الحَيَوْةُ ، بسكونِ الواوِ قبْلَها فَتْحة ، فهذه الواوُ بدلٌ مِن أَلفِ حَيَاةٍ وليسَتْ بلامِ الفِعْل من حَيَوْتُ ، أَلا تَرى أَنَّ لامَ الفِعْل ياءٌ؟ وكَذلِكَ يَفْعَل أَهْل اليَمَنِ بكلِّ أَلفٍ مُنْقلِبَة عن واوٍ كالصَّلاة والزَّكَاة : نَقِيضُ المَوْتِ.
وقالَ الراغبُ : الحَياةُ تُسْتَعْمل على أَوْجُهٍ : الأولى : للقوَّةِ النامِيَةِ المَوْجودَةِ في النَّباتِ والحَيَوانِ ، ومنه قيلَ نَباتٌ (١).
والثَّانِيَة : للقوَّةِ الحسَّاسةِ ، وبه سُمِّي الحَيَوانُ حَيَواناً.
والثَّالِثَةُ : للقوَّة (٢) العاقِلَةِ ، ومنه قوْلُه تعالى : (أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ) (٣) ؛ وقالَ الشاعِرُ :
لقد أَسْمَعْت لو نادَيْت حَيّاً (٤) |
|
ولكن لا حَياةَ لمَنْ تُنادِي |
والَّرابعَةُ : عبارَةً عن ارْتِفاعِ الغَمِّ ؛ وبهذا النَّظَر قالَ الشاعِرُ :
ليسَ من ماتَ فاسْتَراحَ بمَيِّتٍ |
|
إنَّما المَيِّتُ مَيِّتُ الأَحْياء (٥) |
والخامِسَةُ : الحَياةُ الأُخْروِيَّة الأبَدِيَّة ، وذلكَ يتوصلُ إليها بالحَيَاةِ التي هي العَقْلُ والعِلْم ، ومنه قوْلُه تعالى : (يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي) (٦) ، يعْنِي به الحَياةَ الأُخْروِيَّة الَّدائِمَة.
والسَّادِسَةُ : الحَياةُ التي يُوصَفُ بها البارِي تعالى ، فإنَّه إذا قيلَ فيه تعالى إنَّه حيٌّ فمعْناه لا يصحُّ عليه المَوْتُ وليسَ ذلِكَ إلَّا للهِ تعالى ، انتَهَى.
حَيِيَ ، كرَضِيَ ، حَياةٌ ، ولُغَةٌ أُخْرى : حَيَّ يَحَيُّ ويَحْيَى* ، فهو حَيٌّ. قالَ الجَوهرِيُّ : والادْغامُ أَكْثَر لأنَّ الحرَكَةَ لازِمَةٌ ، فإذا لم تكنِ الحَرَكَةُ لازِمَةً لم تدْغم كقوْلِه تعالى : أَلَيْس الله (بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى) (٧) ؛ ويُقْرأُ ويحيّ من حَيَّ عن بَيِّنة (٨) ، انتَهَى.
قالَ الفرَّاءُ : كِتابَتُها على الإدْغامِ بياءٍ واحِدَةٍ وهي أَكْثَر قِراءَة القرَّاء ، وقَرَأَ بعضُهم مَنْ حَيِيَ عن بيِّنةٍ ، بإظهارِها ؛ قالَ وإنَّما أَدْغَموا الياءَ مع الياءِ وكانَ يَنْبغِي أنْ يَفْعلوا لأنَّ الياءَ الأخيرَةَ لَزِمَها النَّصْبُ في فِعْلٍ ، فأُدْغِم لمَّا الْتقَى حَرْفانِ مُتَحرِّكانِ من جنْسٍ واحِدٍ ؛ قالَ : ويَجوزُ الإدْغام للاثْنَيْن في الحركَةِ اللَّازمَةِ للياءِ الأَخيرَةِ فتقولُ حَيَّا وحَيِيَا (٩) ، ويَنْبغِي للجَمْع أن لا يُدْغَم إلَّا بياءٍ ، لأنَّ ياءَها نَصيبُها الرَّفْع وما قَبْلها مَكْسُور ، فَيَنْبغِي لها أن تسكنَ فيسقطُ بواوِ الجِماع (١٠) ، ورُبَّما أَظْهَرَتِ العَرَبُ الإدْغامَ في الجَمْعِ إرادَةَ تأْليفِ الافْعالِ ، وأن تكونَ (١١) كُلّها مُشَدَّدَة ، فقالوا في حَييتُ حَيُّوا وفي عَييتُ عَيُّوا.
قالَ : وأَجْمَعَتِ العَرَبُ على إدْغامِ التَّحْتِيَّةِ (١٢) بحرَكةِ الياءِ الأَخيرَةِ ، كما اسْتَحبُّوا إدْغامَ حَيَّ وعَيَّ للحرَكةِ اللَّازمَة فيها فأما إذا سكنتِ الياءُ الأخِيرَة فلا يَجوزُ الإدْغامُ من يُحْيِي ويُعْيِي ، وقد جاءَ في الشِّعْرِ الإدْغام وليسَ بالوَجْه.
وأَنْكَر البَصْرِيُّونَ الإدغام في هذا الموْضِعِ.
وقَوْلُه تعالى : (فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً) (١٣) ؛ رُوِي عن ابنِ عبّاسٍ : أنَّ الحَياةَ الطيِّبَةَ (١٤) : الرِّزْقُ الحَلالُ في الدُّنْيا ؛ أَو هي الجَنّةُ.
والحَيُّ مِن كلِّ شيءٍ : ضِدُّ المَيِّتِ ، ج أَحْياءٌ ، ومنه قوْلُه تعالى : (وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلَا الْأَمْواتُ) (١٥).
__________________
(١) سورة الأنبياء ، الآية ٣٠.
(٢) في المفردات : للقوة العاملة العاقلة.
(٣) سورة الأنعام ، الآية ١٢٢.
(٤) في المفردات :
وقد ناديت لو أسمعت حيّاً
(٥) المفردات بدون نسبة.
(٦) سورة الفجر ، الآية ٢٤.
(*) كذا ، وبالقاموس : يَحْيا.
(٧) سورة القيامة ، الآية ٤٠ وفيها : (أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ).
(٨) سورة الأنفال ، الآية ٤٢.
(٩) عن اللسان وبالأصل «حيتا».
(١٠) الأصل واللسان وفي التهذيب : الجمع.
(١١) بالأصل «يكون» والتصحيح عن اللسان والتهذيب.
(١٢) في اللسان والتهذيب : التحيّة.
(١٣) سورة النحل ، الآية ٩٧.
(١٤) في القاموس بالرفع في «الحياةُ الطيبةُ» والنصب ظاهر.
(١٥) سورة فاطر ، الآية ٢٢.