رقَّتْ قَدَمُه أَو حافِرُه فإنَّه بَيِّنُ الحَفَا ، مَقْصورٌ ، والذي يَمْشِي بِلا خُفِّ ولا نَعْلٍ حافٍ بَيِّنُ الحَفاءِ ، بالمدِّ.
وقا الزجَّاجُ : الحَفا ، مَقْصورٌ ، أن يكثُرَ عليه المَشْيُ حتى يُؤْلِمَهُ ؛ قالَ : والحَفاءُ مَمْدودٌ ، أَن يَمْشِيَ الرجُلُ بغيرِ نَعْلٍ حافٍ بَيِّنُ الحَفا ، مَقْصورٌ ، إذا رَقَّ حافِرُه.
واحْتَفَى : مَشَى حافِياً.
واحْتَفَى البَقْلُ : اقْتَلَعَهُ من الأرضِ بأطْرافِ أَصابِعِه من قلَّتِه وقصَرِه ؛ ومِن ذلِكَ حدِيثُ المُضطَرّ الذي سأَلَ النبيَّ صَلَى الله عليه وسلّم : مَتى تَحِلُّ لنا المَيْتَةَ ؛ فقالَ : ما لم تَصْطَبِحُوا أَو تَغْتَبِقُوا أَو تَحْتَفُوا (١) بها بَقْلاً فشَأْنكُم بها.
قالَ أَبو عبيدٍ : لُغَةٌ في الهَمْزةِ. والمعْنَى : ما لم تَقْتَلِعُوا هذا بعَيْنِه فتأْكلُوه ، مَأْخُوذٌ منِ الحَفَا ، مَهْموزٌ مَقْصورٌ ، وهو أُصُولُ البَرْدي الأبْيض الرَّطبِ منه ، وهو يُؤْكَلُ.
قالَ ابنُ سِيدَه : وإنَّما قَضَيْنا على أَنَّ اللامَ في هذه الكَلِماتِ ياءٌ لا واواً لمَا قيلَ إنَّ اللامَ ياءٌ أَكْثَر منها واواً.
قالَ الأَزهرِيُّ : وقالَ أَبو سعيدٍ : صَوابُه في الحدِيثِ تَحْتَفُوا بتَخْفيفِ الفاءِ من غيرِ هَمُزٍ.
وكلُ شيءٍ اسْتُؤْصِل فقد احْتُفِيَ ؛ قالَ : واحْتِفاءُ البَقْلِ أَخْذه بأَطْرافِ الأَصابعِ من قصرِهِ وقلَّته قِال ومن قال تحتفؤا بالهمز من الحفإ البرديِّ فهو باطلٌ لأنَّ البرديَّ ليسَ من البقلِ والبقولُ ما تنبت (٢) مِن العشبِ على وَجْهِ الأرضِ ممَّا لا عِرْق له.
قالَ : ولا بَرْدِيَّ في بِلادِ العَرَبِ ، ويُرْوى : ما لم تَجْتَفِئُوا بالجيمِ ، قالَ : والاجْتِفاءُ أَيْضاً بالجيمِ باطِلٌ في هذا الحدِيثِ لأنَّ الاجْتِفاءَ كبُّكَ الآنِيَةَ إذا جَفَأْتَها ؛ ويُرْوَى : ما لم تَحْتَفُّوا ، بتَشْدِيدِ الفاءِ ، مِن احْتَفَفْتَ الشيءَ إذا أَخَذْتَه كُلّه كما تَحُفُّ المرأَةُ وَجْهَها من الشَّعَر ، ويُرْوى بالخاءِ المعْجمةِ.
وحَفِيَ به ، كرَضِيَ ، حَفاوَةً ، بالفتْحِ ويُكْسَرُ ، وحِفايَةً ، بالكسْرِ ، وتِحْفايَةً ، بالكسْرِ أَيْضاً ، فهو حافٍ وحَفِيٌّ ، كغَنِيِّ.
وتَحَفَّى به تَحفِّياً واحْتَفَى به : بالَغَ في إكْرامِه وأَظْهَرَ السُّرورَ والفَرَحَ. يقالُ : هو حَفِيُّ ، أَي بَرٌّ مُبالِغٌ في الكَرامَةِ. والتَّحَفِّي الكَلامُ واللِّقاءُ الحَسَنُ.
وقالَ الزَجَّاجُ في قوْلِه تعالى : (إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا) : (٣) أَي لَطِيفاً. يقالُ : حَفِيَ فلانٌ بفلانٍ حِفْوةً ، إذا بَرَّه وأَلْطَفَه.
وقالَ الفرَّاءُ : أَي عالِماً لَطِيفاً يجيبُ دَعْوتي إذا دَعَوْته.
وقالَ غيرُهُ : أَي مَعْنِيّاً بي.
وقالَ الليْثُ : الحَفِيُّ هو اللّطِيفُ بكَ يَبَرُّكَ ويُلْطِفُك ويَحْتَفي بك.
وقالَ الأصْمعيُّ : حَفِيَ به يَحْفَى حَفاوَةً. قامَ في حاجَتِه وأَحْسَنَ مَثْواهُ.
وأَيضاً : أَكْثَرَ السُّؤَالَ عن حاله فهو حافٍ وحَفِيٌّ ، كغَنِيِّ ؛ وبه فُسِّرَتِ الآيَةُ : (كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها) (٤) ، أَي كأنَّك أَكْثَرْتَ المسألة عنها.
وفي حدِيثِ علي : إنَّ الأَشْعَث سَلَّم عليه فَرَدَّ عليه بغَيْرِ تَحَفِّ ، أَي (٥) مبالغ في الردِّ والسُّؤالِ.
وحَفا اللهُ به حَفْواً : أَكْرَمَهُ ؛ وكَذلِكَ حَفاهُ اللهُ.
وحَفا زَيْدٌ فلاناً : أَعْطاهُ.
وقالَ ابنُ الأَعرابيِّ : حَفاهُ حَفْواً مَنَعَه. يقالُ : أَتانِي فَحَفَوْته أَي حَرَمْته ؛ وقيلَ : مَنَعَه من كلِّ خَيْرٍ ؛ نَقَلَه الجَوهرِيُّ عن الأصمعيِّ.
وفي الحدِيثِ : عَطَسَ رجُلٌ فَوْق ثلاثٍ فقالَ له النبيُّ صَلَى الله عليه وسلّم : «حَفَوْتَ» ، أَي مَنَعْتَنا أن نُشَمِّتَكَ بعدَ الثلاثِ ؛ ويُرْوى حَفَوْتَ بالقافِ وسَيَأْتي : فهو ضِدُّ.
__________________
(١) في اللسان : «تحتفيوا» وفي النهاية : «تحتفئوا» كالتهذيب.
(٢) في التهذيب : ما نبتَ.
(٣) سورة مريم ، الآية ٤٧.
(٤) سورة الأعراف ، الآية ١٨٧.
(٥) في اللسان : «غير مبالغٍ» وقد تكررت لفظة «في» بالأصل.