يقولُ : إنَّها إبِلٌ كثيرَةٌ يُبْطِئونَ بسَقْيها فيُبْطِئُ رَيُّها لكَثْرتِها فتَبْقَى عامَّة نهارِها تَشْرِب ، وإذا كانتْ ما بينَ الثَّلاث إلى العَشْر صبّ على رُؤُوسِها.
والجابِيَةُ : حوْضٌ ضَخْمٌ يُجْبَى فيه الماءُ للإِبِلِ.
وقالَ الرَّاغبُ : هو الحَوْضُ الجامِعُ للماءِ.
وأَنْشَدَ الجَوْهرِيُّ للأَعْشى :
تَرُوحُ على آلِ المُحَلَّق جَفْنَةٌ |
|
كجابِيَةِ الشَّيْخِ العِراقِيِّ تَفْهَقِ (١) |
خَصَّ العِراقِيّ لجهْلِه بالمِياهِ لأَنَّه حَضَرِيٌّ ، فإذا وَجَدَها مَلأَ جابِيَتَه وأَعدَّها ولم يَدْرِ مَتَى يَجِدَ المِياهِ ، وأَمَّا البَدوِيّ فهو عالِمٌ بالمِياهِ فلا يُبالِي أن لا يُعِدَّها ؛ ويُرْوَى كجابِيَةِ السَّيْحَ ، وهو الماءُ الجارِي ، والجَمْعُ الجَوابي ؛ ومنه قَوْلَه تعالى : وجِفانٍ كالجَوابِي (٢).
والجابِيَةُ : الجماعَةُ مِن القَوْمِ ؛ قالَ حميدُ بنُ ثورٍ :
أَنْتُم بجابِيَة المُلُوك وأَهْلُنا |
|
بالجَوِّ جِيرَتُنا صُدَاء وحِمْيَرُ (٣) |
والجابِيَةُ : ة بدِمَشْقَ.
وقالَ نَصْر والجَوْهرِيُّ : مَدينَةٌ بالشام ؛ وبابُ الجابِيَة : من إحْدَى أَبْوابِها المَشْهورَةِ.
والجابِي : الجَرادُ الذي يَجْبِي كُلِّ شيءٍ يَأْكُلُه.
قالَ ابنُ الأعْرابيِّ : العَرَبُ تقولُ إذا جاءَتِ السَّنَة جاءَ معها الجابِي والجانِي ، فالجابِي الجَرادُ ، والجابِي الذِّئْبُ ، لم يَهْمزْهما ؛ وقالَ عبدُ مَنَاف الهُذليُّ :
صابُوا بستَّةِ أَبْياتٍ وأَرْبعة |
|
حتى كأَنَّ عليهم جابِياً لُبَدَا (٤) |
ورُوِي بالهَمْز وقد تقدَّمَ.
والجَبَايَا : الرَّكايَا التي تُحْفَرُ وتُنْصَبُ فيها قُضْبانُ الكَرْمِ ؛ حَكَاها أَبو حنيفَةَ.
واجْتَباهُ لنَفْسِه : اخْتَارَهُ واصْطَفاهُ.
قالَ الزَّجاجَ مَأْخُوذٌ مِن جَبَيْت الشيءَ إذا خَلَّصْته لنَفْسِك.
وقالَ الرَّاغبُ : الاجْتِباءُ الجَمْع على طَرِيقِ الاصْطِفاءِ ، واجْتِباءُ اللهِ العِبادَ تَخْصِيصُه إيَّاهُم بفَيْضٍ يَتَحَصَّل لهُم منه أَنْواعٌ مِن
النَّعَم بلا سَعْيِ العَبْد ، وذلكَ للأَنْبياءِ وبعضِ مَن يُقارِبهم مِنَ الصِّدِّيقِين والشُّهداء.
وجَبَّى الرَّجُل تَجْبيَةً : وَضَعَ يَدَيْهِ على رُكْبَتَيْهِ في الصَّلاةِ ، أَو على الأرضِ ، أَو انْكَبَّ على وَجْهه قال :
يَكْرَعُ منها فيَعُبُّ عَبّا |
|
مُجَبِّياً في مائِها مُنْكبّا (٥) |
وفي حدِيثِ جابرٍ : «كانتِ اليَهودُ تقولُ إذا نَكَحَ الرَّجُلُ امْرأَتَه مُجَبِّيَةً جاءَ الولَدُ أَحْوَل ، أَي مُنْكَبَّةً على وَجْهِها تَشْبيهاً بهَيْئةِ السُّجُودِ.
وفي حديثِ وائِلِ بنِ حُجْر : «لا جَلَبَ ولا جَنَبَ ولا شِغارَ ولا وِرَاطَ ومَنْ أَجْبَى فقد أَرْبَى».
قالَ ابنُ الأثيرِ : الأَصْلُ فيه الهَمْز ، ولكنَّهُ رُوِي غيرُ مَهْموزٍ ، فإمَّا أنْ يكونَ تَحْريفاً مِن الرَّاوِي أَو تُرِك الهَمْز للازْدِواجِ بأَرْبَى.
وقد اخْتُلِفَ فيه فقيلَ : الإجْباءُ أن يُغَيِّبَ الرَّجلُ إِبلَهُ عن المُصَدِّقِ مِن أَجْبَأْتُه إذا وَارَيْته ؛ نَقَلَه أَبو عبيدٍ ، وهو قَوْلُ ابنِ الأعْرابي.
وقيل : هو بَيْعُ الحرثِ والزَّرْعِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلاحِهِ ؛ نَقَلَهُ الجَوْهرِيُّ وهو قَوْلُ أَبي عبيدٍ أيْضاً.
ورُوِي عن ثَعْلب أنَّه سُئِل عن مَعْنى هذا الحدِيث ففَسَّرَه بمثْلِ قَوْلِ أَبي عبيدٍ ، فقيلَ له : قالَ بعضُهم أَخْطَأَ
__________________
(١) ديوانه ط بيروت ص ١٢١ برواية :
نفى الذم عن آل المحلق جفنةً
والمثبت كرواية اللسان والمقاييس ١ / ٥٠٣ وعجزه في الصحاح.
(٢) سورة سبأ ، الآية ١٣ وفيها «كَالْجَوابِ».
(٣) اللسان.
(٤) ديوان الهذليين ٢ / ٤٠ واللسان والتهذيب.
(٥) اللسان وفيه : يكرع فيها.