اللهُ عنه ، فإذا حصلَ الانْتِهاءُ بالحَياءِ كانَ بَعْض الإيمانِ ؛ ومنه الحدِيثُ : «إذا لم تَسْتَحِ فاصْنَعْ ما شِئْتَ» ؛ لَفْظُه أَمْرٌ ومعْناهُ تَوْبيخٌ وتَهْديدٌ.
وهو حَيِيٌّ ، كغَنِيِّ : ذُو حَياءٍ ؛ والأُنْثى بالهاءِ.
والحَياءُ : الفَرْجُ من ذَواتِ الخُفِّ والظِّلْفِ وَالسِّباعِ.
قالَ ابنُ سِيدَه : وخَصَّ ابنُ الأعرابيِّ به الشَّاةَ والبَقَرةَ والظَّبْيَةَ. وقد يُقْصَرُ عن الليْثِ.
وقالَ الأزْهرِيُّ : هو خَطَأٌ لا يجوزُ قَصْرُه إلا لشاعِرٍ ضَرُورَة ، وما جاءَ عن العَرَبِ إلَّا مَمْدوداً ، وإنَّما سُمِّي حَياءً باسْمِ الحَياءِ من الاسْتِحْياءِ لأنَّه يُسْتَر عن الآدَمِي مِن الحَيَوانِ ، ويُسْتَفْحش التَّصْرِيحُ بذِكْرِه واسمه المَوْضُوع له ويُسْتَحى من ذلكَ ويُكْنى عَنه.
وقالَ ابنُ برِّي : وقد جاءَ الحَياءُ لرَحِمِ الناقَةِ مَقْصوراً في شِعْرِ أَبي النَّجْم ، وهو قوْلُه :
جَعْدٌ حَياها سَبِطٌ لَحْيَاها
ج أَحْياءٌ ؛ عن أَبي زيْدٍ.
وحَمَلَه ابنُ جنِّي على أنَّه جَمْعُ حَياءً بالمدِّ ، قالَ : كَسَّرُوا فَعالاً على أَفْعالٍ حتى كأنَّهم إنَّما كَسَّرُوا فَعَلاء (١).
وأَحْيِيَةٌ ؛ نَقَلَه الجَوهرِيُّ عن الأصْمعيّ.
وقالَ ابنُ برِّي : في كتابِ سِيْبَوَيْه أَحْيِيَة جَمْع حَياءٍ لفَرْجِ الناقَةِ ، وذكرَ أَنَّ منَ العَرَبِ مَنْ يَدْغمه فيَقول أَحِيَّة.
ونَقَلَ غيرُهُ عن سِيْبَوَيْه قالَ : ظَهَرتِ الياءُ في أَحْييَة لظُهورِها في حَيِيَ ، والإدْغامُ أَحْسَن لأنَّ الحركَةَ لازِمَةٌ ، فإنْ أَظْهَرت فأَحْسَنُ ذلكَ أنْ تُخفي كَراهِية تَلاقِي المَثَلَيْن ، وهي مع ذلكَ بزِنَتِها متحرِّكةً.
وحَيٌّ ، بالفتْحِ ويُكْسَرُ ، كِلاهُما عن سِيْبَوَيْه أَيْضاً.
والتَّحِيَّةُ : السَّلامُ ؛ عن أَبي عبيدٍ.
وقالَ أَبو الهَيْثم : التَّحِيَّةُ في كَلامِ العَرَبِ ما يُحَيِّي به بعضُهم بَعْضاً إذا تَلاقَوْا ، قالَ : وتَحِيَّةُ اللهِ التي جَعَلَها في الدُّنْيا لمُؤْمِنِي عِبادِه إذا تَلاقَوْا ودَعا بعضُهم لبعضٍ فأَجْمع الدّعاء أن يقولوا : السَّلامُ عَلَيْكم ورحْمةُ اللهِ وبركَاتُه.
قالَ اللهُ ، عزوجل : (تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ) (٢) ؛ وقد حَيَّاهُ تَحِيَّةً.
وحكَى اللَّحْيانيُّ : حَيَّاكَ تَحِيَّةَ المُؤْمِن ، أَي سَلَّم عَلَيْك.
والتَّحِيَّةُ : البَقاءُ ؛ عن ابنِ الأَعْرابيِّ وبه فسر قَوْل زُهَيْر ابنِ جَنابِ الكَلْبيّ ، وكانَ ملكاً في قوْمِه :
ولكُلُّ ما نالَ الفَتَى |
|
قَدْ نِلْتُه إلَّا التَّحِيَّهْ (٣) |
قالَ ابنُ برِّي : زهيرٌ هذا سيِّدُ كَلْبٍ في زمانِه ، وكانَ كثيرَ الغَارَات وعُمِّرَ عُمراً طَويلاً ، وهو القائِلُ لمَّا حَضَرَتْه الوَفاةُ :
أَبَنِيَّ إنْ أَهْلِكْ فإنِّي قَدْ |
|
بَنَيتُ لَكُمْ بَنِيَّهْ |
وتَرَكْتُكم أَوْلادَ سا |
|
داتٍ زِنادُكُم وَرِيَّهْ |
ولَكُلُّ ما نالَ الفَتَى |
|
قَدْ نِلْتُه إلَّا التَّحِيَّهْ |
والتَّحِيَّةُ : المُلْكُ ، وهو قَوْلُ الفرَّاء وأَبي عَمْروٍ ؛ وبه فَسَّر الجَوهرِيُّ قَوْلَ زُهَير المَذْكُور ، قالَ : وإنَّما أُدْغِمَتْ لأنَّها تَفْعِلَة ، والهاءُ لازِمَةٌ ، أَي تَفْعِلَة من الحَياةِ ، وإنَّما أُدْغِمَتْ لاجْتِماعِ الأمْثالِ ، والتاءُ زائِدَةٌ.
وقالَ سِيْبَوَيْه : تَحِيَّة تَفْعِلة ، والهاءُ لازِمَةٌ والمُضاعَفُ من الياءِ قَليلٌ ، لأنَّ الياءَ قد تثقل (٤) وَحْدها لاماً ، فإذا كانَ قَبْلها ياءٌ كانَ أَثْقَل لها.
قالَ ابنُ برِّي : والمَعْروفُ في التَّحِيَّة هنا إنَّما هي البَقاءُ لا بمعْنَى المُلْكِ ؛ وأَنْشَدَ أَبو عَمْرو قَوْلَ عَمْرِو بنِ مَعْدِيَكْرب :
__________________
(١) في اللسان : فعلاً.
(٢) سورة الأحزاب ، الآية ٤٤.
(٣) اللسان والصحاح والتهذيب.
(٤) عن اللسان وبالأصل «تنقل».