الغامضة فيه. وقد اسس هؤلاء الفقهاء ذوو التفكير الحر الذين كانووا ينتمون إلى فرقة المعتزلة وكراً لهم في البصرة واستمروا على التعليم والوعظ فيه بالرغم من الملاحقة التي لم تتوقف ضدهم طيلة العهد الاموي (١).
وحلت مع انتقال الخلافة إلى العباسيين فترة ممتازة بالنسبة للمعتزلة فقد وجدت تعاليمهم الكثير من الانتصار بين الفرس من ذوي النفوذ الذي كان بأمكانهم بسبب احتلالهم لمراكز عليا في بلاط الخلفاء ، ان يوفروا الحماية لمعلميهم الروحيين ويجنبوهم الملاحقة من جانب بقية رجال المسلمين. ومع مرور الوقت اصبحت تعاليم المعتزلة تكسب مواضع جديدة باستمرار في بلاط الخلفاء نفسه إلى ان رفع المأمون تعاليم هؤلاء الفقهاء من ذوي التفكير المتحرر إلى مرتبة المذهب الرسمي عندما اصدر في عام ٨٢٧م مرسوماً بشأن خلق القرآن. ولا حاجة لنا للحديث عن المدى الذي ارتفعت اليه بفضل هذا المرسوم مدينة البصرة باعتبارها مركز المعتزلة وفيها يعيش ويعمل «شيخ المعتزلة» ابو الهذيل العلاف الذي كان يدعو لحرية الارادة والتصوير المثالي لجوهر الاله.
ظلت تعاليم المعتزلة في عهد الخلفاء الذين اعقبوا المأمون مباشرة تعتبر المذهب الرسمي حتى ٨٥١م ففي هذه السنة اصدر المتوكل امراً باعتبار فكرة خلق القرآن فكرة الحادية وقام بحملة ملاحقة شديدة للفقهاء من ذوي التفكير الحر في البصرة مركز تواجدهم الرئيس ، وقد تعرض للملاحقة مع المعتزلة الشيعة ايضاً (٢). وقد تزامنت ملاحقة الحكومة للمعتزلة والشيعة مع بداية اضمحلال سلطة الخلفاء العباسيين الزمنية ، فقد
__________________
(١) Weil, Op Cit T. ll.S. ٢٦٠ FF.; Dozy, Op. Cit. p. ٢٠٦ FF
(٢) Dozy, Op. Cit. p. ٢٨٤ FF