وقاتِمِ الأَعْماقِ خاوِي المُخْتَرَقْ
وقوْله فيها :
أَلَّفَ شَتَّى ليس بالرَّاعي الحَمِقْ
وقَوْله مع ذلك :
سِرًّا وقد أَوَّنَ تأْوينَ العُقُقْ
قالَ ابنُ بَرِّي : والخَيلُ لا يُجِيزُ اخْتِلافَ التَّوجِيهِ ويُجِيزُ اخْتِلافَ الإشْباعِ ، ويَرَى أَنَّ اخْتِلافَ التَّوْجِيهِ سِنادٌ ، وأَبو الحَسَنِ بضدِّه يَرَى اخْتِلافَ الإشْباعِ أَفْحَش مِن اخْتِلافِ التَّوْجِيه ، إلَّا أَنَّه يَرَى اخْتِلافَهما ، بالكسْرِ والضَّمِّ ، جائِزاً ، ويَرَى الفتْحَ مع الكسْرِ والضمِ قَبيحاً في التَّوْجِيهِ والإِشْباعِ ، والخَليلُ يَسْتَقْبحه في التَّوْجِيه أَشَدّ مِن اسْتِقْباحِه في الإِشْباعِ ، ويَراهُ سِناداً بخِلافِ الإشْباعِ ، والأَخْفَش يَجْعَل اخْتِلافَ الإشْباعِ بالفَتْحِ والضمِّ أَو الكَسْرِ سِناداً.
قالَ : وحِكَايَةُ الجَوْهرِيّ مُناقِضَة لتَمْثِيلِه.
وقالَ ابنُ جنِّي : أَصْلُه مِن التَّوْجِيه ، كأَنَّ حَرْفَ الرَّوِيِّ مُوَجَّهٌ عنْدَهم أَي كانَ له وَجْهان : أَحَدُهما مِن قبْلِه والآخَرُ مِن بعْدِه ، أَلا تَرَى أنَّهم اسْتَكْرَهوا اخْتِلافَ الحَركَةِ مِن قَبْلِه ما دَامَ مُقيَّداً (١) نحو الحَمِقْ والعُقُقْ والمُخْتَرَقْ؟ كما يَسْتَقْبِحونَ اخْتِلافَها فيه ما دَامَ مُطْلقاً ، فلذلِكَ سُمِّيت الحَرَكَة قَبْل الرَّوِيّ المُقيَّد تَوْجيهاً إعْلاماً أَنَّ للرَّوِيّ وَجْهَيْن في حالَيْن مُخْتَلِفَتَيْن ، وذلِكَ أنَّه إذا كانَ مُقيَّداً فلَه وَجْهٌ يتقدَّمُه ، وإذا كانَ مُطْلقاً فله وَجْهٌ يتَأَخَّر عنه ، فجَرَى مَجْرَى الثَّوْبِ المُوَجَّهِ ونحوِهِ.
وَتَجَهْتُ إليك أَتْجَهُ (٢) : أَي تَوجَّهْتُ ، لأنَّ أَصْلَ التاءِ فيهما واوٌ.
قالَ ابنُ بَرِّي : قالَ أَبو زيْدٍ : تَجِهَ الرَّجلُ يَتْجَهُ تَجَهاً.
وقالَ الأَصْمعيُّ : تَجَهَ ، بالفتْحِ ؛ وأَنْشَدَ أَبو زيْدٍ لمِرْداسِ بنِ حُصَيْن :
قَصَرْتُ له القَبيلَةَ إذْ تَجِهْنا |
|
وما ضاقَتْ بشَدّتِه ذِراعِي (٣) |
والأصْمعيّ يَرْويه : تَجَهْنا ، والذي أَرادَه اتَّجَهْنا ، فحذَفَ أَلِفَ الوَصْلِ وإحْدَى التاءَيْنِ.
ووَجَّهْتُ إليك تَوْجِيهاً : تَوَجَّهْتُ ، كِلاهُما يقالُ مثْل قَوْلِك بَيَّنَ وتَبَيَّنَ ؛ ومنه المَثَلُ : أَيَّنما أُوَجِّهْ أَلْقى (٤) سَعْداً ؛ غَيْر أَنَّ قَوْلَكَ وَجَّهْتُ إليك على معْنَى وَلَّى وَجْهَه (٥) إليكَ ، والتَّوَجُّه الفِعْلُ اللازِمُ.
وبنُو وجِيهَةَ : بَطْنٌ (٦) مِن العَرَبِ ؛ عن ابنِ سِيدَه.
ومِن المجازِ : وَجَهْتُكَ عنْدَ النَّاسِ أَجِهُكَ ، أَي صِرْتُ أَوْجَهَ منكَ ؛ نَقَلَهُ الزَّمَخْشريُّ.
والجِهَةُ ، بالكسْرِ والضَّمِّ : النَّاحِيَةُ والجانِبُ ؛ كالوَجْهِ والوِجْهَةِ بالكسْرِ ، وتقدَّمَ قَرِيباً هذا بعَيْنِه ، وذكرَ في الجِهَةِ التَّثْلِيث وفي الوَجْهِ الكَسْر والضَّمّ ؛ ج جِهاتٌ ، بالكسْرِ.
يقالُ : قُلْتُ كذا على جِهَةِ كذا ، وفَعَلْتُ ذلكَ على جِهَةِ العَدل وجِهَةِ الجَوْرِ. وتقولُ : رجُلٌ أَحْمَرُ مِن جِهَةِ الحُمْرةِ ، وأَسْوَدَ مِن جِهَةِ السَّوادِ ؛ وتقدَّمَ الكَلامُ على الجِهَةِ عن أَبي حَيَّان.
ويقالُ : نَظَرُوا إليَّ بأُوَيْجِهِ سُوءٍ ؛ نَقَلَهُ الزَّمَخْشريُّ.
وقال اللَّحْيانيُّ : نَظَرَ فلانٌ بوُجَيْهِ سُوءٍ وبجيهِ سُوءٍ وبجُوهِ سُوءٍ بمعْنًى.
وفي مَثَلٍ يُضْرَبُ في التّحْضِيضِ : وَجْهِ الحَجَرِ وِجْهَة مَّا له وجِهَةٌ ما له وَوَجْهاً مّا له ، بالرَّفْعِ والنَّصْبِ (٧) ، وإنَّما رَفَعَ لأنَّ كلَّ حَجَرٍ يُرْمَى به فله وَجْهٌ ، كلُّ ذلِكَ عن اللّحْيانيّ.
__________________
(١) بالأصل : «مقيد».
(٢) على هامش القاموس عن نسخة : اتَّجَهْتُ.
(٣) اللسان.
(٤) كذا ، والصواب : «أَلقَ» كما في الأساس والتهذيب.
(٥) كذا ، ولعله : «وليت وجهي إليك» نبه عليه بهامش المطبوعة المصرية.
(٦) بعدها زيادة في القاموس. سقطت من الشارح ونصها. : «وأَوْجَهَهُ جَعَلَهُ وجِيهاً».
(٧) في القاموس : بالنصبِ والرفعِ.