بواحِدِ العباءِ والعَظاءِ على تَذْكِيرِه قالوا عَبَاءَة وعَظَاءَة ، فهَمَزُوا لمَّا بَنَوْا المُؤَنَّثَ على مُذَكَّرِه؟ وقد جارَ نحوَ البُراءِ والبُرايةِ غَيْرُ شيءٍ ، قالوا الشقاءِ والشَّقَاوَةُ ولم يقُولوا الشَّقاوَةُ ولم يقُولوا الشَّقاءَةُ ، وكَذلِكَ الرَّجاءُ والرَّجَاوَةُ.
وناقَةٌ ذاتُ بُرايَةٍ ، بالضَّمِّ أَيْضاً ، أَي ذاتُ شَحْمٍ ولَحْمٍ ، أَوْ ذاتُ بقاءٍ على السَّيْرِ ؛ وقيلَ : هي قوِيَّةٌ عنْدَ بَرْي السَّيْر إيَّاه.
ويقالُ : بعيرٌ ذو بُرَايَةٍ ، أَي باقٍ على السَّيْرِ فقط ؛ قالَ الأَعْلَم الهُذَليُّ يَصِفُ ظَلِيماً :
على حَثِّ البُرَايةِ زَمْخَرِيِّ السْ |
|
وَاعدِ ظَلّ في شَرْي طِوالِ (١) |
قالَ اللّحْيانيُّ : وقالَ بعضُهم بُرَايَتُهما بقيَّةُ بَدَنِهما وقُوَّتهما.
وبَراهُ السَّفَرُ يَبْرِيهِ بَرْياً : هَزَلَهُ ؛ عن اللّحْيانيّ.
وفي الصِّحاحِ : بَرَيْتُ البَعيرَ أَيْضاً إذا حَسَرْتَهُ وأَذْهَبْتَ لَحْمَهُ.
* قُلْتُ : ومنه قَوْلُ الأعْشى :
بأَدْماءَ حُرْجُوجٍ بَرَيْتُ سَنَامَها |
|
بسَيْرِي عليها بَعْدَ ما كانَ تَامِكَا (٢) |
وفي حدِيثِ حليمة السَّعْدِيَّة : «أَنَّها خَرَجَتْ في سَنَةٍ حَمْرَا قد بَرَتِ المالَ» ، أَي هَزَلَتِ الإِبِلَ وأَخَذَتْ من لحمِها ؛ والمالُ أَكْثَر ما يطلقُونَه على الإِبِلِ.
والبَرَى ، كفَتَى : التُّرابُ. يقالُ في الدُّعاءِ على الإِنسانِ : بفِيهِ البَرَى ؛ ومنه قَوْلُهم : بفِيهِ البَرَى وحُمَّى خَيْبرا وشَرُّ ما يُرى فإِنَّه خَيْسَرى.
ومنه حدِيثُ عليِّ زَيْنِ العابِدِينَ : «اللهُمَّ صَلِّ على محمَّدٍ عدد الثَّرَى والوَرَى والبَرَى». وأَنْشَدَ الجَوْهرِيُّ لمُدْرِكِ بنِ حِصْنٍ الأَسدِيّ :
بفِيك من سارٍ إِلى القومِ البَرَى (٣)
والبارِيُّ والبَارِياءُ : الحَصِيرُ المَنْسوجُ ؛ وقد ذُكِرَ في «ب ور».
وبَرَى : ع ؛ قالَ تأَبَّطَ شرّاً :
ولمَّا سَمِعْتُ العُوصَ تدعُو تَنَفَّرَتْ |
|
عَصافِيرُ رأْسِي من بَرىّ فَعوانيا (٤) |
وانْبَرَى له : أَي اعْتَرَضَ له ؛ نَقَلَهُ الجَوْهرِيُّ.
وقالَ ابنُ السِّكِّيت : تَبَرَّيْتُ لمَعْرُوفِهِ تَبَرِّياً ، أَي تَعَرَّضْتُ له.
* قُلْتُ : وكَذلِكَ تَبَرَّيْته وأَنْشَدَ الفرَّاءُ لخَوَّاتِ بن جُبَيْر ؛ ونَسَبَه ابنُ بَرِّي لأَبي الطَّمَحان القَيْني :
وأَهْلَةِ وُدَّ قد تَبَرَّيْتُ وُدَّهُمْ |
|
وأَبْلَيْتُهم في الحَمْدِ جُهْدِي ونائِلي (٥) |
وباراهُ مُبارَاةٌ : عارَضَهُ ، وذلِكَ إذ فَعَلَ مثْلَ ما يَفْعَل.
يقالُ : فلانٌ يُبارِي الرِّيحَ سَخاءً.
وبارَى امْرأَتَهُ صالَحَها على الفِراقِ ، وقد تقدَّمَ له ذلِكَ في الهَمْزِ بعَيْنِه.
وتَبَارَيَا : تَعارَضَا وفَعَلَ مِثْل ما يَفْعَل صاحِبُه وفي الحدِيثِ : «نَهَى عن طعام المُتَبارِيَيْنِ أَن يُؤْكَلَ» ، هُما المُتعارِضَانِ بفِعْلِهما ليُعَجِّزَ أَحدُهما الآخرَ بصَنِيعهِ ، وإنَّما كَرهَه لما فيه مِن المُباهَاةِ والرّياءِ.
والبَرِيَّةُ : الخَلْقُ ، وأَصْلُه الهَمْز ، والجَمْعُ البَرايَا والبَرِيَّاتُ.
قالَ الفرَّاءُ : فإن أُخِذَت البَرِيَّة مِن البَرَى وهو التُّرابُ ، فأَصْلهُ غَيْر الهَمْزِ ؛ تقولُ منه بَراهُ اللهُ يَبْرُوه بَرْواً أَي خَلَقَه ؛ كما في الصِّحاحِ هذا إذا لم يُهْمز. ومَنْ ذَهَبَ
__________________
(١) شرح أشعار الهذليين ١ / ٣٢٠ واللسان والمقاييس ١ / ٢٣٣ والتهذيب والصحاح.
(٢) ديوانه ط بيروت ص ١٣١ واللسان.
(٣) الصحاح واللسان وقبله فيه :
ماذا ابتغت حبّى إلى حل العرى |
|
حسبتني قد جئت من وادي القرى |
(٤) اللسان وفيه : «ترغو تنفرت فعوائنا»
(٥) اللسان والتهذيب ولم ينسبه. والمقاييس ١ / ٢٣٥ وفيها «في الود» بدل «في الحمد».