الكامل قيام اضطرابات شاملة لم يتمكن الولاة من اخمادها ابداً.
ولم يكن الوضع في العراق بافضل من ذلك. فمع ان الانقلاب الكبير الذي حدث في وضع الولاة الاقليميين لم يتضح بشكل ملموس في العراق في عهد الوالي علي رضا باشا ، فان هذه المنطقة اخذت في عهد خلفه محمد نجيب باشا تتحول تدريجياً إلى المنط الجديد الذي املته التنظيمات. ومع ذلك فان تطيبق المركزية بكل ابعادها لم يتم في العراق قبل بداية ١٨٤٨ حين شُكِل الفليق السادس الخاص ببغداد وانتقلت السلطة العسكرية من يد والي بغداد محمد نجيب باشا إلى قائد هذا الفليق عبد الكريم نادر باشا ولم يلبث تجريد حاكم هذه المنطقة الذي كان إلى عهد قريب يتمتع بصلاحيات استثنائية من الكثير من صلاحياته ان ادى في العراق إلى نتائج لاتقل في سوئها عما حصل في اقاليم الامبراطورية العثمانية الاخرى وقد انعكس ذلك على طبيعة نشاط محمد نجيب باشا الذي ينقسم إلى مرحلتين متميزتين عن بعضهما غاية التميز ، تمتد الاولى من ١٨٤٣ إلى ١٨٤٨ وتستمر الاخرى من ١٨٤٨ حتى استقلاله في ١٨٤٩.
لم يكن نجيب باشا في الفقرة الاولى من حكمه قد فقد بعد كل الامتيازات التي كان اسلافه يتمتعون بها فاظهر نفسه مواصلاً نشطاً لسياسة سلفه علي رضا الذي سعى لان يجعل هذه المنطقة العاصفة والثائرة على الدوام خاضعة لاسطنبول خضوعاً تاماً. فقد تمكن بعد وصوله إلى بغداد مباشرة من الاقتصاص من عشائر الخزاعل الثائرة التي كانت تقطن في الاهوار الواقعة على جانبي الفرات بين السماوة والهندية ، ومن الدليم في ضواحي الفلوجة (١) ، كما انه اقتص بدرجة لا تقل شدة عن ذلك من بني لام
__________________
(١) خورشيد افندي ، المصدر السابق ، ص ١٦٥.