الصناعة الاوربية المستوردة بل يتخلى عن المركز الاول في هذا المجال لفارس المجاورة (١). وهكذا فان ما لا يقل عن ٦٠% من الواردات تذهب إلى فارس في حين تتوزع الـ ٤٠١% الباقية في العراق نفسه ، علماً أن البصرة تستهلك اقل من بغداد بمقدار مرتين ولما كان المحرك الأساس لتجارة البصرة هو تصدير التمور والحبوب فأن الاستهلاك المحلي للبضائع الاجنبية يقتصر على المواد التي تستخدم للتعبئة كالصناديق للتمر واكياس الجوت للحبوب وما أشبه ، بالاضافة طبعاً إلى بضائع الاستهلاك الضرورية كالمنسوجات والسكر والمعادن. اما في بغداد فأن الامور تجري بشك مغاير تماماً لان بغداد يمر فيها سنوياً مابين ٥٠ إلى ٦٠ ألفاً من الزوار القادمين من فارس إلى العتبات المقدسة في كربلاء والنجف وسامراء والكاظمين بالإضافة إلى بضعة آلاف أخرى من الحجاج الهنود القادمين عن طريق البصرة. فحركة الزوار هذه لا يمكن الا ان تساعد على زيادة استهلاك البضائع المستوردة فتؤثر بذلك ايجابياً على تجارة بغداد التي تتميز اساساً بازدهار كبير نظراً لان البضائع المستوردة من اوربا إلى غرب فارس تنقل إلى هناك باجمعها عن طريق بغداد. على آية حال ينبغي اعتبار حركة الزوار التي ترتبط بالتجارة منذ القدم على انها شرط رئيس لحالة الازدهار التي يعيشها السوق في بغداد ز وفي كل مرة ، يقل فيها سيل الزوار
__________________
(١) يتحدث المؤلف هنا عن نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين ، وقد تغيرت أحوال المنطقة من ذلك الوقت كثيراً وأخذت بأسباب التقدم وخطت خطوات واسعة عن طريق التطور الحضاري فازداد تبعاً لذلك مقدار ما تستورده من البضائع من الخارج وزادت أيضاً نسبة استيرادها بالقياس إلى إيران. (المترجم)