تَسْتَأْصِلُونا ؛ ومنه قَوْلُ الأعْشى :
قالوا البَقِيَّة والخَطْيُّ تَأْخُذُهم (١)
وهو أَبْقَى الرَّجُلَيْن ، فينا : أَي أَكْثَر إبْقاء على قَوْمِه.
وبَقِيَ من الشيءِ بَقِيَّةٌ.
وأَبْقَيْتُ على فلانٍ إذا رَعَيْتَ (٢) عليه ورَحِمْتَه.
يقالُ : لا أَبْقَى اللهُ عليك إنْ أَبْقَيْتَ عليَّ ؛ ومنه حدِيثُ الدُّعاءِ : «لا تُبْقِي على مَنْ تضرعُ (٣) إليها» أَي لا تُشفقُ أَي النَّار.
والباقِي : حاصِلُ الخرَاجِ ونحوِهِ ؛ عن اللَّيْثِ.
والمُبْقِياتُ : الأَماكِنُ التي تُبْقِي فيها مِن مَناقِعِ الماءِ ولا تَشْربه ؛ قالَ ذو الرُّمَّة :
فلما رَأَى الرَّائي الثُّرَيَّا بسُدْفةٍ |
|
ونَشَّتْ نِطافُ المُبْقِياتِ الوَقائِع |
واسْتَبْقَى الرجلَ وأَبْقَى عليه : وجبَ عليه قَتْل فعَفَا عنه.
واسْتَبْقَيْتُ في مَعْنَى العَفْو عن زَللِه واسْتِبْقاء مودَّته ؛ قالَ النابِغَةُ :
ولَسْتُ بمُسْتَبْقٍ أَخاً لا تَلُمُّه |
|
على شَعَثٍ أَيُّ الرِّجالِ المُهَذَّبُ؟ (٤) |
والبَقِيَّة : المُراقَبَةُ والطاعَةُ ، والجَمْعُ البَقايا.
[بكي] : ي بَكَى الرَّجُلُ يَبْكِي بُكاءً وبُكىً ، بضَمِّهما ، يُمَدُّ ويُقْصَرُ ؛ قالَهُ الفرَّاءُ وغيرُهُ. وظاهِرُه أنَّه لا فَرْقَ بَيْنهما وهو الذي رَجَّحَه شُرَّاحُ الفَصِيحِ والشَّواهِدِ.
وقالَ الرَّاغبُ : بُكًى يُقالُ في الحُزْنِ وإسالَةِ الدَّمْع مَعاً ، ويُقالُ في كلِّ واحِدٍ منهما مُنْفرداً عن الآخرِ ؛ فقَوْلُه تعالى : (فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيراً) (٥) إشارَة إلى الفَرَحِ والتَّرَحِ وإنْ لم يكنْ مَعَ الضحكِ قَهْقَهَه ولا مَعَ البُكاءِ إسالَة دَمْعٍ ؛ وكَذلِكَ قَوْله : (فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ) (٦) ؛ وقد قيل : إنَّ ذلِكَ على الحَقيقَةِ وذلك قَوْل مَنْ يَجْعَل له حياةً وعِلْماً ، وقيلَ على المجازِ وتَقْديرُه : فما بَكَتْ عليهم أَهْلُ السّماءِ.
وذَهَبَ ابنُ القَطَّاع وغيرُهُ بأنَّه إذا مَدَدْتَ أَرَدْتَ الصَّوْتَ الذي يكونُ مَعَ البُكاءِ ، وإذا قَصَرْتَ أَرَدْتَ الدُّموعَ وخُروجَها ؛ كما قالَهُ المبرِّدُ ومِثْله في الصِّحاحِ.
وقالَ الرَّاغبُ : البُكاءُ ، بالمدِّ : سَيَلانُ الدُّموعِ عن حُزْنٍ وعَويلٍ ، يقالُ إذا كانَ الصَّوْت أَغْلَب كالرّغاءِ والثُّغاءِ وسَائرِ هذه الأبْنِيَة المَوْضُوعَة للصَّوّتِ ؛ وبالقَصْرِ يُقالُ إذا كانَ الحُزْن أَغْلَب ، انتَهَى.
وقالَ الخَلِيلُ : مَنْ قَصره ذَهَبَ به إلى مَعْنى الحُزْنِ ، ومَنْ ذَهَبَ به إلى مَعْنى الصَّوْتِ. وشاهِدُ المَمْدودِ الحَدِيثُ : «فإنْ لم تَجِدُوا بُكاءَ فَتَبَاكَوْا» ، وقَوْلُ الخَنْساءِ تَرْثي أَخَاها :
إذا قَبُحَ البُكاء على قَتِيل |
|
رأَيْتُ بُكاءَكَ الحَسَنَ الجَمِيلا (٧) |
وشاهِدُ المَقْصورِ أَنْشَدَه الجَوْهرِيُّ لابنِ رَواحَةَ :
بَكَتْ عَيْنِي وحقَّ لها بُكَاها |
|
وما يُغْني البُكاءُ ولا العَويلُ (٨) |
وقالَ ابنُ بَرِّي : الصَّحيحُ أنَّه لكَعْبِ بنِ مالِكٍ.
فهو باكٍ ، ج بُكاةٌ ، وهو مقيسٌ ومَسْموعٌ كقاضٍ وقُضاةٍ وفي العِنايَةِ : هو شائِعٌ في كُتُبِ اللُّغَةِ والقياسُ يَقْتَضيه لكنَّه قالَ في مَرْيَم عن السَّمين : إنَّه لم يُسْمَع.
__________________
(١) البيت في ديوانه ط بيروت ص ١١٢ وتمامه :
قالوا البقية والهندي يحصدهم |
|
ولا بقية إلا النار ، فانكشفوا |
وصدره في اللسان والتهذيب.
(٢) في اللسان : إذا أرعيت.
(٣) في اللسان يَضرعُ.
(٤) ديوانه ط بيروت ص ١٨ واللسان والتهذيب والأساس ، والمقاييس ١ / ٢٧٧ وفيها «فلست».
(٥) سورة التوبة ، الآية ٨٢.
(٦) سورة الدخان ، الآية ٢٩.
(٧) ديوانه ط بيروت ص ١١٩ واللسان.
(٨) اختلفوا في نسبته ، قيل لحسان بن ثابت وقيل لعبد الله بن رواحة وقيل لكعب بن مالك ، وهذا ما ذهب إليه ابن بري. والبيت في اللسان والصحاح والتهذيب والمقاييس ١ / ٢٨٥.