يقالُ : رَيْتَه على الحَذْفِ ، أَنْشَدَ ثَعْلَب :
وَجْناء مُقَوَرَّة الأَقْرابِ يَحْسِبُها |
|
مَنْ لم يَكُنْ قَبْلُ رَاهَا رَأْيَةً جَمَلا |
وأنا أَرَأُهُ والأَصْلُ أَرآهُ ، حَذَفُوا الهَمْزةَ وأَلْقَوْا حَرَكَتَها على ما قَبْلَها.
قالَ سِيْبَوَيْه : كلُّ شيءٍ كانت أَوَّلَه زائِدَةٌ سِوَى أَلِف الوَصْل مِن رَأَيْت فقد اجْتَمَعَتِ العَرَبُ على تَخْفيفِ هَمْزه لكَثْرهِ اسْتِعْمالِهم إيَّاه ، جَعَلُوا الهَمْزة تُعاقِب.
قالَ : وحَكَى أَبو الخطَّاب قَدْ أَرْآهم ، فجِيءَ به على الأصْل قالَ :
أَحِنُّ إذا رَأَيْتُ جِبالَ نَجْدٍ |
|
ولا أَرْأَى إلى نَجْدٍ سَبِيلا |
قالَ بعضُهم : ولا أَرَى على احْتِمالِ الزِّحافِ ؛ وقالَ سُراقَةُ البارِقيّ :
أَرَى عَيْنَيَّ ما لم تَرْأَياهُ |
|
كِلانا عالِمٌ بالتُّرَّهاتِ (١) |
ورَواهُ الأَخْفَش : ما لم تَرَياهُ ، على التَّخْفيفِ الشائِع عن العَرَب في هذا الحَرْف.
ويقولُ أَهْلُ الحجازِ في الأَمْرِ مِن رَأَى : وَذلك ، وللاثْنَيْن : رَيا ، وللجَمْع : رَوْا ذلكَ ، ولجماعَةِ النِّسْوةِ : رَيْنَ ذا كُنَّ.
وبَنُو تمِيمٍ يَهْمزُونَ في جميعِ ذلكَ على الأصْلِ.
وتَراءَيْنا الهِلالَ : تَكَلَّفْنا النَّظَرَ هل نَراهُ أَمْ لا.
وقيلَ : تَراءَيْنا نَظَرْنا ؛ وقالَ أَبو ذُؤَيْب :
أَبَى اللهُ إلَّا أن يُقِيدَكَ بَعْدَما |
|
تَراءَيْتُموني من قَرِيبٍ ومَوْدِقِ (٢) |
وفي الحدِيثِ : لا يَتَمَرْأَى أَحَدُكم في الماء ، أَي لا يَنْظُرُ وَجْهَه فيه ، وَزْنُه يَتَمفْعَل ، حَكَاه سِيْبَوَيْه. وحَكَى الفارِسيُّ عن أَبي الحَسَن : رُيَّا لُغَةٌ في الرُّؤْيا ، قالَ : وهذا على الإدْغام بَعْدَ التَّخْفيفِ البَدَليُّ ؛ وحَكَى أَيْضاً رِيَّا أَتْبَع الياءَ الكَسْرَ.
وقالَ الأزْهريُّ : زَعَمَ الكِسائيُّ أنَّه سَمِعَ أَعْرابيّاً يقْرَأُ إنْ كُنْتُم للرُّيَّا تَعْبُرُونَ (٣).
ورَأَيْتُ عَنْك رُؤًى حَسَنَةً : أَي حملتها (٤).
وقالوا : رَأْيَ عَيْني زيدٌ (٥) فَعَلَ ذاكَ ، وهو مِن نادِرِ المصادِرِ عنْدَ سِيْبَوَيَه ، ونَظِيرُهُ سَمْعَ أُذُنِي ، ولا نَظِير لهُما في المُتَعَدِّيات.
والتَّرِيَّةُ : الشَّيءُ الخفِيُّ اليَسِيرُ مِن الصُّفْرةِ والكُدْرةِ تَراها المَرْأَةُ بَعْد الاغْتِسالِ من الحيْضِ ، فأَما ما كانَ في أَيَّامِ الحيْضِ فهو حَيْضٌ وليسَ بتَرِيَّة ؛ ذَكَرَهُ الجوهريُّ.
وزادَ في المُحْكَم فقالَ : والتَّرْئِيَةُ والتريةُ ، بالكسْرِ ؛ قالَ : والفَتْح مِن التَّرِيَّة نادِرٌ ، ثم قالَ : وقيلَ : التَّرِيَّةُ الخِرْقَةُ التي تَعْرِفُ بها حَيْضَتَها مِن طُهْرها ، وهو مِن الرُّؤيَةِ.
ومِن المجازِ : رَأَى المَكانُ المَكانَ : إذا قابله حتى كأنَّه يَراهُ ؛ قالَ ساعِدَةُ :
لمَّا رَأَى نَعْمانَ حَلَّ بكِرْفِىءٍ |
|
عَكِرٍ كما لَبَجَ النُّزُولَ الأَرْكُبُ (٦) |
وقرأ أبو عمرو (٧) : أَرْنَا مَنَاسِكَنا (٨) ، وهو نادِرٌ لمَا يَلْحَقُ الفِعْلَ مِنَ الإِجْحافِ.
ودُورُ القَوْمِ مِنّا رِئاءٌ : أَي مُنْتَهَى البَصَرِ حيثُ نَراهُم.
وقوْلُهم : على وَجْهِه رَأْوَةُ الحُمْقِ إذا عَرَفْتَ الحُمْقَ فيه قبل أَنْ تَخْبُرَهُ ؛ نقلَهُ الجَوْهريُّ والأزْهرِيُّ.
__________________
(١) اللسان والصحاح والتهذيب.
(٢) ديوان الهذليين ١ / ٩١ واللسان.
(٣) سورة يوسف ، الآية ٤٣ والقراءة : (لِلرُّءْيا).
(٤) في اللسان : حلمتها.
(٥) عن اللسان ، وبالأصل «زيدا».
(٦) ديوان الهذليين ١ / ١٧٣ في شعر ساعدة بن جؤية ، واللسان.
(٧) بالأصل «وقرأ أبو عمر» والتصحيح عن اللسان.
(٨) سورة البقرة ، الآية ١٢٨ وبالأصل «أرنا» والقراءة : «أَرِنا».