وقالَ شَيْخُنا : فيه أَرْبعةُ أَقْوالٍ.
* قُلْتُ : ولعلَّ القَوْلَ الرَّابعَ هو قَوْلُ مَنْ قالَ : إِنَّ الذاهِبَ منها العَيْن تَخْفيفاً ؛ وهو قَوْلُ الكِسائي ؛ صُيِّرَتْ ياؤُها الأُولى أَلِفاً كما فُعِل بحاجَةٍ وقامَةٍ ، والأَصْلُ حائِجَة وقائِمَة. وقد رَدَّ عليه الفرَّاءُ ذلكَ فقالَ : هذا خَطَأٌ لأنَّ هذا لا يكونُ في أَولادِ الثلاثَةِ ، ولو كانَ كما قالَ لقِيلَ في نَواةٍ وحَياةٍ نائه وحائه ، قالَ : وهذا فاسَدٌ.
ج آياتٌ وآيٌ وآيايٌ ؛ كما في الصِّحاحِ ؛ وأَنْشَدَ أَبو زيْدٍ :
لم يُبْقِ هذا الدَّهْرُ مِن آيائِهِ |
|
غيرَ أَثافِيهِ وأَرْمِدائِه (١) |
* قُلْتُ : أَوْرَدَ الأَزْهرِيُّ هذا البيتَ في ثرى قالَ والثرياء على فَعْلاء الثرى ، وأَنْشَدَ :
لم يُبْقِ هذا الدَّهْرُ من ثريائِهِ |
|
غيرَ أَثافِيهِ وأَرْمِدائِهِ (٢) |
جج آياءٌ ، بالمدِّ والهَمْز نادِرٌ.
قالَ ابنُ بَرِّي عنْدَ قَوْلِ الجَوْهرِيّ في جَمْعِ الآيَةِ آيايٌ قال : صوابُه آياءٌ ، بالهَمْز ، لأنَّ الياءَ إذا وَقَعَتْ طَرَفاً بَعْد ألفٍ زائِدَةٍ قُلِبَتْ هَمْزة ، وهو جَمْع آيٍ لا آيةٍ ، فتأَمَّل ذلكَ.
* قُلْتُ : واسْتَدَلَّ بعضٌ بما أَنْشَدَه أَبو زيْدٍ أَنَّ عَيْنَ الآيةِ ياءٌ لا واوٌ ، لأنَّ ظُهورَ العَيْن في آيائِهِ دَليلٌ عليه ، وذلِكَ أَنَّ وزْنَ آياي (٣) أَفْعال ، ولو كانتِ العَيْن واواً لقالَ آوَائِهِ ، إذ لا مانِعَ مِن ظُهورِ الواو في هذا المَوْضِع.
والآيَةُ : العِبْرَةُ ، ج آيٌ.
قالَ الفرَّاءُ في كتابِ المَصادِرِ : الآيَةُ مِن الآياتِ والعِبَر ، سُمِّيت آيَة كما قالَ تعالى : (لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آياتٌ لِلسّائِلِينَ) (٤) ، أَي أُمورٌ وعِبَرٌ مُخْتلِفَةٌ ، وإنَّما تَرَكتِ العَرَبُ هَمْزتَها لأنَّها كانتْ فيمَا يُرَى في الأصْل أَيَّة ، فثَقُلَ عليهم التَّشْديدُ فأَبْدَلوه أَلِفاً لانْفتاحِ ما قَبْل التَّشْديدِ ، كما قالوا أَيْما المعْنَى أَمَّا.
وقَوْلُه تعالى : (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً) (٥). ولم يَقُل آيَتَيْن لأنَّ المعْنَى فيهما آيَةٌ واحِدَةٌ.
قالَ ابنُ عرفَةَ : لأنَّ قصَّتَهما واحِدَةٌ.
وقالَ الأزْهرِيُّ : لأنَّ الآيَةُ فيهما معاً آيَةً واحِدَةً وهي الوِلادَةُ دونَ الفَحْل.
والآيَةُ : الإِمارَةُ. قالوا : افْعَلْه بآيَةِ كذا ، كما تقولُ بأمارَةِ كذا.
والآيَةُ : من القُرْآنِ : كلامٌ مُتَّصِلٌ إلى انْقِطاعِه.
وآيَةٌ ممَّا يُضافُ إلى الفِعْلِ بقُرْبِ (٦) مَعْناها من معْنَى الوَقْتِ.
قالَ أَبو بكْرٍ : سُمِّيت آيَةً لأنَّها علامَةٌ لانْقِطاع كلامٍ مِن كَلامٍ. ويقالُ : لأنَّها جماعَةُ حُرُوفٍ مِن القُرْآن.
وقالَ ابنُ حَمْزَةَ : الآيَةُ مِن القُرْآنِ كأَنَّها العلامَةُ التي يُفْضَى منها إلى غيرِهَا كأَعْلامِ الطَّريقِ المَنْصوبَةِ للهِدَايَةِ.
وقالَ الرَّاغبُ : الآية العلامَةُ الظاهِرَةُ ، وحَقِيقَته كُلّ شَيءٍ ظَاهِر هو لازِمٌ لشيءٍ لا يَظْهَرُ ظُهُوره ، فمتى أدْركَ مُدْرك الظاهِر منهما علَم أَنَّه أَدْرَكَ الآخَرَ الذي لم يُدْركْه بذاتِهِ إذا كان حُكْمُهما واحِداً ، وذلِكَ ظَاهِرٌ في المَحْسوسِ والمَعقولِ. وقيلَ لكلِّ جُمْلةٍ مِن القُرْآنِ آيَةُ دَلالَة على حُكْمِ آية سُورَةً كانتْ أَو فُصولاً أَو فَضْلا مِن سُورَةٍ ، ويقالُ لكلِّ كَلامٍ منه مُنْفَصِل بفَصْلٍ لَفْظِيِّ آيَةٌ ، وعليه اعْتِبار آيات السُّور التي تُعَدُّ بها السُّورَةُ.
وإِيَا الشَّمْسِ ، بالكسْرِ والتَّخْفيفِ والقَصْرِ ، ويقالُ إياهُ بزِيادَةِ الهاءِ ، وإياءُ كسَحابٍ : شُعاعُ الشمسِ وضَوْءها يُذْكَر في الحُرُوفِ اللَّيِّنةِ ، وهكذا فَعَلَه الجَوْهرِيُّ وَغَيْرُهُ مِن أَئِمَّةِ اللُّغَةِ ، ذَكَروا أَيا هناك بالمناسَبَةِ الظاهِرَة لأيا النِّدائِيَّة.
__________________
(١) اللسان والصحاح.
(٢) التهذيب «ثري» ١٥ / ١١٥.
(٣) في اللسان : آياء.
(٤) سورة يوسف ، الآية ٧.
(٥) سورة المؤمنون ، الآية ٥٠.
(٦) في القاموس : لقُرْبِ.