والنَّملِ ، والقَصَصِ ، والعَنْكَبُوتِ ، والنُّورِ ، والأَنْفالِ ، ومَرْيَمَ ، والرُّومِ ، ويس ، والفُرْقانِ ، والحجْرِ ، والرَّعْدِ ، وسَبَأَ ، والملائِكَةِ ، وإبراهيمَ ، وص ، ومحمدٍ صَلَى الله عليه وسلّم ، ولُقْمانَ ، والغُرَفِ ، والزُّخْرُفِ ، والمُؤْمِنِ ، والسَّجْدَةِ ، والأَحْقافِ ، والجاثِيَةِ ، والدُّخانِ ، والأَحْزابِ.
قالَ الرَّاغبُ : سُمِّيت مَثانِي لأنَّها تُثْنَى على مُرورِ الأَوْقاتِ وتُكَرّرُ فلا تُدرسُ ولا تَنْقَطِعُ دُرُوسَ سائِرِ الأَشْياءِ التي تَضْمَحِلُّ وتَبْطل على مُرورِ الأيامِ.
وقد سَقَطَ مِن نسخَةِ التَّهْذِيبِ ذِكْرُ الأَحْزابِ وهو مِن النسَّاخ ، ولذا تَردَّدَ صاحِبُ اللّسانِ لمَّا نَقَلَ هذه العِبارَة فقالَ (١) : يُحْتَمل أَنْ تكونَ السَّادِسَة والعِشْرين هي الفاتِحَةِ وإنَّما أَسْقَطها (٢) لكَوْنِهِ اسْتَغْنَى عن ذكْرِها بمَا قدَّمَه ، وإمَّا أَنْ تكونَ غَيْر ذلِكَ.
* قُلْتُ : والصَّوابُ أَنَّها الأَحْزابُ كما ذَكَرَه المصنِّفُ ؛ والغُرَف المَذْكُورَة الظاهِرُ أَنَّها الزّمر ، ومنهم مَنْ جَعَل عِوَضها الشَّوْرى. وقد مرَّ للمصنِّفِ كَلامٌ في السَّبْع الطّولِ في حَرْف اللامِ فرَاجِعْه.
والمَثانِي. من أَوْتارِ العُودِ : الذي بعدَ الأولِ ، واحِدُها مَثْنى ؛ ومنه قوْلُهم : رَناتُ المثالِثِ والمَثانِي.
والمَثانِي من الوادِي : مَعاطِفُهُ ومَجانِيهِ ، واحِدُها ثنيٌ ، بالكسْرُ ، وقد تقدَّمَ.
والمَثانِي من الدَّابَّةِ : رُكْبَتاها ومِرْفَقاها ؛ قالَ امْرؤُ القَيْسِ :
وتخْدِي على حُمرٍ صِلابٍ مَلاطِسٍ |
|
شَديداتِ عَقْدٍ لَيِّناتِ مَثانِي (٣) |
وفي الحدِيثِ : «لا ثِنَى في الصَّدَقةِ» ، كإلَى ، أَي بالكسْرِ مَقْصوراً ، أَي لا تُؤْخَذُ مَرَّتَيْنِ في عامٍ ؛ كما فَسَّرَه الجَوْهرِيُّ. قالَ ابنُ الأَثيرِ : وقَوْله في الصَّدَقةِ أَي في أَخْذِ الصَّدَقَةِ ، فحذفَ المُضافَ ، قالَ : ويَجوزُ أَنْ تكونَ الصَّدَقَةُ بمعْنَى التَّصْدِيقِ ، وهو أَخْذ الصَّدَقَة كالزَّكاةِ والذَّكَاةُ بمعْنَى التَّزْكِيَة والتَّذْكِيَة ، فلا يحتاجُ إلى حذْفِ مُضافٍ.
وأَصْلُ الثِّنَى : الأَمْرُ يُعادُ مَرَّتَيْن ؛ كما قالَهُ الجَوْهرِيُّ والرَّاغبُ. وأَنْشَدَا للشاعِرِ ، وهو كَعْبُ بنُ زهيرٍ ، وكانتِ امْرأَتُه لامَتْه في بكرٍ نَحَرَه :
أفي جَنْبِ بَكْرٍ قَطَّعَتْني مَلامَةً |
|
لَعَمْرِي لَقَدْ كانَتْ مَلامَتُها ثِنَى (٤) |
أَي ليسَ بأوَّلِ لَوْمِها فقد فَعَلَتْه قبْلَ هذا ، وهذا ثِنىً بعْدَه.
قالَ ابنُ بَرِّي : ومِثْله قَوْل عِديِّ بنِ زيْدٍ :
أَعاذِلُ إنَّ اللَّوْمَ في غَيرِ كُنْهِه |
|
عليَّ ثِنىً من غَيِّكِ المُتَرَدِّد (٥) |
أَو معْنَى الحدِيثِ : لا تُؤخَذُ ناقَتانِ مَكانَ واحِدَةٍ ؛ نَقَلَهُ ابنُ الأثيرِ.
أَو المعْنَى : لا رُجوعَ فيها ؛ قالَ أَبو سعيدٍ : لَسْنا نُنْكِر أنَّ الثِّنَى إعادَةُ الشَّيءِ بعد مَرَّةٍ ، ولكنَّه ليسَ وجهَ الكَلامِ ولا مَعْنى الحدِيثِ ، ومَعْناهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ الرَّجُلُ على الآخِرِ بِصَدَقَةٍ ثمِ يَبْدو له فيُريدُ أَنْ يَسْتردَّهُ ، فيُقالُ لا ثِنَى في الصَّدَقَةِ أَي لا رُجوعَ فيها ، فيقولُ المُتَصَدِّقُ به (٦) عليه ليسَ لكَ عليَّ عُصْرَةُ الوالِدِ ، أَي ليسَ لك رُجوع كرُجوعِ الوالِدِ فيمَا يُعْطِي ولدَهُ.
وإذا وَلَدَتْ ناقةٌ مَرَّةً ثانِيَةً فهي ثِنيٌ ، بالكسْرِ ، ووَلَدُها ذلك ثِنْيُها.
__________________
(١) كذا ، ويفهم من عبارة الشارح أن القائل هو صاحب اللسان وهو خطأ ، فالقائل على ما في التهذيب هو الأزهري.
(٢) في التهذيب : «أسقطها النساخ» من النسخ التي نقل عنها الأزهري.
(٣) ديوانه ط بيروت ص ١٧١ برواية : «ويخدى على صم .... ليناتٍ متانِ» والمثبت كرواية اللسان والتهذيب.
(٤) اللسان منسوباً لكعب بن زهير ، وفي الصحاح والتهذيب بدون نسبة ، والمقاييس ١ / ٣٩١ منسوباً لمعن.
والبيت لأوس بن حجر ، ديوانه ط بيروت ص ١٤١ برواية : قطعتني خزاية .... ملامتها ثِنا» فيما نسب إليه.
(٥) اللسان.
(٦) في اللسان : «أن يستردها ... المتصدق بها».