ويَدْخُل في هذا النَّهْي ما أَحْدَثه المُولّدُون مِن أَنْواعِ الشِّعْر كالمواليا وكان الموشَّح والمُسَمَّط ، فيُنْشدُونَها في المجالِسِ ويَتَمَشْدَقون بها كأَنَّ في ذلِكَ هجراً عن مُذاكَرَةِ القُرآنِ ومُدارَسَةِ العِلْم وتَطاولاً فيمَا لا يَنْبغي ولا يُفيدُ ، فتأَمَّل ذلِكَ ، ونَسْأَلُ اللهَ العَفْو من الآفاتِ.
والثُّنْيانُ ، بالضَّمِّ : الذي بعدَ السَّيلِ (١) ؛ كذا في النُّسخِ والصَّوابُ : بعدَ السَّيِّدِ ؛ قالَ أَوْسُ بنُ مَغْراء :
ثُنْيانُنا إِن أَتاهُم كان بَدْأَهُمُ |
|
وبَدْؤُهُمْ إن أَتَانا كانَ ثُنْيانا (٢) |
هكذا رَواهُ اليَزِيديُّ. كالثِّنْيِ ، بالكسْرِ ، وكهُدىَ وإلَى ، بالضَّمِّ والكسْرِ مَقْصورتانِ.
قالَ أَبو عبيدٍ : يقالُ للذي يَجيءُ ثانِياً في السُّوددَ ولا يَجِيءُ أَولاً ثُنىً ، مَقْصورٌ ، وثُنْيانٌ وثِنْيٌ ، كلُّ ذلِكَ يقالُ ؛ ويُرْوَى قَوْل أَوْس.
تَرَى ثِنانا إذا ما جَاءَ بَدْأَهُمُ
يَقولُ : الثاني مِنَّا في الرِّياسَة يكونُ في غيرِنا سابقاً في السُّوددِ ، والكَامِل في السُّوددِ مِن غيرِنا ثِنىً في السُّوددِ عندنا لفَضْلِنا على غيرِنا ، ج ثُنْيان ثِنْيَة ، بالكسْر. يقالُ : فلانٌ ثِنْيَة أَهْل بَيْتِه أَي أَرْذَلهم ؛ وقالَ الأَعْشى :
طَوِيلُ اليدَيْنِ رَهْطُه غيرُ ثِنْيةٍ |
|
أَشَمُّ كَرِيمٌ جارُهُ لا يُرَهَّقُ (٣) |
والثُّنْيانُ : مَنْ لا رَأْيَ له ولا عَقْلَ.
والثُّنْيانُ : الفاسِدُ مِن الرَّأْيِ وهو مجازٌ.
ومَضَى ثِنْيٌ من اللَّيْلِ ، بالكسْر ، أَي ساعَةٌ منه ؛ حُكِي عن ثَعْلَب. أَو وَقْتٌ منه.
والثَّنِيَّةُ ، كغَنِيَّة : العَقَبَةُ ، جَمْعُه الثِّنايا ؛ قالَهُ أَبو عَمْرو.
أَو طَريقُها العالِي ؛ ومنه الحدِيثُ : «مَنْ يَصْعَدُ ثَنِيَّة المُرارِ حُطَّ عنه ما حُطَّ عن بَني إسْرائيلَ» ، وقيلَ : أَرادَ به أَعْلَى المَسِيلِ في رأْسِه ، والمُرارُ : مَوْضِعٌ بينَ الحَرَمَيْن ، وثَنِيَّتُه عَقَبَةٌ شاقَّةٌ.
أَو هي الجَبَلُ نَفْسُه ، أَو الطَّريقَةُ فيه ، كالنّقْبِ ، أَو إليه.
وقالَ الأزْهرِيُّ : العِقابُ جِبالٌ طِوالٌ تعرض الطَّريق ، والطَّريقُ يأْخُذُ فيها ، وكلُّ عَقَبةٍ مَسْلوكَةٍ ثَنِيَّةٌ ، وجَمْعُها ثَنايَا ، وهي المَدارجُ أَيْضاً.
وقالَ الرَّاغِبُ : الثَّنِيَّةُ مِن الجَبَلِ ما يُحْتاجُ في قطْعِه وسُلوكِه إلى صُعُودٍ وحُدُورٍ (٤) فكأَنَّه يثني السَّيْر.
والثَّنِيَّةُ : الشُّهَداءُ الذين اسْتَثْناهُمُ اللهُ عن الصَّعْقَةِ ، رُوِي عن كَعْب أَنه قالَ : الشُّهَداءُ ثَنِيَّةُ اللهِ في الأرْضِ ، يعْنِي مَنِ اسْتَثْناهُ في الصَّعْقَةِ الأُولى ، تَأَوَّل قَوْلَ اللهِ تعالى : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلّا مَنْ شاءَ اللهُ) (٥) ؛ فالذين اسْتَثْنَاهُمُ اللهُ عنْدَ كَعْب هُمُ الشُّهداءُ لأنَّهم عنْدَ رَبِّهم أَحْياءٌ (يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) ، فكأنَّهم مُسْتَثْنَونَ من الصعقتين وهذا معنى كلام كعب وهذا الحديث يرويه إبراهيم أيضاً والثَّنيَّةُ : بمعنى الاستثناء يقالُ حَلَفَ يميناً ليسَ فيها ثَنِيَّة ، أَي اسْتِثْناء.
والثَّنِيَّةُ مِنَ الأَضْراسِ تَشْبيهاً بالثَّنِيَّةِ مِن الجَبَلِ في الهَيْئةِ والصَّلابَةِ ، وهي الأَرْبَعُ التي في مُقَدَّمِ الفَمِ ثِنْتانِ من فَوْقُ وثِنْتانِ مِن أَسْفَلَ للإنْسانِ والخُفِّ والسَّبُعِ ؛ كذا في المُحْكَم.
وقالَ غيرُهُ : الثَّنِيَّةُ أَوَّل ما في الفَمِ.
والثَّنِيَّةُ : النَّاقَةُ الطَّاعِنَةُ في السَّادِسَةِ.
__________________
(١) في القاموس : «السَّيِّدِ» قال أبو عبيد : يقال للذي يجيء ثانياً في السؤدد ، ولا يجيء أَولاً ، ا ه. وعبارة الأشموني في جمع التكسير : والثني : الثاني في السيادة. قال الصبان : كالوزير بالنسبة للسلطان. ا ه.
(٢) اللسان والصحاح والتهذيب والمقاييس ١ / ٢٩١ برواية :
ترى ثنانا إذا ما جاء بدأهم
(٣) ديوانه ط بيروت ص ١٢١ واللسان.
(٤) في المفردات : وصدودٍ.
(٥) سورة الزمر ، الآية ٦٨.