْل فالسابِقُ الأوَّل والمُصَلِّي الثاني.
قالَ أَبو عبيدٍ : ولم أَسْمَعْ في سَوابِقِ الخَيْلِ ممَّنْ يوثَقُ بعِلْمِه أَسْماء لشيءٍ منها إلَّا الثانيَ والسُّكَيْتَ ، وما سِوى ذَينِكَ إنَّما يقالُ الثَّالثُ والرَّابعُ إلى التَّاسع.
وصَلَّى الحِمارُ أُتُنَه تَصْلِيةً : طَرَدَها وقَحَّمَها الطَّريقَ ؛ نقلَهُ الصَّاغاني.
والصَّلَواتُ : كَنائِسُ اليَهُودِ ؛ هذا تَفْسيرُ ابنِ عبَّاس ؛ قالَهُ ابنُ جنِّي ، سُمِّيت بذلكَ لكَوْنِها مَواضِع عِبادَتِهم ، لعنوا ؛ ومنه قوْلُه تعالى : (لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ وَمَساجِدُ) (١).
وقيلَ : أَصْلُه بالعِبْرانِيَّةِ صَلُوتَا ، بفتْحِ الصَّادِ والتَّاءِ الفَوْقيةِ.
قالَ ابنُ جنِّي في المُحْتَسب : وقَرَأَهُ الجَحْدرِي بخلافٍ وصُلُوتٌ ، بالضَّمِّ ، ورُوِي عنه : وصِلْواتٌ بكَسْرٍ فسكونٍ بالتاءِ فيهما ؛ وقَرَأَ وصَلَوث أَبو العالِيَة بخلافٍ والحجَّاجُ بنُ يوسُفَ بخلافٍ والكَلْبيِ وقرأ وصلوب الحجاج ، ورُوِيَتْ عن الجَحدرِي وقَرَأَ وصُلْواتٌ بضمِّ فسكون جَعْفَر بنُ محمدٍ وقَرَأَ وصلوثا مجاهد ، وقَرَأَ وصُلَواث بضمِّ ففَتْح الجَحْدرِي والكَلْبي بخِلافٍ ، وقَرَأَ وصلويتا. وأَقْوى القِرَاآتِ في هذا الحَرْف ما عليه العامَّةُ وهو (وَصَلَواتٌ) ، ويلِي ذلكَ وصِلْوات وصُلْوات وصُلَوات ، وأَمَّا بَقِيَّةُ القِرَاآت فيه ، فتَحْريفٌ وتَشَبُّثٌ باللغةِ السِّرْيانيَّةِ واليَهُوديَّةِ ، وذلكَ أَنَّ الصَّلاةَ عنْدَنا من الواوِ لكَوْنِها من الصِّلوين وكَوْن جَمْعها صَلَواتٌ كقِناةٍ وقَنَواتٍ ، وأَمَّا صلوات وصلوات فجمْعُ صلوة وإنْ كانتْ غَيْرَ مُسْتَعْملَةٍ ونَظِيرُها حُجْرةٍ وحُجُراتٍ ؛ وأَمَّا صَلَوات فكأنَّه جَمْعُ صَلْوة كرشْوَةٍ ورَشَواتٍ ، وهي أَيْضاً مقدَّرَةٌ غَيْر مُسْتَعْملةٍ ؛ قالَ : ومَعْنَى صَلَواتٌ هنا المَساجِد ، وهي على حذْفِ المُضافِ ، أَي مَوَاضِع الصَّلَوات ؛ قالَ أَبو حاتِمٍ : ضاقَتْ صُدُورُهم لمَّا سَمِعُوا لَهُدِّمَتْ صَلَواتٌ فعَدَلوا إلى بَقِيَّةِ القِرَاءاتِ ؛ وقالَ الكَلْبي : صَلَواتٌ : مساجد اليهود ؛ وقالَ الجحدرِي : صلوث مساجد النَّصارَى ؛ وقالَ قُطْرب : صلوث ، بالثاءِ ، بَعْض بُيوتِ النَّصارَى ؛ قالَ : والصلوت الصَّوامِعُ الصِّغارُ لم يُسْمَع لها بواحِدٍ. انتَهَى.
وقد ذَكَرْنا شيئاً من ذلكَ في حَرْفِ الثاءِ المُثَلَّثَةِ ، ويظهرُ ممَّا قدَّمْناه ما في سِياقِ المصنِّفِ من القُصُورِ :
*تذنيب*
الذي عُرِفَ مِن سِياقِ الجَوْهرِي المصنِّف أنَّ الصَّلاةَ واوِيَّةٌ مأْخوذَةٌ من صَلَّى إذا دَعا ، وهو اسْمٌ وُضِعَ مَوْضِعَ المَصْدَرِ ؛ وهناكَ وُجُوهٌ أُخَرُ تَرَكَها المصنِّفُ فاحْتَاجَ أنَّنا نُنبِّه عليها ، فقيلَ : إنَّها مِن الصَّلَوَيْن وهُما مُكْتَنِفا ذَنَبِ الفَرَسِ وغيرِهِ ممَّا يَجْرِي مجْرَى ذلكَ ، وهو رأْيُ أَبي عليِّ ؛ قالَ : واشْتِقاقُه منه أَنَّ تَحْريكَ الصَّلَوَيْن أَوَّلُ ما يظهرُ مِن أَفْعالِ الصَّلاة فأمَّا الاسْتِفْتاح ونَحْوه مِن القِراءَةِ والقِيام فأَمْرٌ لا يَظْهرُ ولا يخصّ ما ظَهَرَ منه الصَّلاة لكن الرُّكُوع أَوَّل ما يظهرُ مِن أَفْعالِ المُصَلِّي ؛ هكذا نقلَهُ عنه ابنُ جنِّي في المُحْتَسب. وقيلَ : إنَّ الأصْلَ في الصَّلاةِ اللُّزُوم ، صَلِيَ واصْطَلَى إذا لَزِمَ ، وهي مِن أَعْظَم الفَرْض الذي أُمِرَ بلُزومِه ؛ وهذا قوْلُ الزجَّاج. وقيلَ : إنَّ أَصْلَها في اللَّغَةِ التَّعْظيم ، وسُمِّيَت هذه العِبادَةُ صَلاةً لمَا فيها مِن تَعْظيمِ الرّبِّ ، جلَّ وعزَّ ؛ وهذا القَوْلُ نقلَهُ ابنُ الأثيرِ في النِّهايةِ. وقيلَ : إنَّها مِن صَلَّيْتُ العُودَ بالنارِ إذا لَيَّنْتُه ، لأنَّ المُصَلِّي يَلِينُ بالخُشُوعِ ؛ وهذا قولُ ابنِ فارِسَ صاحِب
__________________
(١) سورة الحج ، الآية ٤٠.