ونقلَ شيْخُنا عن المقدسيّ : ولا جَبَلٌ بالعِراقِ.
* قُلْتُ : وفي عِبارَتِه إجْحافٌ مُضرُّ كما سَتَعْرفُه. وقد سَبَقَ المصنِّفَ بهذه التَّخْطِئة الإمامُ أبو زكريَّا التَّبْرِيزِي ، فإنَّه وجدَ بخطِّه على هامِشِ الصِّحاحِ ما نَصّه : ليسَ بالعِراقِ جَبَلٌ اسْمُه زَوٌّ ، ولعلَّه سَمِعَ في شِعْرِ البُحْتُري :
ولا جَبَلاً كالزَّوِّ ، فظنَّ أنَّ الزَّوَّ جَبَلٌ ؛ هذا نَصّه وهو غَيْرُ وارِدٍ على الجوهرِيّ إذ لم يَثْبَت عن الجوهرِيّ أنَّ هذا الحرْفَ أَخَذَه مِن شِعْر البُحْتُري ، ولو سلَّمنا أنَّه وجد في كَلامِه فهو مَسْبوقٌ بذلِكَ ، وهذا مع تقدُّمِ البُحْتُري وحفْظِه وصِيانَتِه فيمَا يَنْقلُه مِنَ الألْفاظِ ، فتأَمَّل ذلكَ وأَنْصِف.
وزَواوَةُ : د بالمَغْربِ.
قال شيْخُنا : هذا أَشَدُّ غَلَطاً مِن الجوهرِيِّ في أنَّ زَوّاً جَبَلٌ ، فإنَّ زَواوَةَ لا يُعْرَفُ أنَّها بَقْلَدٌ ، وليسَ في بِلادِ المَغْربِ بَلَدٌ يقالُ له زَواوَةُ ، بل هي قَبيلَةٌ مِن قَبائِلِ البَرْبَرِ مَشْهورَةٌ ، تقالُ بفتْحِ الزَّاي كما دَلَّ عليه إطْلاقُه ، وبكَسْرِها أَيْضاً كما ضَبَطَه غيرُ واحِدٍ ، ونقلَهُ في كفايَةِ المُحْتاج للحَضْرمي ، ووَسَّع عليه الكَلامَ ابنُ خَلْدون في تارِيخِه الكَبيرِ ، ففي كَلامِه غَلَطٌ مِن وَجْهَيْن ، انتَهَى.
* قُلْتُ : أمَّا كون زَواوَةَ قَبيلَة مِنَ البَرْبَرِ فمَعْروفٌ لا كَلامَ فيه ، ذَكَرَه ياقوتُ في كتابِهِ عنْدَ عدِّه قَبائِل بَرْبَر (١) ، وذَكَرَ السَّخاوِي في تارِيخِه في تَرْجَمَةِ المشدالي الزَّوَاوي ما نَصّه : ومشدالَةُ قَبِيلَةٌ مِن زَواوَة ، وزَواوَةُ قَبيلَةٌ مِن البَرْبَرِ ، فلذا يقالُ له : المشدالي والزَّواوِي ، وهو مِن أَهْل بجايَةَ. ومِثْلُه في حاشِيَةِ الكعبية لعبْدِ القادِرِ أفَنْدي البَغْدادِي في تَرْجمةِ ابن معطى الزَّواوِي الحَنَفي صاحِبِ الألْفِيَّة في النَّحْو أنَّه مَنْسوبٌ إلى زَواوَةَ قَبِيلَة مِن البَرْبرِ في أَطْرافِ بجايَةَ ، إلَّا أنَّ ياقوتاً ذَكَرَ أنَّه يَنْسبُ كلّ مَوْضِع إلى القَبِيلَةِ التي نَزَلَتْه ، وقد مَرَّ ذلكَ كثيراً مِثْل نفوسة وضريسة ومِكْناسَة وكزولة ومزانة ومطماتة ، فكلُّ هؤلاء قَبائِلُ مِن البَرْبَرِ إلَّا أنّها سُمِّيتِ الأماكِنُ بهم ، فقال في نفوسة جِبالٌ بالمَغْربِ ، وفيمَا عَدَاها بَلَدٌ بالمَغْربِ ، فإذا عرفْتَ ذلك ظَهَرَ لكَ تَوْجِيه كَلام المصنِّفِ وأنَّه لا غَلَطَ فيه ، وأَمَّا كَسْر الزاي مِن زواوَةَ فمِنْ غَرائِبِ المُؤَرِّخين ، والمَعْروفُ الفَتْح. ثم رَأَيْتُ الصَّاغاني ذَكَرَ في التكْمِلَةِ ما نَصّه : وزَواوَةُ بُلَيْدَةٌ بينَ أفْريقِيَةَ والمَغْربِ.
والزُّوَيَّةٌ ، كسُمَيَّة : ع ببِلادِ عَبْسٍ ؛ نقلَهُ الصَّاغانيُّ.
ويقالُ : هو بالرَّاءِ وقد تقدَّمَ.
وأَزْوَى الرَّجُل : إذا جاءَ ومَعَهُ آخَرُ ؛ نقلَهُ الأزهرِيُّ والصَّاغانيُّ عن ابنِ الأعرابيِّ.
* وممَّا يُسْتدركُ عليه :
انْزَوتِ الجلْدَةُ في النَّارِ : أَي اجْتَمَعَتْ وتَقَبَّضَتْ.
وانْزَوَى ما بينَ عَيْنَيْه : اجْتَمَعَ وتَقَبَّضَ ؛ قالَ الأعْشى :
فلا يَنْبَسِطُ ما بينَ عَيْنَيْك ما انْزَوَى |
|
ولا تَلْقَني إلَّا وأَنْفُك راغِمُ (٢) |
وانْزَوَى القَوْمُ بعضُهم إلى بعضٍ : تدَانَوْا وتَضَامّوا.
وزَوَى عنه كذا : أَي صَرَفَهُ عنه وعَدَلَه ؛ ومَصْدَرُهُ الزُّوِيُّ ، كعُتِيٍّ.
والزُّوَى ، كهُدَى : الطّيورُ ؛ عن الليْثِ.
قالَ الأزْهرِيُّ : كأنَّها جَمْعُ زَوٍّ ، وهو طَيْرُ الماءِ (٣) وزَوَّرَ الكَلامَ وزَوَاهُ : هَيَّأَهُ في نَفْسِه.
ورجُلٌ زُوازِيَة ، كعُلانِيَةٍ : قصيرٌ غلِيظٌ.
وقالَ أبو الهَيْثم : كلُّ شيءٍ تمام (٤) فهو مربَّعٌ كالبَيْتِ والدَّارِ والأرضِ والبِساطِ له حُدودٌ أَرْبَعَة ، فإذا نَقَصَتْ منها ناحِيَةٌ فهو أزْوَرُ مُزَوّىً.
ونقلَ الجوهرِيُّ عن الأَصْمعيّ : زَوُّ المَنِيَّة ما يحدثُ مِن هَلاكِ المَنِيَّة.
__________________
(١) وترجم ياقوت أيضاً لزواوة وقيدها بالفتح بليد بين إفريقيا والمغرب. وعلى هامش القاموس : وفي الشرح : زواوة قبيلة سمي المكان الذي حلت فيه باسم القبيلة ا ه ملخصاً.
(٢) ديوانه ط بيروت ص ١٧٨ برواية : «من بين عينيك» كرواية اللسان والتهذيب والمقاييس ٣ / ٣٤ والصحاح.
(٣) كذا وردت العبارة بالأصل نقلاً عن الأزهري ، ونص عبارة التهذيب : «والوزى : الطيور. قلت : كأنه جمع وزِّ وهو طير الماء». ولم أجد أحداً من الأئمة ذكر الزوى بهذا المعنى.
(٤) في اللِّسان والتهذيب : تام.