وفي شَمْسِ العُلوم للقاضِي نشوان : كُلُّ مؤنَّثٍ بِلا عَلامَة تَأْنِيثٍ يَجوزُ تَذْكِيرُه كالسَّماءِ والأَرضِ والشَّمْس والنارِ والقَوْسِ والقَدَرِ ؛ قالَ : وهي فائِدَةٌ جَلِيلَةٌ.
ورَدَّ عليه شيْخُنا ذلكَ وقالَ : هذا كَلامٌ غيرُ مُعَوَّل عليه عنْدَ أَرْبابِ التَّحْقيق ، وما ثَبَتَ تأْنِيثُه كالأَلْفاظِ التي ذُكِرَتْ لا يَجوزُ تَذْكيرُه إلَّا بضَرْبٍ مِنَ التَّأْوِيلِ ، وقد نَصوا على أنَّ الشَّمسَ والقَوْسَ والأَرضَ لا يَجوزُ تَذْكِير شيءٍ منها ، ومن أَحاطَ بكَلامِ النُّحَّاة في ذلكَ عَلِمَ أنَّه لا يَجوزُ التَّصرُّف في شيءٍ مِن ذلكَ ، بل يَلْتَزمُونَ تَأْنِيثِ المؤنَّثِ بأَحْكامِه وتَذْكِيرَ المُذكَّر ، كَذلِكَ فلا يُغترُّ بمثْلِ هذا الكَلام.
والسَّماءُ : رُوَاقُ البَيْتِ ، وهي الشُّقة التي دُونَ العَلْياء ، أُنْثى وقد تُذَكَّر ، كسَماوَتِهِ لعُلُّوِّه ؛ وأَنْشَدَ الجوهرِيُّ لعَلْقمة :
قفينا إلى بيت بعلياء مردح |
|
سَماوَتُه من أَتْحَمِيِّ مُعَصَّب (١) |
والسَّماءُ : فَرَسُ (٢) صَخْرٍ أَخِي الخَنْساء.
والسَّماءُ : ظَهْرُ الفَرَسِ لُعُلوِّه ؛ قالَ طُفَيْل الغَنَوي :
وأَحْمَر كالدِّيباجِ أَمَّا سَماؤُه |
|
فرَيَّا وأَمَّا أَرْضُه فمُحُول (٣) |
كما في الصِّحاح.
وقالَ الرَّاغبُ : كُلُّ سَماءٍ بالإِضافَةِ إلى ما دُونها فسَمَاء ، وبالإِضَافَةِ إلى ما فَوْقها فأَرْض إلَّا السَّماء العُلْيا فأنَّها سَماءٌ بِلا أَرْض وحُملَ على هذا قوْله تعالى : (اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ) (٤) (مِثْلَهُنَّ). وسُمِّي السَّحابُ سَمَاء لعُلُوِّها ؛ عن الزَّجاج.
وسُمِّي المَطَرُ سَمَاء لخُروجِهِ مِن السَّماءِ ، مُذَكَّر.
قالَ بعضُهم : إنَّما يُسمَّى سَماءً ما لم يَقَعْ على الأرْضِ اعْتِباراً بما تقدَّم ، قالَهُ الرَّاغبُ.
وفي المِصْباح : مُؤنَّثة لأنَّها في مَعْنى السَّحابَةِ.
وفي الصِّحاحِ : يقالُ : ما زلْنا نَطَأُ السَّماءَ حتى أَتَيْناكُم ؛ قالَ الفَرَزْدق :
إذا سَقَطَ السَّماءُ بأَرْضِ قوْمٍ |
|
وَعَيْناه وإن كانوا غِضابا (٥) |
أَو هو اسْمُ المَطَرَةِ الجَيِّدة ؛ وفي التَّهْذِيب : الجَدِيدَة.
يقالُ : أَصابَتْهم سَماءٌ ؛ ؛ ج أَسْمِيَةٌ ، هو جَمْعُ سَماءٍ بمعْنَى المَطَرِ ، وسَمَواتٌ هو جَمْعُ السَّماءِ المُقابِلَةِ للأرْض ، وسُمِيٌّ ، على فُعُولٍ ، هو جَمْعُ السَماءِ بمَعْنَى المَطَر ، وسَماً ، بالقَصْر كذا في النُّسخِ ؛ والذي في نسخِ المُحْكم بالمدِّ واستدلَّ له بِقوْلِه تعالى : (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوّاهُنَّ) (٦) ؛ قال أَبو إسْحق : لَفْظُه لَفْظ الواحِدِ ومَعْناهُ مَعْنى الجَمْع بدَليله : (فَسَوّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ) (٦) ، فيجبُ أنْ تكونَ السَّماءُ جَمْعاً كالسَّموات ، كأَنَّ الواحدَ سَماءَةٌ أَو سَماوَةٌ.
وزَعَمَ الأَخْفَش أَنَّه جائِزٌ أَن يكونَ واحِداً يُرادُ به الجمْع كما تقولُ كَثُر الدِّينارُ والدِّرْهم بأَيْدي الناسِ.
وأَنْشَدَ الجوهريُّ شاهِداً على السُّمِيِّ جَمْع سَماءٍ بمعْنَى المَطَرَ قَوْل العجَّاج :
تَلُفُّه الرِّياحُ والسُّمِيُّ (٧)
واسْتَمى الصَّائِدُ : لَبِسَ المِسْماةَ ، بالكسْرِ ، اسْمٌ للجَوْرَبِ ليَقِيه حَرَّ الرّمْضاءِ.
__________________
(١) عجزه بهذه الرواية في الصحاح واللسان ، قال ابن بري صواب انشاده بكماله :
سماوته أسمال برد محبر |
|
وصهوته من أتحمي معصب |
قال : والبيت لطفيل ، وبالرواية الثانية ذكر فيه التهذيب بدون نسبة.
(٢) في القاموس بالتنوين ، وقد رفع لإضافته.
(٣) اللسان والصحاح والأساس ومفردات الراغب.
(٤) سورة الطلاق ، الآية ١٢.
(٥) الصحاح بدون نسبة ، واللسان ونسبة لمعود الحكماء معاوية بن مالك ، ويروى : «إذا نزل السماء» ولم أعثر عليه في ديوان الفرزدق والمقاييس ٣ / ٩٨ بدون نسبة.
(٦) البقرة ٢٩.
(٧) الصحاح ، وفي اللسان قال رؤبة :
تلفه الأرواح والسميّ |
|
في دفء أرطاة لها حنيّ |