ثلاثَةُ أَقْوالَ قالَ المُفَضّل بنُ محمدٍ مَعْناه ما يُشارِكُ فلانٌ فلاناً ؛ وأَنْشَدَ :
فإنْ يَكْ عَبْدُ الله آسَى ابْنَ أُمِّه |
|
وآبَ بأسْلابِ الكَمِيِّ المُفاوِز (١) |
وقالَ المُؤَرِّج : ما يُواسِيه ما يُصِيبُه بخيرٍ من قَوْلِ العَرَبِ آسِ فلاناً بخيرٍ ، أَي أَصِبْه ؛ وقيلَ : ما يُواسِيه مِن مَوَدَّتِه ولا قَرابَتِه شيئاً مَأْخُوذ مِن الأوْسِ وهو العَوْض ، قالَ : وكانَ في الأصْلِ ما يُواوِسُه (٢) ، فقدَّمُوا السِّين وهي لامُ الفِعْل ، وأَخَّرُوا الواوَ وهي عَيْنُ الفِعْلِ ، فصارَ يُواسِوُه ، فصارَتِ الواوُ ياءً لتَحْرِيكها وانْكِسارِ ما قَبْلها ، وهذا في المَقْلوِب.
قالَ : ويَجوزُ أَنْ يكونَ غَيْر مَقْلوبٍ فيكون يُفاعِل مِن أَسَوْت الجُرحْ.
ورَوَى المُنْذري عن أَبي طالِبٍ في اشْتِقاقِ المُواسَاة قَوْلَيْن : أَحَدُهما : أَنَّه مَن آسَى يُؤَاسِي مِن الأُسْوَةِ ، أَو أَسَاهُ يَأْسُوه إذا دَاوَاهُ ، أَو مِن آسَ يَؤُوسُ إذا عاضَ ، فأَخَّر الهَمْزَةَ وَلَيَّنَها.
أَو لا يكونُ ذلكَ إلَّا مِن كفافٍ ، فإن كانَ من فَضْلَةٍ فَلَيْسَ بمُواساةٍ ، ومنه قَوْلُهم : رَحِمَ اللهُ رجُلاً أَعْطى من فَضْلٍ وواسَى من كَفافٍ.
وتآسَوْا : آسَى بعضُهم بعضاً ؛ وأَنْشَدَ الجَوْهرِيُّ لسليمان بن قنبه :
وإِنَّ الأُلَى بالطَّفِّ من آلِ هاشمٍ |
|
تَآسَوْا فسَنُّوا للكِرامِ التَّآسِيا (٣) |
قالَ ابنُ بَرِّي : وهذا البيتُ تَمَثَّل به مُصْعَب يَوْم قُتِلَ.
وتَآسَوْا فيه : من المُواسَاةِ ، كما ذَكَرَ الجَوْهرِيُّ ، لا مِن التَّأَسِّي كما ذَكَرَ المبرِّدُ ، فقالَ : تَآسَوْا بمَعْنَى تَواسَوْا ، وتَأَسَّوْا بمعْنَى تَعَزَّوا.
والأسَا : الحُزْنُ ؛ ومنه قَوْلُهم : الأُسَا. وقد أَسِيَ على مُصِيبَتِه ، كعَلِمَ ، يَأْسَى أَسًا : حَزِنَ.
وهو أَسْوانُ : حَزِينٌ ؛ وأَتْبَعوه فقالوا : أَسْوانُ أَتْوان ، وأَنْشَدَ الأَصْمعيُّ :
ماذا هُنا لِكَ في أَسْوانَ مُكْتَئِبٍ |
|
وساهِفٍ ثَمِل في صَعْدةٍ حِطَمِ (٤) |
والأُساوَةُ ، بالضَّمِّ : الطَّبُّ ، هكذا قالَه ابنُ الكَلْبي.
قالَ الصَّاغانيُّ : والقِياسُ بالكسْرِ.
وأُسْوانُ ، بالضَّمِّ : د بالصَّعيدِ في شَرْقي النِّيل ، وهو أَوَّل حُدُودِ بِلادِ النَّوْبةِ ، وفي جِبالِه مَقْطعُ العُمْدِ التي بالإسكَنْدَرَيَّة.
قالَ ياقوتُ : ووَجَدْتُه بخطِّ أَبي سعيدٍ السُّكَّريّ : سُوَان بِغَيْرِ هَمْزةٍ. وبه مِن أَنْواعِ التّمُورِ ما ليسَ بالعِراقِ وقد نُسِبَ إليه خَلْقٌ كَثيرٌ مِن العُلَماءِ.
* وممَّا يُسْتدركُ عليه :
يقالُ : هذا الأَمْرُ لا يُؤْسى كَلْمُهُ.
والمُؤَسِّي : لَقَبُ جزءِ بنِ الحارِثِ مِن حُكَماءِ العَرَبِ ، لأنَّه كانَ يُؤَسِّي بينَ الناسِ ، أَي يُصْلحُ بَيْنهم ويَعْدِل ؛ قالَهُ المُؤَرِّج.
والتَّأَسِّي في الأُمورِ : القُدْوَةُ.
وقد تَأَسَّى به : اتَّبَعَ فعْلَه واقَتَدَى به.
والمُؤَاسَاةُ : المُساوَاةُ.
وآسَيْتُه بمُصِيبَتِه ، بالمدِّ : أَي عَزَّيْته (٥).
وأَسْوَيْته : جَعَلْت له أُسْوَةً ؛ عن ابنِ الأعْرابيِّ ، فإن كانَ مِنَ الأُسْوَةِ كما زَعَمَ فَوَزْنُه فَعْلَيْتُ كَدَرْبَيْتُ وجَعْبَيْتُ.
والأَسْوَةُ ، بالفتْحِ : لُغَةٌ في الكسْرِ والضمِّ ؛ نَقَلَه شيخُنا وقالَ : حَكَاهُ الرَّاغبُ في بعضِ مصنَّفاتِه.
__________________
(١) اللسان وفيه : «المغاور» بدل «المفاوز» والتهذيب أيضاً.
(٢) في التهذيب واللسان : يؤاوسه.
(٣) اللسان والصحاح.
(٤) البيت في شرح أشعار الهذليين ٣ / ١١٣٥ في شعر ساعدة بن جؤية برواية : «من أسوان» واللسان ونسبه لرجل من الهذليين.
(٥) عن اللسان وبالأصل «عريته».