والأبية هكذا في النُّسَخ ، وفي بعضها الآبِيَةُ (١) بالمد التي تعَافُ الماءَ وهي أيضاً التي لا تُريدُ عَشاءَ ومنه المثل : العاشِية تُهَيِّجُ الآبِيَة أي إذا رأت الآبيةُ الإبلَ العَوَاشِي تَبِعَتْها فَرَعَتْ مَعَهَا والآبية من الإبل التي ضُرِبَتْ فلم تَلْقَحْ كأَنها أبَتِ اللِّقاحَ ومَاءة مَأباةٌ تأباها الإبلُ أي مما تحْمِلها على الامتناع منها ويقال : أخذه أَباءٌ من الطّعامِ بالضَّمِّ أي كَرَاهةَ جاؤوا بهِ على فُعَال لأنه كالداء ، والأدواء مما يغلب عليها فُعَالِ.
ورجُلٌ آبِ من : قوم آبينَ وَأُباةِ كَدُعاةٍ وَأُبَيِّ بضم فكسر فتشديد وَإباءٍ (٢) كَرِجال وفي بعض الأصول كَرُمّان ورَجُل أَبِيٌّ كَغَنِيّ مِنْ قوم أبيِّينَ قال ذُو الإصبع العدواني :
إنِّي أَبِيٌّ أَبِيّ ذُو مُحَافَظَةٍ |
|
وَابنُ أَبِيّ مِنْ أَبِيِّينِ (٣) |
شَبَّه نون الجمع بنون الأصل فَجَرَّها وَأَبَيْتُ الطّعامَ واللَّبن كرَضِيتُ إبى بالكسر والقصر انْتَهَيْتُ عنه من غيرِ شِبَع ، ورجُلٌ أَبَيانٌ محركةً يأبَى الطَّعامَ أو الذي يأبَى الدَّنيئَة والمذامّ وأنشد الجوهريُّ لأبي المجشّر الجاهلي :
وَقَبْلَكَ ما هابَ الرّجالُ ظُلّامَتِي |
|
وَفَقَأْتُ عَيْنَ الأشْوَسِ الأبَيانِ (٤) |
ج إبْيانٌ بالكسرْ عن كراع وأَبِيَ الفَصيلُ كَرَضِيَ وَعُنِي أبى بالفتح والقصر سَنِقَ من اللَّبَنِ وأَخَذَهُ أُبَاءُ وأَبِيَ العَنْزُ أَبيَّ شَمَّ بَوْلَ الماعز الجبلي وَهُوَ الأرْوِيِّ أو شَرِبَهُ أوْ وَطِئه فَمَرِضَ بأن يَرِمَ رأسُهُ وَيَأْخُذَهُ من ذلك صداعٌ فلا يكادُ يُبرأ ، ولا يكاد يقدِر على أكل لحمه لمرارته ، وربما أَبيَت الضأن من ذلك غير أنه قلّما يكون ذلك في الضأن ، وقال ابن أحمر لراعي غنم له أصابها الأباء :
فَقُلْتُ لِكَنَّازِ تَوَكَّلْ ، فَإِنَّهُ |
|
أُبًى لا أظنُّ الضَّأْنَ مِنْهُ نَوَاجِيا (٥) |
فَمَالَكِ مِنْ أَرْوَى تَعَادَيْنَ بِالعَمَى |
|
وَلاقَيْنَ كَلَّاباً مُطِلاً وَرَامِيا (٦) |
قَوْلُه : لا أَظنُّ الخ. أَي مِن شِدَّته ، وذلِكَ أَنَّ الضَّأْنَ لا يضرُّهَا الأُباءُ أَن يَقْتُلَها.
وقال : أبو حنيفَةَ : الأُباءُ عَرَضَ يَعْرِض للعُشْبِ مِن أَبْوالِ الأَرْوَى ، فإذا رَعَتْه المَعَزُ خاصَّة قَتَلَها ، وكَذلِكَ إن بالَتْ في الماءِ فشَرِبَتْ منه المَعَز هَلَكَتْ.
قالَ أَبو زيدٍ : أَبِيَ التَّيْسُ وهو يَأْبَى أَبى ، مَنْقوصٌ ، وتَيْسٌ أَبيٌّ بَيِّنُ الأباء (٧) إذا شَمَّ بَوْلَ الأَرْوَى فمَرِضَ منه ، فهو أَبْوَأُ مِن تُيوسٍ أَبْوٍ وأَعْنُزٍ أَبْوٍ ؛ وعَنْزٌ أَبيةٌ وأَبْواءُ.
وقالَ أَبو زيادٍ الكِلابيّ والأَحْمَر : قد أَخَذَ الغَنَم الأُبَا ، بالقَصْرِ ، وهو أَنْ تَشْرَبَ أبْوالَ الأَرْوَى فيُصِيبُها منه داءٌ.
قالَ الأَزْهرِيُّ : قَوْلَهُ : تَشْرَبَ خَطَأٌ ، إنَّما هو تَشُمُّ ، وكَذلِكَ سَمِعْتُ العَرَبَ.
والأَباءُ ، كسَحاب : البَرْدِيَّةُ ، أَوْ الأَجَمَةُ ، أو هي من الحَلْفاءِ خاصَّةً.
قالَ ابنُ جنِّي : كانَ أَبو بكْرٍ يشتقُّ الأَباءَةَ مِن أَبَيْت ، وذلِكَ لأَنَّ الأَجَمَةَ تَمْنَعُ ؛ كذا في النسخ والصَّوابِ تَمْتَنِعُ ؛ وتَأْبَى على سالِكِها ، فأصْلُها عنْدَه أَبايَةٌ ، ثم عُمِلَ فيها ما عُمِل في عبَايَةٍ وصَلايَةٍ ، حتى صِرْنَ عَباءَةً وصَلاءَةً وأباءَةً ، في قوْلِ مَنْ هَمَزَ ، ومَنْ لم يَهْمز أَخْرجَهنَّ على أُصولِهنَّ ، وهو القِياس القوِيُّ.
قالَ أَبو الحَسَنِ : وكما قيلَ لها أَجَمَة مِن قوْلِهم أَجِمَ الطَّعامَ كَرِهَهُ.
وقيلَ : هي الأَجَمَةُ مِن القَصَبِ (٨) خاصَّةً ؛ وأَنْشَدَ الجَوْهرِيُّ لكَعْبِ بنِ مالِكٍ :
مَنْ سَرَّه ضَرْبٌ يُرَعْبِل بعضُه |
|
بعضاً كَمَعْمَعَةِ الأَباءِ المُحْرَقِ (٩) |
__________________
(١) وهي عبارة القاموس المتداول.
(٢) على هامش القاموس عن نسخة : وأُبَّاءٍ.
(٣) المفضلية ٣١ البيت ١١ واللسان.
(٤) اللسان والصحاح.
(٥) اللسان والتهذيب والصحاح وفيها «توكل» والمقاييس ١ / ٤٦. وفيها «تركل» و «لا إخال» بدل «لا أظن».
(٦) اللسان والتهذيب وفيهما «تعاديت».
(٧) في الصحاح : «وتيسٌ آبى بيّن الأُباء» وفي اللسان : الأَبَى.
(٨) في القاموس : والقصبُ ، والكسر ظاهر.
(٩) اللسان والصحاح والمقاييس ١ / ٤٦.