وبَدْأً وبَدَاءً ؛ وفي الصِّحاحِ : بَداءٌ مَمْدود ؛ أي نَشَأَ له فيه رَأْيٌ.
قالَ ابنُ بَرِّي : بَداءٌ ، بالرَّفْعِ ، لأنَّه الفاعِلُ وتَفْسِيره بنَشَأَ له فيه رَأْيٌ يدلّك على ذلِكَ ؛ ومنه قَوْلُ الشاعِرِ ، وهو الشَّماخُ ، أَنْشَدَه ابنُ سِيدَه :
لَعَلَّك والمَوْعُودُ حقٌّ وفاؤُه |
|
بَدا لكَ في تلْكَ القَلُوص بَداءُ (١) |
وقالَ سِيْبَوَيْه في قَوْلِه ، عزوجل : (ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ) (٢) ؛ أَرادَ بَدَا لهُم بَداءٌ ، وقالوا ليَسْجُنَنَّه ، ذَهَبَ إلى أنَّ مَوْضِعَ ليَسْجُنُنَّه لا يكونُ فاعِلَ بَدَا لأنَّه جُمْلةٌ والفاعِلُ لا يكونُ جُمْلة.
وقالَ الأزْهرِيُّ : يقالُ بَدَا لي بَدَا (٣) أَي تَغَيَّر رَأْيي عمَّا كانَ عليه.
وقالَ الفرَّاءُ : بَدَا لي بَداءٌ ظَهَرَ لي رَأْيٌ آخَرُ ، وأَنْشَدَ :
لَو على العَهْدِ لم يَخُنه لَدُمْنا |
|
ثم لم يَبْدُ لي سواه بَدَاءُ (٤) |
وهو ذُو بَدَواتِ ، كما في الصِّحاحِ.
قالَ ابنُ دُرَيْدٍ : وكانتِ العَرَبُ تَمدَح بهذه اللفْظَةِ فيقولونَ للرَّجُلِ الحازِمِ : ذُو بَدَواتٍ ، أَي ذُو آراءٍ تَظْهرُ له فيختارُ بعضاً ويُسْقطُ بعضاً ؛ أَنْشَدَ الفرَّاءُ :
من أَمْرِ ذِي بَدَواتٍ مَا يَزالُ له |
|
بَزْلاءُ يَعْيا بها الجَثَّامَةُ اللُّبَدُ (٥) |
قالَ ابنُ دُرَيْدٍ : قَوْلُهم أَبو البَدَواتِ ، مَعْناه أَبو الآراءِ التي تَظْهَرُ له ، واحِدُها بَدَاةٌ ، كقَطاةٍ وقَطَواتٍ.
وفَعَلَه بادِيَ بَدِيِّ ، كغَنِيِّ ، غَيْر مَهْمُوز ، وبادِيَ بَدِّ ؛ وحَكَى سِيْبَوَيْه : بادِيَ بَداً ، وقالَ : لا ينوَّنُ ولا يَمْنَعُ القياسُ تَنْوينَه. وقالَ الفرَّاءُ : يقالُ : افْعَلْ ذلِكَ بادِيَ بَدِيِّ ، كقَوْلِكَ أَوَّل شيءٍ ، وكَذلِكَ بَدْأَةَ ذِي بَدِيِّ ، قالَ : ومِنْ كَلامِ العَرَبِ بادِيَ بَدِيٍّ بهذا المَعْنى إلَّا أَنَّه لم يهمزْ ، وأَنْشَدَ :
أَضْحَى لِخالي شَبَهِي بادِي بَدِي |
|
وصارَ للفَحْلِ لِساني ويَدِي (٦) |
أَرادَ به : ظاهِري في الشَّبَه لِخالي.
وقالَ الزَّجاجُ : معْنَى البَيْتِ خَرَجْتُ عن شرْخِ الشَّبابِ إلى حدِّ الكُهُولةِ التي مَعَها الرَّأْيُ والحِجَا ، فصرْتُ كالفُحُولةِ التي بها يَقَعُ الاخْتِيارُ ولها بالفضْلِ تُكْثَر الأوْصافُ.
وقالَ الجَوْهرِيُّ : افْعَلْ ذلِكَ بادِيَ بَدٍ وبادِيَ بَدِيٍّ ، أَي أَوَّلاً ، وأَصْلُها الهَمْزُ (٧) ، وإنَّما ترك لكثْرَةِ الاسْتِعْمالِ ؛ وقد ذُكِرَتْ بِلُغاتِها هناك.
ويَحْيَى بنُ أَيُّوبَ بنُ (٨) بادِي التَّجِيبيُّ العَلَّافُ عن سعيدِ بنِ أَبي مَرْيَم ؛ وأَحمدُ بنُ عليِّ بنِ البادِي عن دعلج ، وعنه الخَطِيبُ ، وقد سُئِل منه عن هذا النَّسَبِ فقالَ : وُلدْتُ أَنا وأَخي تَوأَماً وخَرَجْتُ أَوَّلاً فسُمِّيت البادِي ؛ هكذا ذَكَرَه الأميرُ قالَ : ووَجَدْتُ خطَّه وقد نَسَبَ نَفْسَه فقالَ : البادِي بالياءِ ، وهذا يدلُّ على صحَّةِ الحِكَايَةِ وثبتني فيه الأَنْصارِي ، فعلى هذا لا يُقالُ فيه ابنُ البادِي ، فالأَوْلى حَذْف لَفْظِ الابن.
ولا تَقُل البادَا ، نبَّه عليه الذهبيُّ. وقالَ الأميرُ : العامَّةُ تَقَولُ فيه : ابنُ البادِ ؛ مُحدِّثانِ.
* وفاتَهُ :
أَبو البَرَكاتِ طلحةُ بنُ أَحْمدَ بنِ بَادِي العاقُولي تَفَقَّه على الفرَّاء ، ذَكَرَه ابنُ نُقْطَةَ ، اسْتَدْركَه الحافِظُ على الذهبيِّ.
والبَدْوُ والبادِيَةُ والباداةُ ؛ هكذا في النسخِ والصَّوابُ والبَداةُ كما في المُحْكَم ؛ والبَداوةُ : خِلافُ الحَضَر.
__________________
(١) اللسان بدون نسبة.
(٢) سورة يوسف ، الآية ٣٥.
(٣) في اللسان : «بَدَاءٌ» ومثله في المقاييس ١ / ٢١٢.
(٤) اللسان.
(٥) اللسان.
(٦) اللسان والتهذيب والتكملة.
(٧) في القاموس : الهمزةُ.
(٨) في القاموس : «بنِ» بدون ألف.