أَو هي التي تُنْتَجُ وهي غَزيرَةٌ فيُجَرُّ ولَدُها من تَحْتِها فيُجْعَلُ تَحْتَ أُخْرَى ، وتُخَلَّى هي للحَلْبِ ، وذلكَ لكَرَمِها ؛ هذا قوْلُ اللَّحْيانيّ.
قالَ الأزهرِيُّ : وسَمِعْتُهم يقولونَ : بَنُو فلانٍ قد خَلَوْا وهم يَخْلُون (١) ؛ وهي الناقَةُ تُنْتَجُ فيُنْحَرُ ولَدُها ساعَةَ يُولَد قَبلَ أن تَشَمَّه ويُدْنى منها ولدُ ناقَةٍ كانتْ ولَدَتْ قَبْلَها فتَعْطِفُ عليه ، ثم يُنْظَر إلى أَغْزَر الناقتين (٢) فتُجْعَلُ خَلِيَّةً ، ولا يكونُ للحُوارِ منها إلا قَدْرُ ما يُدِرُّها وتُتْرَكُ الأُخْرَى للحُوارِ يَرْضعُها متَى ما شاءَ وتُسَمَّى بَشُوطاً (٣) ، والجَمْعُ بُشْطٌ ، الغَزيرَةُ التي يَتَخَلَّى بلَبَنِها أَهْلُها هي الخَلِيَّة.
وفي الصِّحاحِ : الخلِيَّةُ الناقَةُ تَعْطِفُ مع أُخْرى على ولدٍ واحِدٍ فيَدُرَّان عليه ، ويَتَخَلَّى أَهْلُ البيتِ بواحِدَةٍ يَحْلبُونَها ؛ ومنه قَوْلُ الشاعِرِ ، وهو خالِدُ بنُ جَعْفر يَصِفُ فَرَساً :
أَمرْتُ الراعِيَيْن ليُكْرِماها |
|
لها لَبَنُ الخَلِيَّةِ والصَّعُودِ (٤) |
انتَهَى.
أَو الخَلِيَّةُ : ناقَةٌ أَو ناقَتانِ أَو ثلاثٌ يَعْطِفْنَ على ولَدٍ واحِدٍ فَيَدْرُوْنَ عليه فَيَرْضَعُ الوَلَدُ من واحِدَةٍ ويَتَخَلَّى أَهْلُ البيتِ لأَنْفُسِهم بما بَقِيَ واحِدَةً أَو ثِنْتَيْن يَحْلبُونَها ؛ أَي يَتَفَرَّغُ هو تَفْسير ليَتَخَلَّى وهو تَفَعّل مِن الخلو ، يقالُ تَخَلَّى للعبادَةِ.
وقالَ ابنُ الأعرابيِّ : هي الناقَةُ تُنْتَجُ فينْخَرُ وَلدُها عَمْداً ليَدُومَ لهُم لَبَنُها فتُسْتَدَرُّ بحُوارِ غيرِها ، فإذا دَرَّتْ نُحِّيَ الحُوارُ واختليت (٥) ، ورُبَّما جَمَعُوا من الخَلايا ثلاثاً وأَرْبعاً ، على حُوارٍ واحِدٍ وهو التَّلَسُّن. وقالَ ابنُ شُمَيْل : ورُبَّما عَطَفُوا ثلاثاً وأَرْبعاً على فَصِيلٍ ويأَيَتِهِنَّ شاؤُوا تَخَلَّوُا.
والخَلِيَّةُ أَيْضاً : النَّاقَةُ المُطْلَقَةُ من عِقالٍ.
وفي الصِّحاحِ : الناقَةُ تُطْلَقُ من عِقالِها ويُخَلَّى عنها ؛ ورُفِعَ إلى عُمَر ، رضياللهعنه ، رجُلٌ وقد قالتْ له امرأَتُه أَنَّه شَبِّهْني ، فقالَ : كأَنَّكِ ظَبْيةٌ كأنَّكِ حَمامَةٌ ؛ فقالتْ : لا أَرْضى حتى تقولَ : خَلِيَّة طالِقٌ ، فقالَ ذلك ، فقالَ عُمَرُ : خُذْ بيدِها فإنَّها امْرأَتُك لمَّا لم تكُنْ نيَّتُه الطَّلاقَ ، وإنَّما غالَطَتْه بلَفْظٍ يُشْبِه لَفْظُ الطَّلاقِ.
قالَ ابنُ الأثيرِ : أَرادَ بالخَلِيَّة هنا الناقَة تُخَلَّى من عِقالِها ، وطَلَقَت من العِقالِ تَطْلُقُ طَلْقاً فهي طالِقٌ ، وقيلَ : أَرادَ بالخَلِيَّةِ الغَزيرَةَ تَعْطِفُ على ولدِ غيرِها ، والطَّالِقُ : التي لا خِطامَ لها ، وأَرادَتْ هي مُخادَعَته بهذا القَوْل ليَلْفِظ به فيقَعَ عليها الطَّلاقُ ؛ فقالَ له عُمَر : خُذْ بيدِها فإنَّها امْرأَتُك ، ولم يُوقِع عليها الطَّلاقَ لأنَّه لم يَنْوِه ، وكانَ ذلكَ خِداعاً منها.
والخَلِيَّةُ : السَّفِينَةُ العَظيمَةُ ، أَو هي التي تَسيرُ من غيرِ أن يُسَيِّرَها مَلَّاحٌ (٦) ، أَو هي التي يَتْبَعُها زَوْرَقٌ صغيرٌ.
وصَحَّحَ الأزهرِيُّ الأوَّل ؛ وعليه اقْتَصَرَ الجَوْهرِيُّ ؛ وقالَ الأعْشى :
يَكُبُّ الخَلِيَّةَ ذاتَ القِلاع |
|
وقَدْ كادَ جُؤْجُؤُها يَنْحَطِمْ (٧) |
والجَمْعُ الخَلايا ؛ وأَنْشَدَ الجَوهرِيُّ لطرفَةَ :
كأنَّ حُدُوجَ المَالِكِيَّة غُدْوَةً |
|
خَلايا سَفِين بالنَّواصِفِ مِنْ دَدِ (٨) |
وفي الصِّحاحِ : ويقالُ للمرْأَةِ أَنْتِ خَلِيَّةٌ ، كنايَةٌ عن الطَّلاقِ.
__________________
(١) أي الخليّة.
(٢) عن التهذيب وبالأصل «الباقيين».
(٣) في التهذيب : البَسُوط وجمعها بسط.
(٤) اللسان وعجزه في الصحاح.
(٥) في التهذيب واللسان : واحتلبت.
(٦) يعني التي تسير من غير جذب.
(٧) ديوانه ط بيروت ص ١٩٨ برواية : «قد» بدون الواو ، والمثبت كرواية اللسان.
(٨) من معلقته ، ديوانه ط بيروت ص ٢٠ واللسان وعجزه في التهذيب والصحاح.