وأَيَّى آيَةً : وَضَعَ علامَةً.
وقالَ بعضُهم في قَوْلِهم إيَّاك : إنَّه من تآيَّيْته تَعَمَّدْت آيَتَهُ وشَخْصَه ، كالذِّكْرى مِن ذَكَرْت ، والمعْنَى قَصَدْتُ قَصْدَكَ وشَخْصَكَ ؛ وسَيَأْتي في الحُرُوفِ اللَّيِّنَةِ.
وتَأَيَّى عليه : انْصَرَفَ في تُؤَدَةٍ.
وإِيَا النَّبات ، بالكسْرِ والقَصْر وككِتابٍ : حَسَنُه وزَهْرُه ، على التَّشْبيهِ.
وأَيَايا وأَيايَهْ ويَايَهْ ، الأخيرَةُ على حَذْفِ الياءِ : زَجْرٌ للإِبِلِ. وقد أَيَّى بها تَأْيِيةً ، نَقَلَهُ اللّيْثُ.
[أَيّ] : أَيُّ كَتَبَه بالحُمْرةِ ، وهو في الصِّحاحِ ، فالأَوْلى كتبه بالسَّوادِ : حَرْفُ اسْتِفْهامٍ عمَّا يَعْقِلُ وما لا يَعْقِلُ.
هكذا هو في المحْكَم.
وقالَ شيْخُنا : لا قَائِل بحَرْفِيَّتها بَلْ هي اسمٌ تُسْتَعْملُ في كلامِ العَرَبِ على وُجُوهٍ مَبْسوطَةٍ في المُغْني وشُرُوحِه ، وكَلامُ المصنِّفِ فيها كُلّه غَيْر مُحَرَّر.
ثم قالَ ابنُ سِيدَه : وقَوْلُ الشاعِرِ :
وأَسْماءُ ما أَسْماءُ لَيْلَةَ أَدْلَجَتْ |
|
إليَّ وأَصْحابي بأَيِّ وأَيْنَما (١) |
فإنَّه جعَلَ أَيَّ اسْماً للجهَةِ ، فلمَّا اجْتَمَعَ فيه التَّعْريفُ والتأْنِيثُ مَنَعَه الصَّرْف.
وقالوا : لأَضْرِبَنَّ أَيُّهم أَفْضَلُ ؛ أَيِّ مَبْنِيَّةٌ عنْدَ سِيْبَوَيْه ، فلذلِكَ لم يَعمل فيها الفِعْلُ ؛ كما في المُحْكَم وفي الصِّحاحِ.
وقالَ الكِسائيّ : تقولُ : لأَضْرِبَنَّ أَيَّهم في الدارِ ، ولا يَجوزُ أَن تقولَ ضَرَبْت أَيُّهم في الدارِ ، ففرق بينَ الوَاقِعِ والمُنْتَظَرِ.
وقالَ شَيْخُنا : أَيّ لا تُبْنى إلَّا في حالَةٍ مِن أَحْوالِ المَوْصولِ ، أَو إذا كانتْ مُنادَاة ، وفي أَحْوالِ الاسْتِفهامِ كُلّها مُعْرَبَة ، وكَذلِكَ حالُ الشَّرْطِيَّة وغَيْر ذلِكَ ، ولا يعتمد على شيءٍ مِن كَلامِ المصنِّف انتَهَى.
* قُلْتُ : وقد عَرَفْت أنَّه قَوْلُ سِيْبَوَيْه على ما نَقَلَه ابنُ سِيدَه. فقوْل شيْخنا أَنَّه لا يُعْتَمد إلى آخِرِه مَحلُّ نَظَرٍ.
ثم قالَ بعضٌ : لعلَّ قَوْله مَبْنِيَّة مُحَرَّفَة عن مُبَيِّنَةَ بتقْدِيم التّحْتِيَّة على النونِ مِن البَيَانِ ، أَي مُعْرَبَة ، وقيلَ : أرادَ بالبِناءِ التَّشْديد وكُلّه خِلافُ الظاهِرِ ، انتَهى.
* قُلْتُ : وهو مِثْل ما ذكرَ وحيثُ ثبتَ أنه قَوْلُ سِيْبَوَيْه فلا يحتاجُ إلى هذه التَّكْلِفاتِ البَعِيدَةِ ومن حفظ حجَّة على مَنْ لم يَحْفظ.
وقد تُخَفَّفُ لضَرُورَةِ الشِّعْرِ ، كقَوْلِه ، أَي الفَرَزْدَق :
تَنَظَّرْتُ نَسْراً والسِّماكَيْنِ أَيْهُما |
|
عليَّ من الغَيْثِ اسْتَهَلَّتْ مواطِرُهْ (٢) |
إنما أَرادَ أَيُّهما ، فاضْطَرَّ فحذَفَ.
ووَقَعَ في كتابِ المُحْتَسب لابنِ جنِّي تَنَظَّرْتُ نَصْراً ، وقالَ : اضْطَرَّ إلى تَخْفِيفِ الحَرْفِ فحذَفَ الياءَ الثانِيَة وكانَ يَنْبَغِي أن يردَّ الياء الأُولى إلى الواوِ لأنَّ أَصْلَها الواو.
وقد تَدْخُلُه الكافُ فيُنْقَلُ إلى تكْثيرِ العددِ بمعْنَى كمِ الخَبَرِيَّةِ ويُكْتَبُ تَنْوِينه نوناً ، وفيها ؛ كذا في النسخ ، والأَوْلى وفيه ، لُغاتٌ يقالُ : كأَيِّنْ ، مِثَالُ كعَيِّن ، وكَيْيِنْ ، بفتحِ الكافِ وسكونِ الياءِ ، الأُوْلى وكسْرِ الياءِ الثانِيَةِ ، وكائِنْ ، مثَالُ كَاعِنٍ ، وكأَيَ بوزْنِ رَمَي ، وكَاءٍ ، مثلُ كَاعٍ ، كذا في النسخ والصَّوابُ بوزْنِ عَمٍ.
قالَ ابنُ جنِّي : حَكَى ذلِكَ ثَعْلَب. اقْتَصَرَ الجَوْهرِيُّ منها على الأُوْلى والثالثَةِ ؛ وما عَدَاهُما عن ابنِ جنِّي ، قالَ : تَصَرَّفتِ العَرَبُ في هذه الكَلِمَةِ لكثْرَةِ اسْتِعْمالِها إيَّاها فقَّدَّمَتِ الياءَ المُشَدَّدَة وأَخَّرَتِ الهَمْزَةَ ، كما فَعَلَتْ ذلِكَ في عدَّةِ مَوَاضِع ، فصارَ التَّقديرُ كَيِّئٌ ، ثم إنَّهم حَذَفُوا الياءَ الثانِيَةَ تَخْفِيفاً كما حَذَفُوها في مَيِّت وهَيِّن ،
__________________
(١) اللسان.
(٢) صدره من شواهد القاموس ، وديوانه ص ٣٤٧ ، واللسان ومغني اللبيب ص ١٠٧.