أَو خاصٌّ بالنَّباتِ ؛ قالَ الفرَّاءُ : يقالُ : أَلَمْ يَأْنِ وأَ لَمْ يَئِنْ لَكَ وأَ لَمْ يَنَلْ لَكَ. وأَجْوَدُهُنَّ ما نَزَلَ به القُرْآن ، يعْنِي قَوْلَه تعالى : (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا) (١) ؛ هو من أَنَى يَأْني.
وآنَ لَكَ أَنْ تَفْعَلَ وأَنَى لَكَ ونَالَ وأنال لَكَ ، كُلُّهُ بمعْنىً واحِدٍ أَي حانَ لَكَ.
وفي حدِيثِ الهجْرَةِ : «هل أَنَى الرَّحيلُ» ، أَي حانَ وَقْتُه ؛ وفي رِوايَةٍ : «هل آنَ» ، أَي قَرُبَ.
وقالَ ابنُ الأَنْبارِي : الأَنَى من بلُوغِ الشيءِ مُنْتهاه ، مَقْصورٌ يُكْتَبُ بالياءِ ، وقد أَنَى يَأْني ؛ قالَ عَمْرُو بنُ حَسَّان :
تَمَخَّضَتِ المَنُونُ له بيَوْمٍ |
|
أَنى ولكُلِّ حامِلَةٍ تَمامُ (٢) |
أَي أَدرَكَ وبَلَغَ.
والاسمُ : الأَناءُ ، كسَحابٍ ؛ وأَنْشَدَ الجَوْهرِيُّ للحُطَيْئة :
وأَخَّرت العَشاءَ إلى سُهَيْل |
|
أَو الشِّعْرى فطالَ بيَ الأَناءُ (٣) |
* قُلْتُ : هو اسمٌ مِن آناهُ يُؤْنِيه أذا أَخَّرَه وحَبَسَهُ وأَبْطَأَه ؛ كما في الصِّحاحِ ؛ وسِياقُ المصنِّف يَقْتَضي أنَّه اسمٌ من أَنَى يَأْني وليسَ كَذلِكَ ، ويدلُّ على ذلِكَ رِوايَةُ بعضِهم.
وآنَيْتُ العَشاءَ إلى سُهَيْلٍ
فتأَمَّل.
و (٤) الإناءُ ، بالكسْرِ والمدِّ : م مَعْروفٌ ، ج آنِيَةٌ ، كرِدَاءٍ وأَرْدِيَةٍ ، وأَوانٍ جَمْعُ الجَمْعِ كسِقاءٍ وأَسقِيَةٍ وأَساقٍ ، وإنَّما سُمِّي الإناءُ إناءً لأنَّه قد بَلَغَ أنْ يُعْتَمل بما يُعانَى به من طَبْخٍ أَو خَرْزٍ أَو نِجَارَةٍ ، والألِفُ في آنِيَةٍ مُبْدلةٌ مِن الهَمْزةِ وليسَتْ بمخَفَّفَةٍ عنها لإنْقِلابِها في التَكْسِير واواً ، ولو لا ذلِكَ لحكم عليه دونَ البَدَلِ لأَنَّ القَلْبَ قياسِيٌّ والبَدَلَ مَوْقوفٌ.
وأَنَى الحميمُ أَنْياً : انْتَهَى حَرُّهُ ، فهو آنٍ ؛ ومنه قَوْلُه تعالى : (يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ) (٥) ، كما في الصِّحاح.
وقيلَ : أَنَى الماءُ : سَخُنَ وبلغَ في الحَرَارَةِ ؛ وقوْلُه تعالى : (تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ) (٦) ، أَي مُتناهِيَةٍ في شدَّة الحرِّ ؛ وكذلِكَ سائِرُ الجواهِر وبَلَغَ هذا الشَّيءُ أَناهُ ، بالفتْحِ ويُكْسَرُ : أَي غايَتَهُ ، أَو نُضْجَهُ وإِدراكَهُ وبلوغَهُ ؛ وبه فُسِّرَ قَوْله تعالى : (غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ).
والأناةُ ، كقَناةٍ : الحِلْمُ والوَقارُ ، كالأَنى ، كعلى ؛ وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّي :
الرِّفْقُ يُمْنٌ والأَناةُ سَعادةٌ
وقالَ الأصْمعيُّ : الأَناةُ مِن النِّساءِ : المرْأَةُ التي فيها فُتُورٌ عِنْدَ ، ونَصّ الأصْمعيّ عن ، القيامِ وتأَنِّ ، قالَ أَبو حيَّة النميري :
رَمَتْه أَناةٌ من رَبيعَةِ عامِرٍ |
|
نَؤُومُ الضُّحَى في مَأْتَمٍ أَيِّ مَأْتَم (٧) |
والوَهْنَانَةُ نَحْوها.
وقالَ سِيْبَوَيْهِ : أَصْلُه وَناةٌ مثْلُ أَحَدَ ووَحَد ، من الوَنَى ، كما في الصِّحاحِ.
وقالَ الليْثُ : يقالُ للمَرْأَةِ المُبارَكَةِ الحَلِيمةِ المُواتِيةِ أَناةٌ ، والجَمْعُ أَنواتٌ. قالَ : وقالَ أَهْلُ الكُوفَةِ إِنَّما هي الوَناةُ مِن الضَّعْفِ ، فهَمَزُوا الواوَ.
وقالَ أَبو الدُّقَيْش : هي المُبارَكَة ، وقيلَ : هي الرَّزِينَةُ لا تَصْخَبُ ولا تُفْحِشُ ؛ قالَ الشاعِرُ :
__________________
(١) الحديد الآية ١٦.
(٢) اللسان.
(٣) ديوانه ط بيروت ص ٥٤ برواية : «وآنيت ... العشاء» والمثبت كرواية الصحاح. وفي اللسان والمقاييس ١ / ١٤١ «وآنيت».
(٤) على هامش القاموس عن نسخة : «الإناءُ».
(٥) الرحمن الآية ٤٤.
(٦) الغاشية الآية ٥.
(٧) اللسان والصحاح.