وفي الحدِيثِ : أنَّه صَلَى الله عليه وسلّم ، أُتِيَ بأَسِيرٍ وهو يَرْعُدُ مِن البَرْدِ فقالَ لقَوْمٍ منهم : «اذْهَبُوا به فأَدْفُوه» ، يُريدُ الدِّفْءَ مِن البَرْدِ ، فذَهَبُوا به فَقَتَلُوه ، فوَدَاهُ رَسولُ اللهِ صَلَى الله عليه وسلّم ؛ كما في الصِّحاحِ.
قالَ ابن الأَثيرِ : أَرادَ النبيُّ صَلَى الله عليه وسلّم ، الادْفاءَ من الدِّفْءِ فحَسَبُوه الإِدْفاء بمعْنَى القَتْل في لُغَةِ اليَمَنِ ؛ وأَرادَ صَلَى الله عليه وسلّم ، أدْفِئوه بالهَمْز فخففه وهو تَخْفيفٌ شاذٌّ والقِياسُ أَن تُجْعَل الهَمْزَة بَيْنَ بَيْن لا أَنْ تُحْذَفَ ، وإنما ارْتَكبَ الشُّذُوذ لأَنَّ الهَمْزَ ليسَ مِن لُغَةِ قُرَيْش.
والدَّفَا ، مَقْصوراً : الانْحِناءُ. يقالُ : رجُلٌ أَدْفَى ، أَي مُنْحَنٍ ، أَو هو المَاشِي في شِقٌ.
وفي الصِّحاحِ : في صُلْبِهِ احْدِيدابٌ ؛ هكذا ذَكَرَه الجَوهرِيُّ هنا.
وأَوْرَدَه الهَرَوِيُّ في المَهْموزِ.
ويقالُ : عُقابٌ دَفْواءُ : أَي مُعَوَجَّةُ المِنْقارِ ؛ وفي الصِّحاحِ : لعَوَجِ مِنْقارِها.
والدَّفْواءُ : النَّاقَةُ الطَّويلَةُ العُنُقِ التي كادَتْ هامَتُها تَمَسُّ سَنامَها ، وتكونُ مع ذلكَ طَويلَةَ الظَّهْر.
وفي الصِّحاحِ : ورُبَّما قيلَ للنَّجيبةِ الطَّويلَةِ العُنُقِ دَفْواءُ.
والتَّدافِي : التَّدارُكُ.
وفي الصِّحاحِ : التَّداوُلُ ؛ وهو أَنْ يَسيرَ البَعيرُ سَيْراً مُتَجافِياً ؛ وقد تَدَافَى تَدافِياً.
وأَدْفَيْتُ (١) واسْتَدْفَيْتُ ، لُغَتانِ في الهَمْزِ قد تقدَّمَ ذِكْرُهما.
وأَدْفَى الظَّبْيُ : طالَ قَرْناهُ حتى كادَ أَن يَبْلُغا اسْتَهُ.
وفي المُحْكَم : حتى انْصَبَّا على أُذُنَيْه من خَلْفِه.
وفي الصِّحاحِ : يقالُ وَعِلٌ أَدْفَى بَيِّنُ الدَّفا : وهو الذي طالَ قَرْنه جدّاً وذَهَبَ قِبَلَ أُذُنَيْه.
وأُدْفُو ، بالضَّمِّ : ة قُرْبَ الاسْكَنْدرِيَّةِ.
وأَيْضاً : د بينَ أُسْوانَ وإِسْنَى (٢) ، منه الإِمامُ أَبو بكْرٍ محمدُ بنُ عليِّ بنِ أَحْمدَ بنِ محمدٍ النَّحْوِيُّ (٣) ، انْفَرَدَ بالإِمامَةِ في دَهْرِه في قِراءَةِ نافِع ، روَايَة عُثْمان بن سعيدٍ ورش مع سَعَة عِلْمِهِ وبَرَاعَة فَهْمِه وتَمَكُّنه في عِلْم العَرَبيَّةِ ، وحدَّثَ عن أَبي جَعْفرٍ النَّحاسِ بكتابِ مَعاني القُرْآن وإعْراب القُرْآن ، واخْتُلِفَ في مَوْلِدِهِ ، قيلَ سَنَة ثَلاث ، وقيلَ خَمْس ، وقيلَ أَرْبَع وثلثمائَةٍ في صَفَر ، وهذا أَصَحُّ ، وتُوفي بمِصْرَ يَوْم الخَمِيس لسَبْعٍ بَقَيْنَ مِن رَبِيعِ الأَوَّل (٤) سَنَة ٥٨٨ ؛ له تَفْسيرُ أَرْبَعُونَ مُجَلَّداً في الكامِلِ ، منها نسْخةٌ في المَدْرسةِ الفاضِلِيَّة بمِصْر في تَجْزئة مِائَة وعِشْرين مُجَلَّداً.
وقد تقدَّمَ للمصنِّفِ الإشارَة إلى ذلكَ في أَدَفَ ، وتقدَّمَ لنا هناك الكَلامُ في تَرْجمتِه وذِكْر القَرْيَتَيْن والاخْتِلاف في ضَبْطِها هل هي بالذالِ المُعَجمةِ أَو المُهْملةِ ، أَو بالتَّاء ، وهل هي قُرْبَ الاسْكَنْدريَّة أَو بالجانِبِ الغَرْبي مِن نِيلِ مِصْر ، أَو غَيْر ذلكَ فراجِعْه ، وتأَمَّل تصب.
قالَ شيْخُنا : والصَّوابُ ذِكْرُها هنا ، واللهُ أَعْلم.
* وممَّا يُسْتدركُ عليه :
دَفِيَ ، كرَضِيَ : إذا سَمِنَ وكَثُرَ لَحْمه ، نَقَلَهُ ابنُ دَرَسْتَوَيْه في شَرْحِ الفصيحِ ؛ قالَهُ شيْخُنا.
* قُلْتُ : إنْ لم يكن مُصَحّفاً مِن دَقى بالقافِ كما سَيَأْتي. قالَ : ودَفا مُعْتلًّا وقد يُهْمَز بمعْنَى قَتَل في لُغَةِ كِنانَةَ ، حكَاهُ ابنُ أَبي الحديدِ في شرْحِ نهجِ البلاغَةِ.
وطائِرٌ أَدْفَى : طَويلُ الجنَاحِ ؛ نَقَلَه الجَوهرِيُّ.
__________________
(١) في التكملة والتهذيب : «ادَّفَيْتُ» والأصل كاللسان ، وهو قول الليث.
(٢) في معجم البلدان : بين أسوان وقوص.
(٣) قبلها في القاموس. وقد سقطت من الشارح : «الأُدْفُوِيُّ» وقد ذكره ابن الأثير في طبقات القراء «الأذفوي» بالذال المعجمة ، نسبة إلى أذفو بضم الهمزة وسكون الذال المعجمة.
(٤) قيد ابن الأثير وفاته في طبقات القراءة بالحروف : سنة ثمان وثمانين وثلثمائة.