أَيضاً ، فظنَّ أنَّه مِن أَعْمالِ الرّيِّ ، وليسَ كَذلِكَ ، فإنَّ المَذْكورَ إنَّما سَكَنَ الرَّيَّ وأَصْله مِن آبَةُ هذه ، فتأَمَّل.
* وممَّا يُسْتدركُ عليه :
قوْلُه تعالى : (جَنَّةُ الْمَأْوى) (١) ، قيلَ : جنَّةُ المَبِيتِ ؛ وقيلَ : إنَّها جَنَّةُ تَصيرُ إليها أَرْواحُ الشُّهداءِ.
وقد جاءَ التَّأَوّي في غَيْرِ الطَّيْر ، قالَ الحارِثُ بنُ حِلْزة :
فتَأَوَّتْ له قَراضِبةٌ من |
|
كلِّ حَيِّ كأنَّهم أَلْقاءُ (٢) |
وفي نوادِرِ الأَعْرابِ : تَأَوَّى الجُرْحُ وأَوَى وآوَى ، إذا تَقاربَ للبرءِ.
ورَوَى ابنُ شُمَيْل عن العَرَبِ : أَوَّيْتُ بالخَيْلِ تَأْوِيَةً ، إذا دَعَوتَها آو (٣) لتَريعَ إلى صَوْتِك ؛ ومنه قَوْلُ الشاعِرِ :
في حاضِرٍ لَجِبٍ قاسٍ صَواهِلُهُ |
|
يقالُ للخيْلِ في أَسْلافِه : آوُ (٤) |
قالَ الأزْهرِيُّ : وهو صَحِيحٌ مَعْرُوفٌ مِنْ دُعاءِ العَرَبِ خَيْلَها ؛ ومنه قَوْلُ عدِيِّ بنِ الرِّقاعِ يَصِفُ الخيْلَ :
هُنَّ عَجْمٌ وقد عَمِلْنَ من القَوْ |
|
لِ هَبي واقْدمي وآوُو قُومي (٥) |
قالَ ورُبَّما قيلَ لها من بَعِيدٍ : آيْ ، بمدَّةٍ طَويلَةٍ.
ويقالُ : أَوَّيْتُ بها فتَأَوَّتْ تَأوِّياً إذا انْضمَّ بعضُها إلى بعضٍ كما يَتَأَوَّى الناسُ ؛ وأَنْشَدَ بيتَ ابنِ حِلِّزة :
فتَأَوَّتْ له قَراضِبةٌ.
وأَوِّ لفلانٍ : أَي ارْحَمْه.
واسْتَأْوَاهُ : اسْتَرْحَمه ؛ وأَنْشَدَ الجَوْهرِيُّ لذي الرُّمَّة :
على أَمْرِ من لم يُشْوِني ضُرُّ أَمْرِ |
|
ولو أَنني اسْتَأْوَيْتُه ما أَوَى ليا (٦) |
وقالَ المَازِنيُّ : آوَّةٌ مِن الفِعْل فاعِلَةٌ ، وأَصْلُه آوِوَةٌ ، أُدْغِمَتِ الواوُ في الواوِ وشُدَّتْ.
وقالَ أَبو حاتِمِ : هو مِن الفِعْل فَعْلَةٌ ، زِيدَتِ الألِفُ ؛ قالَ : وقوْمٌ مِن الأَعرابِ يَقولُونَ : آوُوه كعاوُوه ، وهو مِن الفِعْل فاعُولٌ ، والهاءُ فيه أَصْلِيَّة.
وقالَ ابنُ سِيدَه : أَوَّ لَهُ كقَوْلِك أَوْلى له ، ويقالُ له أَوِّ مِن كذا ، على معْنَى التحزُّنِ ، وهو مِن مُضاعَفِ الواوِ ؛ قالَ الشاعِرُ :
فأَوِّ لِذِكرَاها إذا ما ذَكَرْتُها |
|
ومن بُعْدِ أَرْضٍ دُونَنا وسَماء (٧) |
وقالَ الفرَّاءُ : أَنْشَدنِيه ابنُ الجَرَّاح :
فأَوْه مِن الذِّكْرَى إذا ما ذَكَرْتُها
قالَ : ويَجوزُ في الكَلامِ لمَنْ أَوْهِ ، مَقْصوراً ، أَنْ يَقولَ في يَتَفَعَّل يَتَأَوَّى ولا يقولها بالهاءِ.
وقالَ غيرُه : أَوِّ مِن كذا ، بمعْنَى تَشَكِّي مشقَّةٍ أَو هم أَو حزنٍ.
[أو] : أَوْ : حرفُ عطفٍ ، ويكونُ للشَكِّ والتَّخْيير والإِبْهامِ.
قالَ الجَوْهرِيُّ : إذا دَخَلَ الخَبَرَ دَلَّ على الشَّكِّ والإبْهامِ ، وإذا دَخَلَ الأَمْرَ والنَّهْيَ دَلَّ على التَّخْييرِ والإِباحَةِ ؛ فأَمَّا الشَّك فكقَوْلِكَ : رأَيْت زيداً أَو عَمْراً ؛ والإِبْهام كقَوْلِه تعالى : (وَإِنّا أَوْ إِيّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (٨) ؛ والتَّخْيير : كُلِ السَّمكَ أَو اشْرَبِ اللّبَنَ ، أَي لا تَجْمَع بَيْنهما ؛ انتَهَى.
وقالَ المبرَّدُ : أَو يكونُ لأحَدِ أَمْرَيْن عنْدَ شَكِّ المُتَكلِّم
__________________
(١) النجم الآية ١٥.
(٢) من معلقته ، مختار الشعر الجاهلي ٢ / ٣٥١ ، واللسان.
(٣) في اللسان : «آووه» كالتهذيب ١٥ / ٦٥١.
(٤) اللسان وفيه : «في أسلافه : آوو» ومثله في التهذيب.
(٥) اللسان وفيه : «وآوو وقومي» ومثله في التكملة.
(٦) ديوانه ص ٦٥٢ واللسان وفيه «ولو أني» وعجزه في الصحاح والمقاييس ١ / ١٥٢ والتهذيب ١٥ / ٦٥٢.
(٧) اللسان.
(٨) سبأ الآية ٢٤.