قالَ شيْخُنا : وأَقَرَّه المقدسيُّ في حَواشِيه ، وقد يقالُ : إنَّ قَوْلَهُ : ولا يُكْتَبُ راجِعٌ للقَصْرِ ، والمُرادُ به زاي فلا وهمَ إذاً لقَصْرِ خِلافِ المَدِّ كما للمصنِّفِ ، وإن كانَ المَقْصورُ عنْدَ النُّحاةِ الاسمَ الذي آخِرَه أَلِف لازِمَه فتأَمَّل.
قالَ الصَّاغانيُّ : قالَ ابنُ الأنْبارِي : وفيه لُغاتٌ (١) خَمْسة : الأُوْلى : الزايُ بتَصْرِيحِ الياءِ وهي المَشْهورَةُ.
والثَّانِيَة : الزَّاءُ (٢) بالمَدِّ ، قالَ اللَّيْثُ : أَلِفُهما في التَّصْرِيفِ ترجِعُ إلى الياءِ ؛ وقالَ ابنُ جنِّي : الزَّاي حَرْفُ هِجاءٍ مَنْ لَفَظَ بها ثُلاثِيَّة فأَلفُها يَنْبغِي كَوْنها مُنْقَلِبَة عن واوٍ ولامُه ياءٌ ، فهو من لَفْظِ زَوَيْت إلَّا أنَّ عَيْنَه اعتلَّت وسَلِمَتْ لامُه ، فلحقَ ببابِ غايٍ وطايٍ ورايٍ وثايٍ في الشّذوذِ لاعْتِلالِ عَيْنه وصحَّةِ لامه ، واعْتِلالُها أَنَّها متَى أُعْرِبَت فقيلَ هذه زايٌ حَسَنَةٌ ، وكتَبْت زاياً صغيرَةً أَو نَحْو ذلكَ فإنَّها بعْدَ ذلكَ مُلْحَقَةٌ في الإعْلالِ ببابِ رايٍ وغايٍ ، لأنَّه ما دامَ حرفَ هِجاءٍ فأَلِفه غَيْر مُنْقَلِبَة ، فلهذا كانَ عنْدِي قوْلُهم في التَّهَجِّي زايٌ أَحْسَن من غايٍ وطايٍ ، لأنَّه ما دامَ حرفاً فهو غيرُ مُنْصَرفٍ ، وأَلِفُه غَيْرُ مَقْضِيٍّ عليها بالانْقِلابِ ، وغايٌ وبابُه يَنْصرفُ بالانْقِلابِ ، وإِعلالُ العَيْن وتصْحِيحُ اللامِ جارٍ عليه ومَعْروفٌ فيه ، انتَهَى.
والثَّالثة : الزَّيُّ ، كالطَّيِّ.
والرَّابعَةُ : زَيْ ، ككَيْ.
والخامِسَةُ : زاً ، مُنَوَّنَةً ، مجراة (٣).
وقد ذَكَرَ كُراعٌ هذه اللّغات الخَمْسة إلَّا أنَّه قالَ : زايٌ وزاءٌ وزَيْ ، ككَيْ ، وزاً مجراة ، وزَا غَيْر مجراة.
وقالَ سِيْبَوَبْه : منهم مَنْ يقولُ زَيْ ككَيْ ، ومنهم زاي فيَجْعلُها بزِنَةِ واو ، فهي على هذا مِن زَوَى. وقالَ ابنُ جنِّي : مَنْ قالَ زَي وأَجْراها مُجْرى كَيْ فإنَّه لو اشتقَّ منها فَعَلْ كمَّلَها اسْماً فزادَ على الياءِ ياءً أُخْرى ، كما أنَّه إذا سمَّى رجُلاً بكَيْ ثَقَّل الياءَ فقالَ هذا كَيٌّ ، فكذا يقولُ هذا زَي ، ثم يقولُ زَيَّيْت كما يقولُ من حَيْت حَيَّيْت ؛ فإنْ قُلْت : فإذا كانتِ الياءُ مِن زَيْ في مَوْضِع العَيْن فهَلَّا زَعَمْت أنَّ الألِفَ مِن زاي ياءٌ لوُجُودك العَيْن مِن زَيْ ياءً ؛ فالجوابُ أنَّ ارْتِكابَ هذا خَطَأٌ مِن قِبَل أنَّك لو ذَهَبْت إلى هذا لحكَمْتَ بأنَّ زَيْ محْذوفَةٌ من زايٍ ، والحذْفُ ضَرْبٌ مِن التَّصَرُّفِ ، وهذه الحُروفُ جَوامِد لا تصرُّفَ في شيءٍ منها ، وأَيْضاً فلو كانتِ الأَلفُ من زاي هي الياءُ في زَيْ لكانتْ مُنْقَلِبَة ، والانْقِلابُ في الحُروفِ مَفْقودٌ غَيْر مَوْجودٍ.
ثم قالَ : ولو اشْتَقَقْت منها فعَّلْت لقُلْت زَوَّيْت ، هذا مَذْهَبُ أَبي عليِّ ، ومَنْ أَمالَها قالَ زَيَّيْت ؛ وج على أَفْعالٍ : أَزْواءٌ ، وعلى قَوْلِ غيرِه : أَزْياءٌ ، إن صحَّتْ إمالَتُها ؛ وإن كَسَرْتها على أَفْعُلٍ قُلْتَ : أَزْوٍ وأَزْيٍ على المَذْهَبَيْن.
والزَّوُّ ، كالبَوِّ (٤) : القَرينانِ من السُّفُنِ وغيرِها.
وجاءا زَوًّا : جاءَ هو وصاحِبُه.
وقيلَ : كُلُّ زَوْجٍ زَوٌّ ، والواحِدُ تَوٌّ ، كانَ الأَوْلى أَنْ يقولَ والفَرْدُ تَوٌّ.
والزَّوُّ : سفِينَةٌ عَمِلَها المُتَوَكِّلُ العباسيُّ نادَمَ فيها البُحْتري. لا اسمُ جَبَلٍ (٥) بالعِراقِ. ووَهِمَ الجوهريُّ وإنَّما غَرَّهُ قولُ البُحْتُرِي الشَّاعِر :
ولم أَرَ كالقَاطُولِ يَحْمل ماؤُه |
|
تَدَفّق بَحْرٍ بالسَّماحَةِ طامِ |
ولا جَبَلاً كالزَّوِّ يُوقَفُ تارَةً |
|
ويَنْقادُ امَّا قُدْتَهُ بِزِمامِ (٦) |
__________________
(١) في التكملة : أوجه.
(٢) على هامش القاموس عن نسخة : والزَّي.
(٣) نص عبارة ابن الأنباري كما في التكملة : وهي الزاء مثل الراء ، والزّا بالقصر ، والزاي بتصريح الياء ، والزيّ مثل الطيّ ، والخامسة زاً بالتنوين.
(٤) في القاموس : كالتَوِّ.
(٥) في القاموس بالرفع منونة ، والكسر ظاهر.
(٦) ديوانه والتكملة والثاني من شواهد القاموس. وجزء من صدر الثاني في معجم البلدان «زوّ».