أَو قَصْده أَحَدَهما ، وكَذلِكَ قَوْله : أَتَيْت زيداً أَو عَمْراً ، وجاءَني رَجُلٌ أَو امْرَأَة ، فهذا شَكٌّ ، وأَمَّا إذا قَصَد أَحَدَهما فكقَوْلك : كُل السَّمَكَ أَو اشْرَبِ اللبنَ أَي لا تَجْمَعهما ولكنِ اخْتَر أَيُّهما شِئْتَ ، وأَعْطِني دِيناراً أَو اكْسُنِي ثَوْباً ؛ انتَهَى.
وقالَ الأزْهرِيُّ في قَوْلِه تعالى : (إِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ) (١) ، أَو هنا للتَّخْيير ويكونُ بمعْنَى مُطْلَقِ الجَمْعِ ، ومنه قَوْله تعالى : (أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ) (١) فإِنَّه بمعْنعى الواوِ ، وبه فُسِّرَ أَيْضاً قَوْله تعالى : (أَوْ يَزِيدُونَ) (٢) ؛ عن أَبي زيْدٍ : وكذا قَوْله تعالى : (أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوالِنا ما نَشؤُا) (٣) ، وأَنْشَدَ أَبو زيْدٍ :
وقَدْ زَعَمَتْ ليلى بأَنِّيَ فاجِرٌ |
|
لنَفْسِي تُقاها أَو عَليها فُجُورُها (٤) |
معْناهُ : وعَليها فُجُورها وأَنْشَدَ الفرَّاءُ :
إنَّ بها أَكْتَلَ أَوْ رِزامَا |
|
خُوَيْرِ بانٍ يَنْقُفان الْهامَا (٥) |
ويكونُ بمعْنَى التَّقْسِيم (٦) ؛ وأَيْضاً بمعْنَى التَّقْرِيبِ كقَوْلِهم : ما أَدْرِي أَسَلَّمَ أَو وَدّعَ ، فيه إشارَة إلى تقريبِ زمَانِ اللقاءِ.
ويكونُ بمعْنَى إلى أَنْ : تقولُ : لأضْرِبنَّه أَو يَتُوبَ ، أَي إلى أَنْ يَتُوبَ ، كما في الصِّحاح.
ويكونُ للإِباحَةِ ، كقَوْلِكَ : جالِسِ الحَسَن أَو ابنَ سِيرِينَ ، كما في الصِّحاحِ ؛ ومثْلُه المبرِّد بقَوْله : إئتِ المسْجِدَ أَو السّوقَ ، أَي أَذَنْت لَكَ في هذا الضَّرْب مِن الناسِ ، قالَ : فإن نَهَيْته عن هذا قُلْت لا تُجالِس زيْداً أَو عَمْراً ، أَي لا تُجالِس هذا الضَّرْبَ مِن الناسِ ؛ قالَ : وعلى هذا قَوْله تعالى : (وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً) (٧) ، أَي لا تُطِع أَحداً منهما.
وقالَ الزَّجَّاجُ : أَو هنا أَوْكَد منَ الواوِ ، لأنَّ الواوَ إذا قُلْتَ : لا تُطِع زيْداً وعَمْراً فأَطَاعَ أَحَدَهما كانَ غَيْر عاصٍ ، لأنَّه أَمَرَه أَنْ لا يُطِعَ الاثْنَيْن ، فإذا قالَ : (وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً) ، فأَوْ دَلَّتْ على أَنَّ كلَّ واحدٍ منهما أَهْلٌ أَنْ يُعْصَى.
ويكونُ بمعْنَى إلَّا في الاسْتِثْناءِ ، وهذه يَنْتَصِبُ المُضارِعُ بَعْدَها بإضْمارِ أَنْ (٨) ، كقَوْله :
وكُنْت إذا غَمَزْتُ قَناةَ قَوْمٍ
كَسَرْتُ كُعُوبَها أَو تَسْتَقِيمَا (٩) أَي إلَّا أَنْ تَسْتَقِيمَا. ومنه قَوْلُهم : لأضْربنَّك أَو تَسْبقَني ، أَي إلَّا أَنْ تَسْبقَني ؛ ومنه أَيْضاً قَوْلُه تعالى : (أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) (١٠) ، أَي إلَّا أَنْ يَتُوبَ عليهم ؛ ومنهم قَوْلُ امْرئِ القَيْس :
نُحاوِلُ مُلْكاً أَو نَموتَ فنُعْذَرا (١١)
مَعْناهُ : إلَّا أَنْ نَموتَ.
__________________
(١) النساء الآية ٤٢.
(٢) الصافات الآية ١٤٧.
(٣) هود الآية ٨٧.
(٤) البيت في مغني اللبيت ط دار الفكر بيروت ص ٨٩ ونسبه لتوبة بن الحمير وفي اللسان والتكملة والتهذيب بدون نسبة. وقيل «أو» في البيت للإبهام.
(٥) اللسان والتكملة ، والرجز لرجل من بني أسد وتمامه :
خلّ الطريق واجتنب أرماما |
|
إن بها أكتل أو رزاما |
خوير بين ينقفان الهاما |
|
لم يدعا لسارح مقاما |
وفي الكامل للمبرد ٢ / ٩٣٧.
لم يتركا لمسلم طعاما
قال : نصب خوير بين على «أعني» لا يكون غير ذلك ، لأنه إنما أثبت أحدهما بقوله «أو». والشطران في مغني اللبيب ط دار الفكر بيروت ٨٩ والتهذيب ١٥ / ٦٥٨.
(٦) بعدها في مغني اللبيب ص ٩٢ : نحو الكملة اسم أو فعل أو حرف ، عن ابن مالك ، ثم نقل عنه أنها : تأتي للتفريق المجرد من الشك والإبهام والتخيير.
(٧) الإنسان الآية ٢٦.
(٨) البيت من شواهد مغني اللبيب ص ٩٣ ونسبه محققه لزياد الأعجم ، وانظر في حاشيته ثبتاً بمصادره ، وعجزه من شواهد القاموس.
(٩) على هامش القاموس عن نسخة : «نحوُ».
(١٠) من الآية ١٢٨ من آل عمران.
(١١) من ديوانه ط بيروت ص ٩٥ وصدره :
فقلت له : لا تبك عينك إنما